علقت الكاتبة والناشطة في حقوق الإنسان تسليما بيغوم على مثول الحاكمة الفعلية لميانمار أونغ سان سو تشي أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي للدفاع عن بلادها ضد تهمة الإبادة الجماعية لمسلمي الروهينغا، بأنه يجب عليها أن تتناول التكتيك الرئيسي للجيش ألا وهو الاغتصاب.
وروت بيغوم في مقالها بصحيفة إندبندنت قصة ضحية من مئات الضحايا اللاتي التقتهن خلال السنوات القليلة الماضية وتعرضن لهذا الأسلوب الممنهج في اغتصاب نساء الروهينغا، الذي وصفته بأنه ليس نتاجا ثانويا للصراع في ميانمار وإنما إستراتيجية أصيلة فيه هدفها طرد سكان مستهدفين.
وتحكي الكاتبة قصة أمينة، وهي أم لطفل كان عمره شهرين، عندما اقتحم الجنود الميناماريون بيتها مدججين بالمسدسات والسكاكين فقتلوا زوجها برصاصة في رأسه وعندما بدأ رضيعها يبكي جذبه أحد الجنود وحطم رأسه بحائط، ولم يرحم الجنود بكاء الأم على رضيعها بل ثبتها جنديان على الأرض واغتصبها ثالث، وبينما كانت تصرخ كادوا أن يخنقوها. ثم تمكنت أمينة من الفرار بعد أن أضرم الجنود النار في بيتها، والتقت الكاتبة في سبتمبر/أيلول 2017 عندما وصلت إلى بنغلاديش.
وتقول الكاتبة إن ضحايا الاغتصاب كن من كل الأعمار، من طالبات المدارس إلى الجدّات، وكل تحمل في ذاكرتها قصتها وتجربتها المروعة بأيدي الجيش الميناماري الذي كان يجبرهن على التعري بشكل كامل ويسوقهن إلى أكواخ كالماشية ويختار منهن اللائي يتم اغتصابهن بعيدا تحت تهديد السلاح. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل كانت الكثير من النسوة يقتلن وتشوه جثث الأمهات والأخوات والأصدقاء وتترك طافية في الوديان الموحلة.
وتقول بيغوم إن الأمر يتطلب شجاعة كبيرة للحديث عن ما لا يوصف، ومن هؤلاء مريم البالغة من العمر ثماني سنوات والتي أخبرتها كيف اقتيدت إلى أحد الفصول الدراسية وتناوب على اغتصابها عدد من الجنود، ولم يكن من الكاتبة إلا أن بكت من هول ما كانت تسمعه من مريم، فسألتها “هل أتوقف عن السرد؟” فقالت لها الكاتبة “رجاء استمري” والدموع تنساب ملطخة دفتر ملاحظاتها. وقبل أن تغادر قالت والدة مريم “لسنا بحاجة إلى تعاطف.. نحن نريد العدالة”.
وترى الكاتبة أنه بما أن الاغتصاب كان عنصرا أساسيا في اضطهاد ميانمار للروهينغا فإنه يجب وضعه في قلب القضية، وإذا كان الأمر كذلك فستكون هذه هي المرة الأولى التي تتم فيها محاكمة الاغتصاب باعتباره إبادة جماعية في المحكمة الجنائية الدولية.
وهذا ينطوي على إمكانية تعزيز قانون دولي مناصر للمرأة وتعزيز العدالة والمحاسبة في قضايا الاغتصاب في زمن الحرب في المستقبل، بحسب الكاتبة.
وتضيف أنه على الرغم من شيوعه فإن الاغتصاب كان منذ مدة طويلة جريمة حرب غير مرئية. فالعنف ضد المرأة يبدو أنه يفلت من العقاب لأنه لا يزال ينظر إليه باعتباره جريمة خاصة يرتكبها أفراد وليس جريمة عامة يرتكبها عملاء الدولة. وإذا كان يجب احترام الحقوق الإنسانية للمرأة في الحرب والسلم فيجب نبذ هذه الحدود الوهمية بين العام والخاص.
وختمت الكاتبة مقالها بأن العنف الجنسي الذي يرتكبه الجيش الميانماري ضد الروهينغا أمر أساسي في القضية المرفوعة ضد ميانمار، ويلزم المحكمة الجنائية الدولية باتخاذ كل ما يلزم لضمان التحقيق في هذه الجرائم بشكل صحيح، وأي شيء آخر سوف يفشل في تحقيق العدالة وسيقوض سلطة المحكمة، وهذه هي فرصة المحكمة لتغيير ذلك.
المصدر : إندبندنت