ووصف الباشا الوضع الاقتصادي الذي يمر به قطاع غزة، خلال العام الماضي وبداية العام الجاري بـ”الصعب جداً”، متوقعا أن تستمر حالة التدهور الاقتصادية شهراً بعد شهر.
وأكد أن قيمة الأموال التي تحصلها وزارته من البضائع التي تدخل عبر معبر رفح البري تقدّر بـ 8 ملايين شيكل (2.15 مليون دولار) شهريا.
في حين أن ما يتم توريده إلى وزارة المالية بمدينة رام الله من قطاع غزة عبر “المقاصّة” والجبايات الأخرى المحلية، يصل إلى 100 مليون دولار شهريا.
ولفت إلى أن ما تصرفه الحكومة الفلسطينية على غزة لا يتجاوز نصف ذلك المبلغ (أي 50 مليون دولار)؛ حيث يشمل نفقات الحكومة بغزة رواتب موظفيها (35 ألفا) ونفقات وزارة التنمية الاجتماعية، ونفقات تسديد فاتورة الكهرباء الموردة للقطاع من الضفة المحتلة.
وخلال 2017 انخفض عدد شاحنات البضائع الواردة عبر معبر كرم أبو سالم، من 700 شاحنة يوميا إلى 450 شاحنة خلال 2018، بحسب الباشا.
“نصف عدد الشاحنات الـ450، محمّلة بمواد البناء من إسمنت وحديد وحجارة، فيما يحمّل جزء كبير من النصف الثاني بـ”المساعدات”.
أسباب التدهور
أرجع الباشا التدهور الاقتصادي في قطاع غزة لعدة أسباب أبرزها “الاحتلال الصهيوني والحصار المشدّد على قطاع غزة منذ 2007”.
لكن بعد 2017، يرى الباشا أن الحصار المفروض على القطاع بات مزدوجا يفرضه كل من “الاحتلال والسلطة الفلسطينية”؛ من خلال فرص سياسات اقتصادية على القطاع.
وبرر الباشا ذلك، بأن السلطة فرضت قيودا أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد بغزة؛ من بينها الامتناع عن دفع ثمن فاتورة الكهرباء الموّردة من الضفة المحتلة.
وقال في ذلك الصدد:” أثر ذلك بشكل كبير على المصانع والشركات، فالمصانع التي كانت تعمل لمدة 8 ساعات يوميا باتت تعمل بعد امتناع السلطة عن دفع الفاتورة لمدة 4 ساعات، ما أدى إلى إيقاف العمل في المصانع، وتسريح أعداد كبيرة من العمّال”.
السياسات الاقتصادية
قال الباشا، إن السلطة الفلسطينية فرضت منذ استلامها للمعابر في نوفمبر 2017، “زيادات جمركية” على البضائع التي تدخل قطاع غزة، بخلاف الجمارك والضريبة المضافة التي يدفعها التاجر في ميناء “أسدود” ، حيث مكان تخليص البضائع المستوردة للفلسطينيين.
وقال في ذلك الصدد:” نفس السلعة التي يشتريها تاجر غزة من الخارج وتفرض عليها زيادة جمركية، لو اشتراها تاجر الضفة الغربية لا تفرض عليه زيادات”.
وبيّن أن تلك السياسة دفعت بعض التجار لوقف استيراد البضائع من الخارج وشرائها بشكل مباشر من بعض مستورديها.
وعن الخصومات المالية التي طالت رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة، قال الباشا إن تلك الخصومات أثّرت بشكل كبير على السيولة بالقطاع وعلى القدرة الشرائية للمواطنين.
كما ساهمت سياسة التقاعد المبكّر (الإجباري) التي نفّذتها الحكومة الفلسطينية بحق الآلاف من موظفيها بغزة بتردي الأوضاع الاقتصادية، قلّصت أعدادهم من 58 ألف موظف إلى 35 ألفا فقط.
الموازنات التشغيلية للوزارات
أكد الباشا أن الحكومة الفلسطينية برام الله، لم توفّر أي موازنات تشغيلية لوزاراتها في قطاع غزة، عدا توفير بعض السلع والمستلزمات الطبية لوزارة الصحة والشؤون الاجتماعية للأفراد الفقراء الذين يستفيدون من خدماتها.
وتحصل وزارات قطاع غزة على مصاريفها التشغيلية من الأوامر المالية التي تصدرها وزارة المالية بغزة، بشكل دوري، وفق الباشا.
وقال في ذلك الصدد: “المفترض أن يكون هناك موازنة واحدة من الحكومة للوزارات، لكن لم تصرف الحكومة أي موازنة تشغيلية أو رواتب للموظفين أو توفير أي مصاريف رأسمالية لغزة”.
دفع وقف مصاريف الوزارات، وزارة المالية في غزة، لـ”إعداد خطة مالية لتسهيل أمور الوزارات بغزة؛ حيث تختلف الخطة من عام لآخر بناء على التحصيلات المالية”، بحسب الباشا.
تلك المبالغ يتم تحصيلها، وفق الباشا، عن طريق “الضرائب المحلية كضريبة القيمة المضافة والدخل”.
وأوضح أن إيرادات قطاع غزة انخفضت عقب تسليم حركة “حماس” معبر كرم أبو سالم للسلطة الفلسطينية.
وفي الأشهر الأولى من استلام السلطة للمعبر، وصلت قيمة الإيرادات إلى 40 مليون شيكل شهري.
وأرجع الباشا ذلك إلى تهرّب التجار من دفع “الكشوفات الدورية والإقرارات الضريبية خاصة ضريبة الدخل إلى جانب سياسة تهريب البضائع والتهرّب الضريبي”.
ويؤكد الوكيل المساعد لوزارة المالية أن الإيرادات الشهرية لا تغطّي النفقات العامة للقطاع؛ حيث تصرف الوزارة رواتب الموظفين بغزة بنسبة 40 بالمائة كل 45 يوما، كما أن الأوامر المالية للمصاريف الوزارات تصرف كل شهرين مرة واحدة.
المعبر التجاري
وفي حديثه عن معبر كرم أبو سالم، جنوبي قطاع غزة، والذي سلّمته حركة “حماس” للحكومة الفلسطينية بداية نوفمبر 2017، قال الباشا:” إنه خاضع منذ ذلك الوقت لسيطرة الحكومة”.
وأكّد الباشا أن كافة الضرائب التي يتم تحصيلها عبر المعبر يتم تحويلها لوزارة المالية برام الله، ولا يتم توريد أي مبلغ لوزارة غزة.
كما أكّد الباشا أن الحكومة تجبي نحو 10 ملايين شيكل شهريا من الزيادات الجمركية على البضائع التي تدخل المعبر.
وأشار إلى أن “الجمارك والضريبة المضافة يتم تحصيلها في ميناء أسدود، ويقوم الاحتلال بتوريد 97 بالمائة من قيمة تلك الضرائب للسلطة في رام الله مباشرة عبر المقاصّة”.
معبر رفح
وعن استخدام معبر رفح جنوبي قطاع غزة، المخصص للأفراد لإدخال البضائع التجارية، قال الباشا إنه منذ 2017 بدأت البضائع بالدخول إلى غزة عبر المعبر.
ويُفرض على البضائع التي تدخل عبر المعبر، وفق الباشا، نفس التعرفة الجمركية الموجودة وضريبة القيمة المضافة بسعرها 16 بالمائة.
لكن نظراً لارتفاع تكلفة البضائع المصرية على التاجر المستورد ارتأت وزارة المالية تخفيض قيمة الضرائب والجمارك التي يتم تحصيلها من هؤلاء التجّار.
ويرجع الباشا ارتفاع تكلفة البضائع الواردة لغزة عبر معبر “رفح” لارتفاع تكلفة نقلها وتأمينها نظراً للوضع السائد في سيناء.
واستكمل قائلاً:” اليوم أصناف محدود من البضائع تدخل غزة، كالطحين ومواد التنظيف والإسمنت والبترول والغاز، حيث تفرض على الاصناف الغذائية والاسمنت ضرائب منخفضة”.
زيارة “الكيالي” لمصر
وعن الزيارات المتكررة التي يجريها يوسف الكيالي وكيل وزارة المالية بغزة إلى العاصمة المصرية القاهرة، قال الباشا إن تلك الزيارات جاءت لثلاثة أهداف.
الأول، وفق الباشا، وهو السعي لتخفيض التكاليف المرتفعة للبضائع المصرية الموّردة لغزة.
وأما الثاني فهو متعلق بالبضائع المستوردة من دول أخرى عبر مصر، فهناك مطالبة بأن تدخل عبر “البيان الجمركي الترانزيت”؛ أي لا تجمرك في غزة.
والهدف الثالث فهو مرتبط بـ”عمل التسهيلات اللازمة لتصدير بعض المنتجات من غزة إلى الخارج عبر مصر”.
وحول قرار وزارة الاقتصاد بغزة القاضي بفرض رسوم جمركية على استيراد بعض أنواع السلع التي لها بديل محلي، قال الباشا إن تلك الرسوم شملت بداية نحو 95 صنفا لكنّها تقلّصت اليوم إلى 13 صنفا فقط.
;