ذكرى داليدا ولعنة الانتحار

3499 ‎مشاهدات Leave a comment

انتحرت المغنية الفرنسية، إيطالية الأصل، داليدا، 3 مايو 1987، بعد أن تعاطت جرعة زائدة من الأقراص المنومة، وتركت الرسالة التالية: “سامحوني، فقد أصبحت الحياة غير محتملة بالنسبة لي”.

ولدت أيولاندا كريستينا جيليوتي في القاهرة، 17 يناير 1933، في عائلة من المهاجرين الإيطاليين ممن هاجروا من كالابري إلى مصر، حيث كان والدها، بييترو جيليوتي، يعمل عازفا محترفا لآلة الكمان بأوركسترا دار الأوبرا المصرية، وكانت والدتها جوزيبينا جيليوتي تعمل خياطة.

وحصلت أيولاندا على لقب “ملكة جمال مصر” في عام 1954، وتسببت صورتها على غلاف إحدى المجلات وهي ترتدي لباس السباحة في فسخ خطوبتها، لكنها حصلت على بعض الأدوار في أفلام مثل “قناع توت عنخ آمون”، “الكأس والسيجارة” وغيّرت اسمها إلى “دليلة” نسبة إلى قصة “شمشون ودليلة” من العهد القديم.

وسافرت إلى باريس في نهاية عام 1954، وهناك تعرضت للعديد من المتاعب بسبب غياب فرص العمل، لكنها تعرفت على رولان بيرجيه الذي درست على يده الغناء، ثم تعرفت على الكاتب، ألفريد ماشار، الذي أشار عليها بتغيير إسمها إلى “داليدا”.

وفي قاعة “أوليمبيا” العريقة في باريس، تعرف عليها مدير القناة الإذاعية “أوروبا-1” لوسيون موريس، الذي أنتج لها أول اسطوانة عام 1956، لكنها لم تنجح كثيرا، وكان النجاح من نصيب الاسطوانة الثانية التي غنت فيها داليدا أغنية “بامبينو” لتصبح في قائمة أفضل 10 أغان لمدة 45 أسبوعا، وبيعت منها حتى عام 1957 أكثر من 300 ألف نسخة. وفي عام 1958 غنت داليدا في الولايات المتحدة الأمريكية، وعادت إلى القاهرة عودة المنتصرين عام 1959، بعد أن نالت شهرة عالمية.

حصلت الفنانة على الجنسية الفرنسية، عام 1961، وأبقت على الإيطالية، وتزوجت من لوسيون موريس وربطتها به علاقة مدتها 5 سنوات، لكنها تعرفت على رسام بولندي أثناء رحلتها الفنية في نفس العام، واضطرت إلى الطلاق من موريس بعد زواج رسمي دام عدة أشهر.

وفي عام 1963، حصلت على لقب “فارس في مجال الفنون والآداب” من الحكومة الفرنسية، وتعرفت عام 1966 على المغني لويجي تينكو، وغنت معه في مهرجان سان ريمو عام 1967 أغنية “وداعا يا حبي، وداعا”، لكن الأغنية لم تعجب الجمهور، ولم تمر إلى التصفية النهائية، فما كان من تينكو سوى أن أطلق على نفسه الرصاص، وعادت داليدا إلى الفندق لتجده غارقا في دمائه، ولتصطدم للمرة الأولى بلعنة الانتحار.. اللعنة التي طاردتها حتى طالتها، حتى أنها حاولت آنذاك الانتحار للمرة الأولى، وأنقذت في اللحظة الأخيرة، وأمضت 90 ساعة في غرفة العناية المكثفة.

في عام 1970، أطلق زوجها السابق لوسيون موريس على نفسه الرصاص، بعد أن تزوج من أخرى وكان يعاني من الاكتئاب.

وبعد عامين من تلك الحادثة، في عام 1972، تعرفت داليدا على الرسام والمغامر الفرنسي ريشار شانفريه، والشهير بلقب “غراف سان جيرمان”، كما تعرفت داليدا على آلان ديلون عام 1973 وغنت معه أشهر أغانيها “كلمات، كلمات” (Parole, Parole)، والتي أصبحت من أشهر الأغاني الفرنسية على الإطلاق. وفي عام 1977 غنت داليدا أغنيتها الأشهر في مصر والوطن العربي “سالمة يا سلامة” والتي أصبحت الأغنية رقم 1 في 17 دولة حول العالم، وانتشرت بأربع لغات: العربية، الفرنسية، الألمانية، الإيطالية.

أحد تماثيل داليدا في باريس

وعلمت داليدا في عام 1982 بانتحار ريشار شانفريه، بصحبة صديقته بسبب الديون، بإغلاق سيارتهما وتسريب العادم إلى داخلها. كان شانفريه الرجل الثالث في حياة داليدا الذي ينهي حياته بالانتحار، لكنه كان أقربهم إليها وكانت علاقتها به أطول علاقة واستمرت 9 سنوات، وانفصلت عنه قبل موته بعامين.

وفي محاولة للخروج من حالات الاكتئاب التي كانت كثيرا ما تلازمها، قامت داليدا، عام 1986، ببطولة فيلم المخرج المصري يوسف شاهين “اليوم السادس”، ونال الفيلم شهرة واسعة.

مقبرة داليدا في فرنسا

وعاد الاكتئاب ليتمكن من داليدا، في عام 1987، لكنها لم تتوقف عن الإبداع، وكانت بصدد بطولة عرض موسيقي بعنوان “كليوباترا” كانت تقرأ السيناريو الخاص به، ثم كان حفلها الأخير في أنطاليا كامل العدد وحقق نجاحا كبيرا، لكن فوبيا الانتحار التي لحقت بها منذ عام 1967 دفعت بها إلى الحافة من جديد، ولكن دون رجعة هذه المرة، حيث تجرعت المنوم وتوفيت، في 3 مايو 1987.

كانت جنازتها وداعا مهيبا حضرته باريس بأكملها، وكرمتها فرنسا بوضع صورتها على طابع بريد، وأقيم لها تمثال بالحجم الطبيعي على قبرها.

المصدر: وكالات