أبو مرزوق لـ”ميدان”: تخيلوا الضفة الغربية دون تنسيق أمني وكتائب القسام ستفاجئ الجميع!

446 ‎مشاهدات Leave a comment
أبو مرزوق لـ”ميدان”: تخيلوا الضفة الغربية دون تنسيق أمني وكتائب القسام ستفاجئ الجميع!

عقِبَ التصعيد الأخير بين المقاومة الفلسطينية وقوات الاحتلال الإسرائيلي وما تلاها من تهدئة “باردة”، تظهر وكأنها تأجيل للحرب لا إيقاف لها، وتزامنا مع مرور عام على مسيرات العودة، والتظاهرات الاقتصادية والحقوقية التي اندلعت في قطاع غزة مؤخرا والتي قابلتها الأجهزة الأمنية في غزة بالقمع، واستمرارية فشل جهود المصالحة الفلسطينية، وتزايد وتيرة التطبيع العربي، يبدو المشهد الفلسطيني وفق هذه الملامح العَرَضيّة مرتبكا، ومُربكا، في الآن ذاته، وواقفا على أرضية سائلة وسط كل هذه التغيرات الإقليمية والدولية. ولذلك، اتجهنا في “ميدان“، لإجراء مقابلة مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، الدكتور موسى أبو مرزوق، ساعين عبرها لطرح عدد من الأسئلة المطروقة على المستوى الشعبي، ورغبة في فهم الكيفية، والتصورات، التي ترى بها إحدى القيادات الفلسطينية المؤثرة، كالدكتور أبو مرزوق، الأحداث الدائرة في المشهد.

     

ميدان: بعد مرور عام على مسيرات العودة، يتساءل الكثيرون عن جدواها من الأساس في الحين الذي لا يبدو أنها حققت طيلة الفترة السابقة أي إنجاز ملموس سوى استنزاف طاقات الشعب كما يقول متابعون؟

أبو مرزوق: مسيرات العودة الكبرى هي امتداد للانتفاضات الشعبية التي قام بها الشعب الفلسطيني لمقاومة المحتل الصهيوني، حيث أعادت إحياء السردية الأولى للقضية الفلسطينية بنقائها، وعززت إبراز حق العودة حقا أصيلا لم يتنازل الأبناء عنه، وأوصلت هذه الرسالة إلى العالم مما ساهم في التأثير الإيجابي على الرأي العام العالمي، بالإضافة إلى أن هذه المسيرات وضعت مسألة حِصار غزة على أجندة القوى الإقليمية والدولية وأن مليوني فلسطيني يرفضون الخضوع ومستمرون في مساعيهم لفك الحصار اللا إنساني عنهم.

  

وعلى صعيد العلاقات الفلسطينية-الفلسطينية، تُعتبر مسيرات العودة تعبيرا عن روح المقاومة الشعبية التي يتوافق عليها جميع قوى شعبنا، وهي ترجمة حقيقية وفاعلة للعمل الفلسطيني المشترك، حيث عملت قوى شعبنا بروح وطنية في ظل قيادة مشتركة للهيئة العُليا لمسيرات العودة وكسر الحصار، وانعكست كذلك على العمل المقاوم بتشكيل غرفة العمليات المشتركة للمقاومة.

   

  

ومسيرات العودة هي فعل شعبي وبتنسيق فصائلي وحدوي، ودعمنا للمسيرات ينسجم مع إستراتيجية الحركة التحررية والتي تتبنى المقاومة بكافة أشكالها والسعي المستمر لامتلاك مُقدّرات القوة على اختلاف طبيعة الأدوات المتاحة وتوظيفها في معركة التحرر الوطني، ونحن نؤمن بقوة شعبنا ونراهن عليه في صد المؤامرات التي تواجهه.

   

كما ساهمت مسيرات العودة بتوجيه الانفجار الشعبي في وجه صانع الحصار نفسه، وأعادت الاعتبار لقوى الشعب الفلسطيني الذي نؤمن بقوته، ونبهت إلى أن هناك قرارات دولية متعلقة بقضية اللاجئين وعودتهم منذ سبعين عاما، وأشارت بوضوح إلى عنصرية الكيان وهمجيته في التعامل مع المسيرات السلمية كما أشارت هيئة حقوق الإنسان الدولية في تقريرها الأخير.

   

وما يجري من مباحثات حول تفاهمات إنسانية تتعلق بتفكيك الأزمة الإنسانية في غزة هي نتاج مباشر لقوّة واستمرار هذه المسيرات، والتي تهيء الآفاق نحو تخفيف حدّة الحصار المفروض على القطاع، دون وجود أي التزامات سياسية، ونحن نريد رفع الحصار عن قطاع غزة وأن يعيش شعبنا بكرامة وعزّة.

   

وفي ظل تحقيق المسيرات لنموذج عمل فصائلي مشترك على مدار عام كامل، فإن المسيرات فتحت المجال واسعا أمام الجماهير لتنخرط في عمل مقاوم مباشر ضد المحتل الإسرائيلي ولظهور الإبداعات الفلسطينية، وساهمت في التأثير الإيجابي على الوعي الفلسطيني بحقوقها وبخلق قيادات ميدانية شابة في صُعد مختلفة، كما أن للمسيرات إسهاما مباشرا في رفض صفقة القرن ورفضها بصوت شعبي هادر في ظل صمت عربي ودولي مُحزن، وخلقت أجواء ساهمت في كبح الأنظمة المتساوقة معها، ومعلوماتنا تُشير إلى أنها أربكت حِسابات مهندسي صفقة القرن.

     

  

ولا يخفى على أيٍّ منا أن لكل عمل مقاوم ثمنا، وإذا عجزنا عن دفع الثمن فلا يمكن أن نحرك ساكنا في قضايانا الوطنية، خاصة ونحن نرى انغلاق أفق التسوية السياسية وانتهاكا للاتفاقيات الموقعة وعجزا واضحا عن فعل شيء في اتجاه عدونا مهما كان هذا الشيء بسيطا، إلا أن ثمنها أكبر من المواجهات المباشرة لقوى المقاومة، وذلك لأن الأولى كل أطياف الشعب مشارك فيها وأن الثانية فئة منتقاة.

  

ميدان: مؤخرا، وفي مشهد يعود بنا لسنوات الربيع العربي، تصدّت الأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس في قطاع غزة لمتظاهري حراك “بدنا نعيش” ضد “غلاء الأسعار والأوضاع المعيشية الصعبة”، بحجة أنهم لا يحملون “تصريحا” للتظاهر، فبماذا تختلف حماس عن الأنظمة الديكتاتورية؟

أبو مرزوق: نحن مع الحريات العامة ومع سيادة القانون وإرساء قواعد العدالة الاجتماعية بين جميع شرائح شعبنا الفلسطيني، والحراك هو نتاج لشدة الحصار المفروض على قطاع غزة منذ 13 عاما، والانقسام الفلسطيني الذي بذلنا جهدنا لإنهائه وتحقيق الوحدة الوطنية، ثم جاءت العقوبات الجماعية التي يفرضها محمود عباس على قطاع غزة، الأمر الذي عقّد الحالة الإنسانية، والتي مسّت المواطن بشكل مباشر وتسبّبت بضرر كبير لشريحة واسعة في القطاع، وذلك ضمن خطة متدحرجة تهدف إلى تثوير المواطنين ضد حركة حماس، والوصول إلى إلحاق قطاع غزة بالضفة الغربية، وذلك بإقصاء حماس وليس بالحوار معها، والتفرد بالسلطة لا بالمشاركة معها.

   

قيادة السلطة الفلسطينية استغلت الظروف المعيشية لإثارة الفوضى تحت شعارات مطلبية، وهذه ليست المرة الأولى، فما زلنا نذكر حركة تمرد، وما حدث خلال ذكرى عرفات وذكرى الانطلاقة، وبين أيدينا معلومات موثّقة حول مخطط السلطة. وقد صاحب هذا الحراك تركيز إعلامي مكثّف واختلاق أكاذيب، وتضخيم من حجم الأحداث، في حين أن التجاوزات غير المقبولة في التعامل الأمني كانت في منطقة واحدة هي دير البلح، وامتلكنا الشجاعة، وهو واجب علينا، أن نعبر عن أسفنا عما حدث، فنحن حركة شعبية ونعيش في خندق واحد مع شعبنا ونعلم حجم المعاناة التي يعيشونها، ونحن مستمرون في معركة كسر الحصار لينعم شعبنا بالاستقرار والتنمية والأمن. وبلا شك أن الأخطاء التي حدثت تم الاعتذار عنها والإفراج عن كل المتسببين والمشاركين في هذه المظاهرات وزيارة كل المتضررين في هذه الأحداث، وأرجو المقارنة بين حجم هذه المظاهرات وما صاحبها من إعلام ودعاية وتشهير وبين المظاهرات التي كانت على الحدود في مواجهة الكيان الصهيوني وتبهيت نتائجها.

     

  

ميدان: بالعودة للتصعيد الأخير بين قوات الاحتلال والمقاومة في غزة، صرحت “حماس” أن الصاروخ الذي أُطلق من غزة باتجاه العمق الإسرائيلي أُطلق “بالخطأ”، فما مدى منطقية هذا التصريح خصوصا وأن مراقبين لاحظوا اتخاذ “حماس” إجراءات احترازية قبيل إطلاق الصاروخ كإلغاء اللقاء المفترض عقده بين رئيس حركة حماس يحيى السنوار وصحافيين لمناقشة آخر التطورات في القطاع؟

أبو مرزوق: مهندسو وحدة التصنيع في كتائب القسام يعملون في بيئة مُحاصرة، ومع ذلك وصلوا بإمكانياتهم المتواضعة وبمساندة الشعوب والقوى الداعمة للمقاومة إلى تطوير صواريخ أكثر دقة في التصويب إلى حد ما، وقادرة على حمل رؤوس تفجيرية أكبر من ذي قبل، وقادرة على الوصول إلى أهداف تتجاوز 120 كم، ومع ذلك قد يعتري عملها بعض الخلل نتيجة أنها تصنيع محلي، وعليه انطلقت تلك الصواريخ لخلل فني. ولم يتم اتخاذ إجراءات احترازية في الميدان قبل انطلاق الصاروخ، بما فيها قرار تأجيل لقاء الأخ أبي إبراهيم بعد انطلاق الصواريخ، والأنشطة الدورية التي يقوم بها الإخوة في قيادة مكتب غزة. وأريد أن أشير هنا إلى الآثار المترتبة على الصاروخ أكثر من انطلاقه بالخطأ أو عن قصد، ولعل آثاره واضحة بأن الحرب ليست نزهة، وأن زمن تلقي الضربات دون رد مؤثر قد انتهى، وأن المعادلات السابقة التي كانت تتحدث عن الردع قد انتهت، وأننا نأمل أن يصيبهم بعض ما أصابونا به من جراح وشهداء.

   

ميدان: وسط الظروف التي تشهدها المنطقة بشكل عام وقطاع غزة بشكل خاص، هل يحتمل الشعب الغزّيّ من الأساس الدخول في حرب ستكون قاسية بلا شك وسط هذا الاستنزاف الممتد؟

أبو مرزوق: المقاومة الفلسطينية وُلدت من رحم القاعدة الشعبية، وهي سلاحنا الإستراتيجي الذي لا نتخلى عنه، ولا يمكن بحال أن تتواجه المقاومة مع القاعدة الشعبية، فهم جسد واحد، وتقديرنا لهذه الحاضنة عالٍ جدا، خصوصا في ظل صبرها وعطائها، وما يميز المقاومة الفلسطينية أنها ليست مقاومة شريحة من شعبنا، وإنما متجذرة ويعمل بها جميع مكونات المجتمع كلٌّ في مجاله وفي تكامل فريد.

  

الاحتلال الإسرائيلي بطبعه عدواني ويمارس القهر على الشعب الفلسطيني، ونحن لسنا مُسعّري حرب، ونريد لشعبنا أن يحقق أهدافه بالتحرر والانعتاق من الاحتلال بأقل تضحية ممكنة، وبدونها إن أمكن، وجميع الحروب التي شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزّة لم نبادر بها، ونحن ضحية احتلال إحلالي مارس الإبادة الجماعية بحقنا والتطهير العرقي بحق شعبنا، وقاومنا بكل ما نملك دفاعا عن حقوقنا ونيابة عن الأمتين العربية والإسلامية، وهما أيضا محل استهدافه، ألم نشاهد ضربهم لبغداد وتونس وتحريضهم على طهران؟ ولا ننسى أنهم يُشكّلون بالنسبة لنا الظهير والسند.

     

قصف بالطائرات على مبنى بقطاع غزة (رويترز)

   

ونحن مقاومة عاقلة، ترى المصلحة الدقيقة لشعبنا وتنحاز إليها في ظل تعقيد المشهد وتداخل المتغيرات وسيولة المواقف والانقسامات الداخلية والبينية في منظومتنا الوطنية وفي أمتنا العربية والإسلامية، وبتقدير دقيق أيضا للمشهد الداخلي الإسرائيلي، وفي هذا السياق لن نسعى لحرب، ولكن إذا ما فُرضت علينا فسنقاتل بكل بسالة، وقد رأى الاحتلال الإسرائيلي جزءا من حجم التطور الهائل في القدرة الصاروخية للمقاومة الفلسطينية، وهذا على صعيد القوة الصاروخية فقط، وعندنا من الرجال من جرّبهم الاحتلال، وأساءوا وجهه، وقتلوا منهم العشرات وجرحوا أضعاف ذلك ولم يستطيعوا التقدم خطوة في داخل القطاع، وكان الشعب إلى جوارهم، وظننا في شعبنا كبير، وثقتنا بمقاومتنا عظيمة.

   

ميدان: ما سيناريوهات التصعيد إذا ما خُرقت التهدئة من أحد الطرفين؟

أبو مرزوق: طالما هذه التهدئة تصب في صالح المواطن الفلسطيني ولا تمس ثوابت القضية الفلسطينية أو حقوقنا الوطنية وحقنا في مراكمة القوّة فإننا منفتحون على هذه التهدئة، فنحن ندور حيث تدور مصلحة قضيتنا وشعبنا، ونحن نبذل قصارى جهدنا لنكون على جاهزية للتعامل مع أي سيناريو محتمل، مع التأكيد أننا لا نرغب بالتصعيد العسكري وجاهزون له إن وقع.

  

ونحن لا نستبعد أن الاحتلال يريد أن يمرر هذه الفترة وصولا للانتخابات حيث إنه لا يريد تأجيلها، ولأسباب متعلقة بنتنياهو نفسه حيث إنه الآن في أحسن أحواله من تأييد أميركي واضح والاعتراف بضم الجولان للكيان الصهيوني، وقد سبقه الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان ونقل السفارة الأميركية إليها، وليوقف ترامب المساعدات للفلسطينيين بكافة تفصيلاتها، سعيا منه لإنهاء مشكلة اللاجئين، وانسحبت أميركا من الاتفاقية النووية مع إيران وشكّلت حلفا في المنطقة لمواجهة إيران أيضا، بالإضافة إلى حملة التطبيع في المنطقة والعلاقات السرية والعلنية مع بعض العرب والكيان الصهيوني في أحسن أحواله، ويخشى كذلك نتنياهو من تأجيل الانتخابات أن يذهب إلى السجن في قضايا الفساد المرفوعة ضده. وعهدنا مع هؤلاء أنهم كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم، ولذلك نتوقع منهم الحرب، وتشير بعض التقديرات إلى احتمالية وقوعها في الصيف، ونحن مهما كانت السيناريوهات ستبقى المقاومة بكافة أشكالها وأحوالها وظروفها هي الإرادة الفاعلة لتحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة.

   

  

ميدان: أين وصلت الوساطة المصرية بين حماس وإسرائيل لوقف إطلاق النار ورفع الحصار عن قطاع غزة؟ وهل سيشهد هذا العام تحولا في العلاقات بين “حماس” وإسرائيل وسط التحولات التي نشهدها في بعض البلاد العربية في تطبيع العلاقات مع إسرائيل؟

أبو مرزوق: نحن في قيادة حركة حماس نُريد لجهود الوساطة أن تؤتي ثمارها ويشعر بها المواطن الفلسطيني في قطاع غزّة، وقد سارت التفاهمات بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في عدّة مسارات أممية وإقليمية، وهي ما زالت مستمرة، ومن هذه الجهود ما يبذله الأشقاء المصريون وهي جهود مقدّرة ومهمة، وكذلك المنحة الكريمة التي تقدمت بها دولة قطر بالإضافة إلى جهودهم التي لا تُنكر، وكذلك الجهود الأوروبية والأممية، وهذه التفاهمات هي تفاهمات إنسانية لا يترتب عليها موقف سياسي، ويشترك في مجرياتها غالبية الفصائل الفلسطينية، وتهدف إلى تفكيك الأزمة الإنسانية بالقدر المتاح عبر توفير آلاف فُرص العمل للعاطلين عن العمل، وتوسيع مساحة الصيد لإعادة إحياء قطاع الصيد في غزة الذي تضرر بسبب الحصار، وتتعلق كذلك بملفات مثل الكهرباء والمياه وحركة المعابر والبضائع والأدوية، وربط ذلك بإيقاف الاعتداءات الإسرائيلية على الأسرى الفلسطينيين وإيقاف الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى.

   

ويُقلّل البعض من هذه الإنجازات تبهيتا لها وكأنها لا تغير واقعا عبر وسائل مختلفة، ولهم نقول إن قطاع الصيد مصدر أساسي للمواطنين في قطاع غزة عبر عقود من الزمن، وإننا لم ننس أي قطاع من أبناء شعبنا، والعمال ورجال الأعمال تم السماح لهم بتصاريح العبور، وسُمح بالاستيراد لحاجيّات الصناعة والزراعة في القطاع، وفي قطاع الصحة تم الاتفاق على تغطية العجز في الأجهزة والمعدات والأدوية، وفي قطاع الأُسر الفقيرة تم مساعدة عشرات الآلاف من هذه الأُسر، وفي مجال تشغيل العاملين كان هناك برنامج لتشغيل آلاف منهم، ونحن نقول كل ذلك لا يعالج المشكلة، وندفع باتجاه المعالجات طويلة الأمد ولا سيما وحدة الضفة والقطاع بسلطة واحدة وقيادة واحدة عبر شراكة وطنية وخيارات شعبية، لا عبر إلحاق غزة بالضفة، ولا عبر إلحاق الضفة بغزة، وعبر الحوار والشراكة، لا عبر الضغوط والعقوبات.

      

وفد أمني مصري يصل قطاع غزة عبر معبر بيت حانون للقاء قيادة حماس والفصائل الفلسطينية (الجزيرة)

  

ميدان: بعد أعوام على جهود المصالحة الفلسطينية، ما أبرز العراقيل الذي شهدها العام الماضي في هذا الملف؟ وأين وصلت الجهود العربية، خاصة المصرية منها، في تحقيق المصالحة؟

أبو مرزوق: أبدينا مرونة عالية، وقدّمنا التنازلات تلو التنازلات لأجل شعبنا ولأجل الخروج من المأزق الوطني الفلسطيني، ولم نتخلف عن أي دعوة لرأب الصدع، وبالرغم من امتلاكنا الأغلبية فإننا تنازلنا عن الحكومة، قمنا بحل اللجنة الإدارية، وقمنا بتسليم المعابر وتمكين الوزراء من ممارسة مهامهم، وألحقنا بالوظيفة العمومية آلافا من القاعدين، ومع ذلك تضع حركة فتح العراقيل أمام الوحدة الوطنية وترفض المشاركة السياسية، واستبدل محمود عباس بحكومة التوافق الوطني برئاسة رامي الحمد الله حكومة أخرى دون تشاور وخارج العملية المؤسسة، وأصبحت حكومة فتح، وإن أضافوا لها من رضي بأن يكون ملحقا في ركاب هذه الحكومة.

  

ونحن لدينا موقف واضح بأننا نريد الخروج من المأزق الوطني، فنحن منفتحون لتوافق فصائلي، وإن لم نستطع نذهب إلى انتخابات عامة، وأكّدنا موقفنا المؤيد لعقد انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة، ومع أهمية انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني فإننا وافقنا على تأجيله لأجل تسهيل عملية الانتخابات، في حين تُصر حركة فتح على انتخابات تشريعية فقط كما في كتاب التكليف للدكتور اشتية وهذا مرفوض بالنسبة لنا.

   

وفي ظل الوحدة الوطنية وغياب المشروع الوطني أصبحت مواجهة العدو الإسرائيلي مسألة ثانوية لدى عدد من قوى شعبنا، كما استنزف الخلاف جهودنا وذهبت في معارك في غير مكانها، ونحن في حركة حماس همنا وشغلنا الشاغل توحيد الفلسطيني على مشروع وطني موحّد، وطالبنا بذلك مرارا، وقمنا بالعديد من الخطوات لأجل ذلك. وفي اعتقادنا أن المؤامرات التي تُحاك ضد قضيتنا الوطنية لا يمكن أن نواجهها منقسمين ويجب أن نوحّد جهدنا ونستنفر طاقاتنا ونستعين بالعرب والمسلمين والأصدقاء، ونريد أن يكون لنا كفلسطينيين مشروع وطني مرحلي يتوافق عليه جميع مكونات شعبنا وتلتقي فيه على المشتركات دون أن يلغي المشروع الوطني خصوصية كل طرف، ويستند المشروع إلى مقاومة الاحتلال الإسرائيلي بجميع الوسائل والأدوات المتاحة وعلى قاعدة استرداد الحقوق الوطنية.

     

  

ونحن منزعجون لعدم تكلل جهود المصالحة بالنجاح، فجميع جهود رأب الصدع الداخلي الفلسطيني تصطدم بتعنّت محمود عبّاس، والمصالحة اليوم -بكل أسف- في جيب أبو مازن، فهو من يعطلها، وهذا بشهادة مكونات شعبنا والوسيط المصري وقوى إقليمية أخرى. ونحن منفتحون على أي حل يهدف لطيّ صفحة الانقسام حتى وإن تطلب ذلك إجراء حِوارات المصالحة على مرأى ومسمع مباشر من شعبنا ليكون الحكم والفيصل، وذلك وفق المحددات التالية:

  

– وحدة فلسطينية على أساس الشراكة الوطنية وعدم الهيمنة أو التفرد في الشأن الفلسطيني من قِبل أي فصيل.

– التوافق على حكومة إحدى مهامها الرئيسة الإشراف على الانتخابات خلال فترة قصيرة ومحددة، وتوحيد مؤسسات الضفة والقطاع وإنهاء كل آثار الانقسام، وتطبيق ما تم الاتفاق عليه وعلى رأسه اجتماع لجنة المنظمة باعتبارها الإطار القيادي المؤقت، وممارسة المهام التي تم الإشارة إليها في اتفاق القاهرة 2011.

– يُمهد لاتفاق على برنامج وطني لمواجهة التحديات.

– العمل ضمن نظام سياسي فلسطيني موحد.

– عدم المساس بأيٍّ من الثوابت الفلسطينية.

– المشاركة ودون هيمنة في منظمة التحرير الفلسطينية وإصلاح مؤسساتها.

   

ميدان: أصبح مشهد المقاومة في الضفة الغربية يعتمد على العمليات الفردية التي قلّما تُنسب إلى فصيل، فهل هذا دليل على تراجع شعبية حركات المقاومة بين أوساط الشباب الفلسطيني؟

أبو مرزوق: مقاومة المحتل مسألة متجذّرة في وعي الفلسطيني، وهي ممتدة منذ الهجرات اليهودية إلى فلسطين، وكانت وما زالت الضفة الغربية مخزن البطولة، وموقعها الإستراتيجي يجعل من الأعمال الفردية البطولية صاحبة تأثير بالغ، والفلسطيني يبدع دائما في التكيف مع البيئة الصعبة التي تُضيّق على المقاومة. ويعود تراجع العمليات المنظمة لضرب البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية من قِبل الاحتلال الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية، ومع ذلك نحن مستمرون ولن نعدم الوسيلة وسيستمر شعبنا في مقاومته.

     

  

وأستطيع القول إن التنسيق الأمني هو الأساس في منع العمليات التي تواجه الاحتلال، وهذا موضع فخر الرئاسة الفلسطينية والأجهزة الأمنية، ولو توقف التنسيق الأمني ولو فترة وجيزة سنرى شعبنا ومقاومته وخياراته، وسنرى أن تمدد الاستيطان يتوقف وبعضه يبدأ بالتفكك وأن الاحتلال سيرحل بالمقاومة، أما التفاوض واستجداء الاحتلال لترك الأرض لتشكيل دولة فهذا حلم لن يتحقق في ظل سياسات السلطة.