دماء كثيرة سالت على إسفلت الطرق وأرواح كثيرة أزهقت في الحوادث المرورية المتكررة في القارة الأوروبية حتى أصبحت من أهم المشكلات التي تستنزف الطاقات البشرية والموارد المادية.
ففي واحد من أسوأ حوادث الطرق في أوروبا في السنوات الأخيرة، لقي ما لا يقل عن 38 شخصا مصرعهم وأصيب 10 آخرون بجروح خطرة مساء الأحد، عندما انقلبت حافلة كانت تنقل زواراً إيطاليين عن جسر قرب أفيللينو بمنطقة نابولي.
وفي إسبانيا خرج قطار سريع عن القضبان متسببا في مقتل 79 شخصا قبل يومين، بسبب إهمال السائق وقيادته القطار بسرعة كبيرة.
من جهتها قالت هيئة السكك الحديدية الفرنسية إن خللا في القضبان هو سبب حادث قطار آخر راح ضحيته 6 أشخاص منذ أسبوع. وأوضحت الشركة أن أحد القضبان تحرك من مكانه مسببا انحراف القطار عن مساره أثناء توجهه من باريس إلى إحدى مدن الجنوب.
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية تحصد الحوادث المرورية بالعالم أرواح أكثر من مليون شخص سنويا وتصيب 38 مليون شخص، خمسة ملايين منهم تكون إصاباتهم خطيرة.
“فتش عن السرعة”
وتقول مديرة أمن الطرقات في المجلس الأوروبي إيلان تاونسد أن “السرعة تحصد كل اليوم الكثير من الأرواح لهذا نريد اتخاذ جميع الإجراءات للتحكم فيها، وذلك بتحديدها في الطرقات وفرض احترامها عن طريق كاميرات المراقبة و دوريات الشرطة.”
وأشارت تاونسد إلى أن الإنترنت والتكنولوجيا لها دور كبير في وقوع الحوادث قائلة “نعم، نحن نعيش في مجتمع مرتبط بالإنترنت، لدينا دراسات تقول أن 20 إلى 30% من حوادث المرور سببها التصرفات السيئة أثناء القيادة كاستعمال الهاتف النقال بإجراء مكالمات أو إرسال رسائل قصيرة.”
وأضافت “مسألة استعمال الهاتف النقال، تعني أن الشائق غير مركز في القيادة، والشخص الذي نتحدث إليه لا يمكنه أن يرى بأننا في حاجة للانتباه خاصة أثناء تجاوزنا للإشارات الضوئية أو غيرها”.
وفى أغلب الأحيان تكون أسباب الحوادث المرورية تعب وإرهاق السائق، وانشغال السائق عن القيادة، وعدم التقيد بأنظمة المرور، وتتمثل مسؤولية العنصر البشري في المشكلات المرورية عن طريق تجاوز السرعة المحددة، ونقص كفاءة السائق، والمخالفات المرورية، والقيادة في ظروف مناخية سيئة أو القيادة في حالات نفسية وانفعالية قوية.
وقد أجريت أبحاث ودراسات مقارنة بشأن الأسباب السلوكية للحوادث في ألمانيا وفلندا وبريطانيا، وبينت أن نسبة الحوادث التي نجمت عن التعب كانت أعلى مما هو مسجل في ملفات الإحصاءات الرسمية.
وتقع الحوادث الناجمة عن تعب السائقين، بشكل أساسي، خلال السفريات الطويلة على شوارع رتيبة (قليلة التعرجات) بين الساعة الثانية بعد منتصف الليل والسادسة صباحاً، وبين الثانية والرابعة بعد الظهر. وفي بعض الأحيان تكون نسبة حوادث الطرق الليلية عشرة أضعاف حوادث النهار، وحتى أكثر.
وأوضح أحد التقرير أن السلوكيات السيئة ومخالفة التعليمات والقانون يمثل أكبر سبب للحوادث بنسبة 90% وأيضا يزيد من الحوادث تعاطي المخدرات أثناء القيادة وتكون النسبة الأكبر بين سائقي الأجرة والنقل.
صناديق سوداء
واقترح مهندسون أوروبيون تزويد السيارات بالصناديق السوداء التي تقوم باستنساخ البيانات عن حالة السيارة ثم جمعها وحفظها قبل ثلاثين ثانية من وقوع الحادث، وذلك لمعرفة وتحديد أسباب حوادث المرور.
وقال المتخصصون في هذا المجال إن هذا المشروع مفيد جدا لكونه يقوم بتسجيل تصرفات السائق وسرعة السيارة ومناوراتها، الشيء الذي يجعل الكثير من السائقين حذرين ويجبرهم على احترام قوانين المرور.
وقام مهندسون من الاتحاد الأوروبي بدراسة بينت أن التجربة كانت موفقة لكونها لها تأثير مباشر على السائقين، حيث قاموا بتزويد سيارات شرطة برلين بهذه الأجهزة، وفي ظرف أشهر قليلة انخفظت الحوادث بنسبة ۳٦%، أما بالنسبة لسعر الصندوق الأسود الواحد فسيكون بحدود ۱٥۰ يورو.
المصدر:وكالات