أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية (CNN)– قال مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق جون بولتون، في كتابه الجديد الذي حصلت CNN على نسخة منه، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، “طلب شخصيا من نظيره الصيني شي جين بينغ مساعدته في الفوز بانتخابات الرئاسة الأمريكية المقررة في نوفمبر تشرين الثاني المقبل 2020”.
وأوضح بولتون في كتابه، أن ذلك جاء في اجتماع بين الزعيمين في قمة مجموعة العشرين في مدينة أوساكا اليابانية في يونيو حزيران 2019، حيث حول الرئيس الأمريكي “بشكل مذهل” المحادثة إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية المقبلة، بحسب وصف مستشار الأمن القومي السابق.
وأضاف مستشار الأمن القومي السابق، أن ترامب “شدد على أهمية المزارعين وزيادة المشتريات الصينية من فول الصويا والقمح، في نتيجة الانتخابات”، مشيرًا إلى أنه أراد وضع كلمات ترامب في كتابه بدقة، “لكن عملية مراجعة للنشر من قبل الحكومة الأمريكية قررت خلاف ذلك”.
وبحسب وصف جون بولتون في كتابه، فإن “الحديث بين الزعيمين عاد إلى الاتفاق التجاري بين البلدين، ثم مرة أخرى تحدث ترامب في إمكانية شراء الصين للعديد من المنتجات الزراعية الأمريكية”.
الادعاء بأن ترامب طلب من زعيم خصم كبير للولايات المتحدة في الفوز بالانتخابات المقبلة، جاءت بعد 6 أشهر من اتهام ترامب بطلب المساعدة من أوكرانيا في محاولته إعادة انتخابه، حيث واجه الرئيس الأمريكي اتهامات بطلب صريح من أوكرانيا للتحقيق مع خصمه الديمقراطي، نائب الرئيس السابق جو بايدن، العام الماضي، بالإضافة إلى رفض قبول استنتاج وكالات المخابرات الأمريكية حول تدخل روسيا في انتخابات 2016 لمساعدته على الفوز.
تأتي هذه المزاعم في الوقت الذي تحاول فيه حملة ترامب جعل الصين قضية مركزية في انتخابات عام 2020، مما يجعل الرئيس يبدو أكثر صرامة مع بكين من منافسه بايدن.
كان هذا الكشف واحدًا فقط من عدة كتابات في كتاب بولتون الذي حمل عنوان “في الغرفة حيث حدث ذلك”، والذي خضع لمعركة قانونية استمرت شهورًا بين البيت الأبيض ومستشار الأمن القومي السابق.
وتصاعدت المواجهة بين ترامب وبولتون، الثلاثاء، بعد أن ذهبت إدارة ترامب إلى المحكمة لمحاولة استرداد أرباح بولتون للكتاب وإيقاف نشره، استنادًا إلى أن “بولتون انتهك اتفاقيات عدم الإفشاء، وكان يخاطر بالأمن القومي من خلال الكشف عن معلومات سرية”.
لكن الإجراء القانوني الذي اتخذه البيت الأبيض، لم يقدم الكثير في منع نشر تفاصيل كتاب بولتون للجمهور، حيث كشفت CNN ووسائل إعلام أمريكية أخرى، حصولها على نسخ من الكتاب المقرر صدوره رسميًا الأسبوع المقبل.
وبعد أن أثبت الرئيس الصيني، إمكانية إعادة فتح المناقشات التجارية بين البلدين، ادعى بولتون، أن ترامب امتدح الزعيم الصيني باعتباره “الأعظم في تاريخ الصين”، وفقًا لنسخة الكتاب التي حصلت عليها CNN.
بشكل عام، وصف بولتون تفاعلات ترامب مع الرئيس الصيني، بأنها “مدعومة بالتملق الشخصي، ومدفوعة بالطموح السياسي، بدلاً من السياسة”.
وكتب بولتون “أنا مضغوط بشدة، لتحديد أي قرار هام لترامب خلال فترة ولايتي بالبيت الأبيض لم يكن مدفوعًا بحسابات إعادة الانتخاب”، ووصف بولتون سلسلة من المسائل المتعلقة بالموقف الأمريكي تجاه الصين في عدد من الملفات، حيث قام ترامب بـ”تخريب موقف الولايات المتحدة على أساس المحادثات أو إيماءات الرئيس الصيني”، من بينها التعريفات الجمركية، والاتصالات، واحتجاجات هونغ كونغ، وحتى الاعتقال الجماعي للصين لمسلمي الأويغور، بحسب وصفه.
وجاء في كتاب مستشار الرئيس الأمريكي السابق، أنه “في العشاء الافتتاحي لاجتماع مجموعة العشرين في أوساكا في يونيو حزيران 2019، بحضور مترجمين فقط، شرح الرئيس الصيني لترامب لماذا كان يقوم ببناء معسكرات اعتقال في شينجيانغ. وفقًا لمترجمنا، قال ترامب إنه يجب على رئيس الصين المضي قدمًا في بناء المعسكرات، التي اعتقد ترامب أنها بالضبط الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله”، يكتب بولتون، على الرغم الموقف الأمريكي تجاه الملف. تابع بولتون “أخبرني كبير الموظفين في مجلس الأمن القومي في آسيا، ماثيو بوتينجر، أن ترامب قال شيئًا مشابهًا جدًا خلال رحلته إلى الصين في نوفمبر تشرين الثاني 2017”.
وتقدر وزارة الخارجية الأمريكية أن الحكومة الصينية احتجزت أكثر من مليون من الأويغور والكازاخستانيين من أصل قيرغيزى وأعضاء من الأقليات المسلمة الأخرى في معسكرات الاعتقال، حيث ورد أنهم يتعرضون لـ”التعذيب والمعاملة القاسية واللإنسانية مثل الاعتداء الجسدي والجنسي والسخرة والموت”، ووصف وزير الخارجية مايك بومبيو معاملة بكين للأويغور بأنها “وصمة القرن”.
وفيما يتعلق بالاحتجاجات الضخمة المؤيدة للديمقراطية في هونغ كونغ والتي جرت العام الماضي، ادعى بولتون أن ترامب قال إنه “لا يريد التورط”، و “لدينا مشاكل تتعلق بحقوق الإنسان أيضًا”. في الأسابيع الأخيرة، أعلن ترامب عن إجراءات ضد الصين لتحركاتها ضد الحكم الذاتي لهونج كونج.
وقال بولتون في كتابه، إن تحقيق “مساءلة ترامب” كان يجب أن يحقق في تصرفات الرئيس الأمريكي خارج أوكرانيا.
تفاعلات ترامب مع رئيس الصين شي جين بينغ، ليست الأمثلة الوحيدة على الإجراءات التي اتخذها الرئيس والتي يدعي بولتون أنها تثير القلق وكان ينبغي التحقيق فيها كجزء من التحقيق في الكونغرس الأمريكي، والذي ركز فقط على الأمور المتعلقة بأوكرانيا، وفقًا للكتاب.
وسلط بولتون في كتابه، الضوء على استعداد ترامب للتدخل في التحقيقات الجنائية “في الواقع، لتقديم خدمات شخصية للحكام الديكتاتوريين الذي يعجبونه”، مشيرًا إلى حالات تتعلق بالصين وتركيا. كتب بولتون: “يبدو أن النمط يشبه عرقلة العدالة كطريقة حياة لا يمكننا قبولها”.
ونشرت وسائل الإعلام الأمريكية تفاصيل كتاب بولتون بعد أن رفعت وزارة العدل دعوى قضائية في محكمة اتحادية يوم الثلاثاء، تزعم فيها أن كتاب بولتون المكونة من 500 صفحة “مليئ بالمعلومات السرية”، وقال المدعون إن بولتون تراجع عن عملية التدقيق الجارية في البيت الأبيض للكتاب.