عبر مسؤولون أميركيون في مؤتمر صحفي اليوم عن رضا واشنطن عن نتائج الهجمات الجوية التي شنتها على مواقع تابعة لميلشيات شيعية عراقية مقربة من إيران.
وعبر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر، ومسؤول الملف الإيراني بالخارجية الأميركية، براين هوك، عن أهمية الضربات الأخيرة لردع إيران وليس بالضرورة للتصعيد معها.
وأكد هوك أن وزير الدفاع الأميركي مارك أسبر قد أبلغ الجانب العراقي قبل شن الضربات على مواقع كتائب حزب الله العراقي، مشيرا إلى أن هذه الضربات تعزز الأمن العراقي ضد هجمات بعض المليشيات الإيرانية التي قتلت أيضا عددا من الجنود العراقيين في الآونة الأخيرة.
وكانت القوات الأميركية قد شنت خمس ضربات مساء الأحد استهدفت منشآت قيادة وتحكم تابعة لكتائب حزب الله العراقي، أحد أبرز الفصائل الموالية لإيران في الحشد الشعبي الذي يعد جزءا من القوات العراقية وتخضع بعض فصائله لهيمنة إيرانية.
رد أميركي
وجاءت الهجمات ردا على استهداف قاعدة عسكرية في كركوك بثلاثين صاروخا أدت إلى مقتل مواطن أميركي، حيث تعتقد واشنطن أن كتائب حزب الله العراقي متورطة في الهجوم.
وترى صحيفة وول ستريت جورنال أن تنفيذ الولايات المتحدة لهذه الضربات دليل على أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب فقدت الثقة في إرادة وقدرة القوات العراقية على الدفاع عن قواعدها في العراق.
وتقول الصحيفة إنها المرة الأولى التي تستهدف فيها الولايات المتحدة مليشيا شيعية في العراق وسوريا منذ 2014.
من ناحيته، أكد جودت بهجت، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة الدفاع الوطني بواشنطن، أن ما جرى يعد تطورا شديد الخطورة في إطار المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران، خاصة أن إيران تحاول الدفع ضد العقوبات وسياسة الضغط القصوى التي تنتهجها إدارة الرئيس ترامب ضدها منذ انسحابه من الاتفاق النووي.
غير أن بهجت يعتقد أن العراق قد وجد نفسه متورطا في نزاع بين حليفين قريبين من نظامه الحاكم. وطالما طالب المسؤولون العراقيون من طهران وواشنطن ألا يتخذا من العراق ساحة للمواجهة بينهما.
من جهته، يرى الخبير العسكري بمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا بجامعة الدفاع الوطني الأميركية، ديفيد دي روش، أن مليشيات عصائب أهل الحق وكتائب حزب الله تتلقى أوامرها من طهران، وتخدم بالأساس المصالح الإيرانية داخل العراق.
وأضاف دي روس “تدرك واشنطن جيدا حجم النفوذ الإيراني داخل العراق وتدرك رغبة إيران في استخدام عملائها، من هنا أخلت واشنطن قنصليتها في مدينة البصرة قبل الهجمات الأخيرة”.
وأكد دي روش أن بلاده لا تريد التصعيد مع إيران واصفا الهجمات بأنها “عملية محسوبة بدقة كبيرة”، فهي استهدفت مليشيات عراقية محسوبة على إيران ولا تخضع لسيطرة الحكومة المركزية في بغداد.
واعتبر مراقبون الغارة الأميركية رسالة تحذير لإيران ولحلفائها داخل العراق.
ولم يستبعد دي روش أن تُقدم واشنطن على “فرض عقوبات على مسؤولين عراقيين ممن يدعمون إيران ويتحالفون معها، كتلك العقوبات التي فرضت على مسؤولين لبنانيين متحالفين مع حزب الله.
تعميق التوتر
ومن شأن تلك الخطوة حال اتخاذها تعميق التوتر بين بغداد وواشنطن، خاصة مع إدانة الحكومة العراقية بشدة لهجمات واشنطن الأخيرة.
من ناحية أخرى، يرى دي روش أنه “لم يتوقع أحد وقوع هذه الهجمات، فإيران قامت بالعديد من خطوات التصعيد منذ الصيف الماضي (هجمات الفجيرة، وحجز السفينة البريطانية، وإسقاط الطائرة الأميركية المسيرة وأخيرا هجمات أرامكو)، وربما اعتقدت طهران أن عدم وجود رد فعل من جانب واشنطن دليل على ضعفها وليس على صبرها”.
وتشير الهجمات إلى أن واشنطن تسامحت تجاه خطوات التصعيد الإيراني السابقة، لكنا تؤكد أنها لن تتسامح تجاه مقتل أميركيين، دون الوصول إلى مرحلة الحرب المفتوحة التي لا يرغب فيها أحد.
ويعتقد جودت أن طهران ترى أن الوجود العسكري الأميركي في الخليج انتقل من كونه تهديدا إلى كونه فرصة، حيث يمكنها مهاجمة أهداف وقوات ومجندين أميركيين في المنطقة.
خلافا لذلك، يرى دي روش أن هناك صبرا أميركيا في التعامل مع إيران، وإذا اختارت إيران التصعيد فهناك أهداف إيرانية عديدة لم تستهدفها واشنطن بعد.
المصدر : الجزيرة