“العدالة والتنمية” بإسطنبول وأنقرة.. خسارة البلديات الكبرى وفوز بغالبية الصغرى

903 ‎مشاهدات Leave a comment
“العدالة والتنمية” بإسطنبول وأنقرة.. خسارة البلديات الكبرى وفوز بغالبية الصغرى

زاهر البيك-أنقرة

وضعت معركة الانتخابات البلدية في تركيا أوزارها، لكنها خلفت نقاشا وجدلا حادين حول خسارة حزب العدالة والتنمية الحاكم لرئاسة بلدية أنقرة الكبرى، وكذلك خسارته الأولية لرئاسة بلدية إسطنبول الكبرى، وهما أهم مدينتين في البلاد، فالأولى هي العاصمة السياسية والثانية تعرف بالعاصمة الاقتصادية.

وخسر حزب العدالة والتنمية البلديتين بعد أن قبض عليهما منذ تأسيسه طوال 17 عاما. ومنذ 25 عاما لم تسقط القلعتان من أيدي المحافظين إلا في معركة اليوم، أي منذ العام 1994 عندما فاز مرشحا حزب الرفاه الإسلامي مليح غوكتشيك في أنقرة، ورجب طيب أردوغان في إسطنبول.

أنصار حزب العدالة والتنمية يلوحون بالأعلام في إسطنبول (رويترز)

خسارة رغم الأغلبية
وأثارت نتائج الانتخابات لبسا داخل تركيا وخارجها بفوز “العدالة والتنمية” في 19 بلدية فرعية داخل محافظة أنقرة، لكنه في ذات الوقت خسر رئاسة بلدية أنقرة الكبرى لمصلحة حزب الشعب الجمهوري الذي فاز في ثلاث بلديات فرعية فقط داخل المحافظة المذكورة.

كما حقق حزب أردوغان الحاكم الفوز في 24 بلدية فرعية داخل محافظة إسطنبول، لكنه خسر رئاسة البلدية الكبرى لمصلحة حزب الشعب الذي فاز بـ14 بلدية فرعية فقط.

وأرجع الكاتب التركي أحمد نعيم أوغلو هذه المسألة الجدلية إلى النظام الانتخابي، فالناخب يصوت لمرشح بلديته الصغرى ويصوت في ورقة أخرى لمرشح البلدية الكبرى، وبذلك يحصل المرشح للبلدية الكبرى على الأصوات الأعلى في عموم المحافظة بغض النظر عن البلديات المحلية الصغرى التي داخلها.

وأضاف نعيم أوغلو للجزيرة نت أن المعارضة فازت بعدد قليل من البلديات الصغرى في أنقرة وإسطنبول، لكن الذي رجح فوزها بالبلدية الكبرى هو أن عدد الناخبين في المحليات الصغرى التي فازت بها يشكل كتلة تصويتية عالية نظرا للكثافة السكانية فيها، وضرب مثالا على ذلك بمدينتي تشانكيا ويني محله اللتين توازيان في عدد سكانهما المدن الفرعية الأخرى بمحافظة أنقرة.

وأشار أوغلو إلى أن نسبة التأييد للمعارضة في الضواحي القليلة التي فازت فيها عالية، ووصلت في بعضها إلى أكثر من 70%، مما جعل كتلتها التصويتية في المركز عالية.

ولفت الكاتب إلى أن توحد المعارضة مجتمعة خلف مرشح واحد في البلدية الكبرى رغم اختلاف أطيافها في البلديات المحلية، كان له الأثر الكبير على فوزها برئاسة البلدية الكبرى.

وأوضح أن مرشحيْ العدالة والتنمية في المحافظتين وخاصة في أنقرة لم يكونا منسجمين مع توجه الغالبية السكانية فيها، فأنقرة يغلب عليها الطابع القومي ودائما تبحث عن مرشح من أبنائها، أما مرشح “العدالة والتنمية” هناك فليس معروفا بتوجهه القومي ولا من أبناء أنقرة، بعكس منافسه الذي ذهبت الأصوات إليه حتى ممن صوتوا لحزب العدالة والتنمية في البلديات الصغرى.

ويعتقد نعيم أوغلو أن تراجع نسبة مشاركة المتدينين في المدينتين نتيجة الغضب من أداء العدالة والتنمية خصم من رصيد الحزب، فضلا عن أن كتلة منهم صوتت لصالح حزب السعادة المحافظ، فمثلا صوت لحزب السعادة أكثر من 100 ألف ناخب في إسطنبول، بينما كان الفارق بين مرشحي العدالة والتنمية والشعب أقل من 25 ألفا.

خسارة رمزية
ورغم حلوله بالمركز الأول وبفارق بلغ في بعض البلديات الضعف، اعتبر مراقبون خسارة حزب العدالة والتنمية لأنقرة التي أدارها طوال فترة حكمه، وكذلك إسطنبول التي تُعتبر “تركيا المصغرة” وخزانها الانتخابي الأكبر وترتبط رمزيا بالحزب وأردوغان شخصيا، خسارة كبيرة.

ويقول مراقبون إن خسارة إسطنبول وأنقرة وإن لم يكن لها أثر مباشر على نظام الحكم تعتبر خسارة سياسية، خاصة أن البلديات هي الموقع الذي نشأت فيه تجربة العدالة والتنمية وسطع نجم فيها رئيسه أردوغان، بالإضافة إلى أن رمزية المدينتين جعلت الفوز بهما أبعد من الفوز ببلدية خدمية، لا سيما أن فيهما يسكن نحو ربع سكان تركيا ويتمركز فيهما أكثر من 65% من اقتصاد الدولة.

الجدير بالذكر أن النتائج الأولية التي ظهرت مساء أمس ليست نهائية ورسمية، فالأخيرة ستُعلن فقط عبر اللجنة العليا للانتخابات بعد البت في الطعون المقدمة لها، خاصة في إسطنبول التي لم يعترف العدالة والتنمية بخسارته فيها بعد، لكن مراقبين يتوقعون أنها لن تختلف كثيرًا عن النتائج الأولية.

المصدر : الجزيرة