الكيلوغرام لن يبقى ذلك الوزن الذي نعرفه

473 ‎مشاهدات Leave a comment
الكيلوغرام لن يبقى ذلك الوزن الذي نعرفه

يعرف معظم الناس ما هو الكيلوغرام وأنه يزن ألف غرام، لكن هل نعرف حقا ما الذي تعنيه هذه الأرقام؟ فالاتفاق على وحدات القياس أكثر تعقيدا بكثير مما يبدو، والطريقة التي يوافق فيها البشر على الأوزان حول العالم على وشك التغيُّر.

فلأكثر من قرن، كان المعيار العالمي للكيلوغرام هو النموذج الأولي الدولي لهذا القياس، وهو أسطوانة مصنوعة من البلاتينيوم والإيريديوم محفوظة في منظمة “المكتب الدولي للأوزان والمقاييس” (بي.آي.بي.إم) في فرنسا التي تساعد في وضع معايير دولية للقياسات يمكن للجميع الموافقة عليها.

ولهذا السبب تحتفظ المنظمة بأسطوانة الكيلوغرام لأنه من دون هذه الأسطوانة المعدنية لن يكون لدى العالم معيار لتحديد كم يزن الكيلوغرام تماما.

ووزعت نسخ من هذه الأسطوانة (التي يطلق عليها أحيانا “الكي العظيم” Grand K) في أرجاء العالم كي تتمكن الدول الأعضاء من الحفاظ على المعيار، وكل أربعين سنة تقاس هذه الأسطوانة للتأكد من أنها ما تزال كيلوغراما.

لكن مع ذلك أظهرت القياسات الأخيرة أن كتل تلك الكيلوغرامات مختلفة، الأمر الذي قد يسبب فوضى في التجارة والعلوم وبعض الحقول الحساسة الأخرى مثل علم الصواريخ الذي يتطلب حسابات غاية في الدقة.

هناك سبب وجيه وراء استخدام هذا الوزن المرجعي للعالم لسنوات عديدة وهو أنه من الصعب حقا معرفة ما هو وزن الكيلوغرام بأي طريقة أخرى

سبب وجيه
وقد يبدو للبعض أن هذا النظام غريب وعتيق، لكن هناك سبب وجيه وراء استخدام هذا الوزن المرجعي للعالم لسنوات عديدة، وهو أنه من الصعب حقا معرفة ما هو وزن الكيلوغرام بأي طريقة أخرى، للسبب التالي:

تعرف وحدات القياس المختلفة بإشارة بعضها إلى بعض، فعلى سبيل المثال اليوم هو 24 ساعة والساعة 60 دقيقة والدقيقة 60 ثانية.وتاريخيا حددت وحدات القياس نسبة إلى بعض الظواهر الراسخة في العالم، وفي علم القياس، فإن هذه الظواهر الراسخة تعرف باسم “أرتيفاكتس” (artifacts) التي تعني “من صنع الإنسان”.

وقطع العلماء شوطا طويلا على مر السنين لاكتشاف كيفية تجاوز هذه الأرتيفاكتس، بحيث يمكنهم قياس الأشياء بلا حاجة إلى وضعها بجوار أشياء أخرى. فالثانية على سبيل المثال تقاس بأنها 1/31556925.9747 من الزمن الذي تستغرقه الأرض للدروان حول الشمس، وحاليا تعرف بأنها مقدار الوقت الذي يستغرقه الإلكترون في ذرة سيزيوم-133 للتأرجح 9192613770 مرة.

وقد يبدو هذا صراحة غريبا وغير ضروري، لكن من خلال ربط وحدة قياس بسلوك الذرة أمكن للعلماء الجزم بأن الثانية هي الثانية، بغض النظر عن مكانك في الكون.

وباختصار نقل العلماء النقطة المرجعية المعيارية للقياسات من الأجسام صنيعة الإنسان إلى الثوابت العالمية. جميعها باستثناء الكيلوغرام.

والثانية مثل الكيلوغرام والمتر وأربع وحدات أخرى تشكل وحدات النظام الدولي (إس آي) التي تستند إليها جميع الوحدات الأخرى. وحاليا يمكن تحديد معظم وحدات النظام الدولي بدون الحاجة إلى أرتيفاكتس، لكن قياس الكيلوغرام أكثر صعوبة لأنه يتطلب عمليات حسابية معقدة زادت الجاذبية صعوبتها.

مقياس جديد

رغم أننا في معظم الأحيان نظن أن الوزن والكتلة شيء واحد فهما ليسا كذلك

فرغم أننا في معظم الأحيان نفكر في الوزن والكتلة على أنهما شيء واحد، فهما ليسا كذلك، فالكتلة، كما تقاس بالكيلوغرامات، هي مقدار المادة الموجودة في الجسم. لكن هذه هي الكيفية التي يخطط فيها العلماء لإنهاء عصر أسطوانة الكيلوغرام.

يعكف العلماء في عدة مختبرات على تطوير جهاز يدعى “كيبل بالانس”، منها المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا في الولايات المتحدة، والمختبر الفيزيائي الوطني في إنجلترا، الأمر الذي يأملون منه أن يعيد تعريف الكيلوغرام من ناحية “ثابت بلانك”، الذي يربط كمية الطاقة التي يحملها الفوتون بتردد موجته الكهرومغناطيسية، وهو  عامل مهم في فهمنا لميكانيكا الكم.

وباختصار فإن هذا الجهاز لا يحدد الكتلة عن طريق قياس الوزن، ولكن عن طريق قياس القوة الكهرومغناطيسية بين لوحين، ويتم كل شيء في الفراغ. وبعبارة أخرى فإن “كيبل بالانس” سيكون قادرا على قياس كتلة الجسم من حيث طاقته الكهربائية، وبالتالي فإنه ينبغي أن يساعد العلماء على إعادة تعريف الكيلوغرام.

ويوضح رئيس قسم القياس الهندسي في المختبر الوطني الفيزيائي أيان روبنسون أن أهمية القيام بهذا العمل هو “توفير الأمن الدولي”، فإذا احترق غدا المكان الذي يتم فيه الاحتفاظ باسطوانة الكيلوغرام المعياري الدولي وانصهر الكيلوغرام فلن يكون لدينا أي مرجع لنظام الأوزان المترية في العالم، وستعم الفوضى.

المصدر : مواقع إلكترونية