توفي في دمشق عن عمر يناهز 79 عاما الكاتب والأديب الفلسطيني عدنان كنفاني شقيق الروائي الراحل غسان كنفاني، ومؤلف أعمال قصصية وروائية تتناول القضية الفلسطينية. وقد أقيمت صلاة الجنازة على الكاتب الراحل في جامع المنصور بدمشق، وجرى تشييعه إلى مقبرة الباب الصغير.
وُلد عدنان كنفاني في مدينة يافا عام 1940 وعمل مهندسا ميكانيكا وكاتبا ومؤلفا، وكان عضواً في اتحاد الكتاب العرب واتحاد الكتاب الفلسطينيين، وله عدة كتب وروايات ومجموعات قصصية أبرزها “قبور الغرباء”، و”على هامش المزامير”، و”حين يصدأ السلاح”، ومسرحية “شمة زعوط”، و”بئر الأرواح”، و”رابعة”، و”خدر الروح”، و”معارج الإبداع”، وغيرها.
الأديب الفلسطيني الراحل عدنان كنفاني عرف أسلوبه بالجمع بين بساطة المفردات وعمق الأفكار (مواقع التواصل) |
أوجاع الواقع برمزية ساخرة
عُرف أسلوب عدنان بالجمع بين بساطة المفردات وعمق الأفكار، وتناول في مجموعته القصصية “حين يصدأ السلاح” المصير الذي ينتظر المستباح عندما يواجه لحظة الحسم الآتية، بينما يحكي في مجموعته “أخاف أن يدركني الصباح” عن أوجاع الواقع برمزية لا تخلو من إشارات ساخرة للحكومات العربية.
وفي مجموعته القصصية “قبور الغرباء” يسرد تسع قصص تعكس المعاناة الفلسطينية، وفي كتابه غير الروائي “القدس مدينة الحرب والسلام” يطوف بالقارئ في رحلة عبر تاريخ المدينة المقدسة.
وفي مقال نشره على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، قال المدير العام لمؤسسة “فلسطين للثقافة” أسامة الأشقر إن عدنان كنفاني كان عروبي التوجه، تصالحيا مع الحركات الإسلامية، مع مسحة نقدية واضحة، مضيفاً أنه كان ذا “شخصية مستقلة محببة، مع صرامة ووضوح وقوة رأي”.
وأضاف الأشقر أن عدنان “لم يكن سياسيا مثل شقيقيه غسان ومروان، ولم يحب السياحة المرقعة الكثيرة الثقوب نظراً لوضوحه والتزامه، إلا أنه كان ذا رأي سياسي وطني واضح لا يجامل فيه على حساب الوطن، ويرفض اتفاقية أوسلو وكل مشروعات التسوية مع الاحتلال”.
وأشار إلى كون عدنان دفع ثمن مواقفه المبدئية بحرمانه من الترشح لجوائز عديدة وعيشه حياة بسيطة. ورغم أنه آمن بالمقاومة سبيلا وحيدا للتحرر، فقد تعرّض لانتقادات كثيرة بسبب موقفه من ثورات الربيع العربي وتعاطفه مع النظام السوري.
صفحات غسان المطوية
حكى الراحل عدنان كنفاني قصة العائلة بدءًا من تهجيرها من فلسطين بعد احتلال يافا ثم اضطرارهم للعمل المتواضع في دمشق، وذكر دور شقيقتهم فايزة في تحفيز وصناعة غسان الأديب.
ويتناول الكتاب الصغير تفوّق غسان في اللغتين الفرنسية والإنجليزية، ومهارته السردية وموهبته الحكائية وخياله الواسع وابتسامته الجميلة التي ذبلت برحيله. ويقول في كتابه “بعد الموت تتبدل الأشياء، يسافر دم القربى عبر المسافات.. يمهد سبل الخلاص للقادمين”.
ورغم أن عدنان لم يجعل شقيقه موضوع الكتاب الأساسي، فقد نجح في رسم صورة العائلة ووالدهم المحامي الشجاع محمد فايز كنفاني وأخيهم الأكبر غازي وأختهم فايزة، وطفولتهم القاسية. ويشعر الكاتب أن موهبة غسان الأدبية انتقلت إلى أخيه الذي وصف ببراعة حكاياته في الصف المدرسي وجمال خطه ورسمه وتفاصيل حياته الدقيقة.
رحلة اللجوء المر
في كتابه “معارج الإبداع”، يحكي عدنان عن رحلة اللجوء المر وتقاسم فراشه مع أخيه، رافضاً هالة القداسة التي تتجاهل نزوات البشر وطبائعهم.
واعتبر عدنان أن غسان لم يعد ملكاً لأسرته، بل صار شخصية عامة ورمزاً أدبياً ومناضلاً صلباً حتى آخر لحظة في حياته، معتبراً أن حمله هموم الفلسطينيين في الشتات وتمسكه بثوابتهم الوطنية جعله يحتل موقعاً متقدماً بين أدباء عصره، سواء عبر نتاجه الفكري أو الأدبي أو السياسي.
وحكى في مقال سابق له عن يوم اغتيال شقيقه غسان، وكتب “يوم السبت 8 (يوليو) تموز 1972 جلسنا أطول من المعتاد نحتسي فنجان قهوة على شرفة بيتنا في الحازميّة”، قبل أن يدوي انفجار هائل تحطم على إثره زجاج النوافذ واهتز البيت بعنف، مضيفاً “أيقنت أنني فقدت غسان للأبد”.
ونشر عدنان في “معارج الروح” مجموعة من قصص ومقالات وحواريات ودراسات وحتى أشعار غسان التي لم تنشر لكونها تمثل بداياته وتحاول الإحاطة بالتوجهات الإبداعية والأدبية المبكرة عند غسان.
المصدر : الجزيرة