الحمض النووي البيئي يساعد على كشف أسرار المحيطات

622 views Leave a comment
الحمض النووي البيئي يساعد على كشف أسرار المحيطات

طارق قابيل

كشفت أبحاث جديدة أجرتها جامعة كيرتن بالتعاون مع هيئة البحوث الأسترالية (CSIRO) عن أن مخلفات الكائنات الحية الوراثية الضئيلة التي تتركها الكائنات البحرية تقدم رؤى غير مسبوقة عن التنوع البيولوجي للمحيطات وكيفية تغيرها بمرور الوقت واستجابتها لمناخ الأرض المتغير.

وقام الباحثون بتطوير أساليب بيولوجية جديدة للحمض النووي البيئي (eDNA) باستخدام عينات تم جمعها من ساحل جزيرة روتنست بالقرب من بيرث غرب أستراليا كجزء من نظام الرصد البحري المتكامل لأستراليا.

وتقنية الحمض النووي البيئي هي تقنية لفرز وتحليل الأحماض النووية التي يتم جمعها من مجموعة متنوعة من العينات البيئية مثل التربة ومياه البحر والثلوج أو حتى الهواء، بدل أخذ عينات مباشرة من كائن حي فردي.

وتعتمد التقنية على رصد ناتج تفاعل الكائنات الحية المختلفة مع البيئة المحيطة، حيث يتراكم الحمض النووي الخاص بها في محيطها الحيوي ويتم تطبيقها في العديد من البيئات الفرعية، مثل أخذ عينات من المياه العذبة ومياه البحر والتربة الأرضية والتربة المائية (النهر والبحيرة والبركة ورواسب المحيطات) أو بيئات أخرى طبيعية.

مصادر الحمض النووي البيئي
تشمل التقنية عينات مصادر الحمض النووي البيئي الأخرى، كالبراز والمخاط والجلد والشعر وغيرها من العينات البيئية التي يمكن الحصول على الحمض النووي البيئي من مياه البحر، التي تحتوي على خلايا الجلد المنسلخة في المحيط والقشور والإفرازات والمواد الأخرى من إفرازات الكائنات البحرية.

وثبت أن هذه الطريقة موثوق بها للكشف عن الأنواع النادرة والمراوغة والصعبة للدراسة، مثل الحيتان المهددة بالانقراض، وأسماك القرش، والدلافين.

وقام علماء نظام الرصد البحري المتكامل لأستراليا على مدى خمس سنوات بجمع وتجميد عينات مياه البحر المفلترة، وأتاحت هذه “الكبسولات الزمنية” فرصة فريدة لدراسة التغيرات التي طرأت على محيطاتنا وعلى الحياة البحرية التي تحدث بشكل موسمي واستجابة المحيطات للتغيرات المناخية كموجة الحر البحرية التي ضربت غرب أستراليا عام 2011.

وأظهرت الدراسة كيف يستجيب مجتمع الهائمات الحيوانية مثل اليرقات وبيض السمك بشكل طبيعي للتغير الموسمي، على عكس ظروف الموجات الحارة، وتعرض قوة تقنيات الحمض النووي البيئي وقدراتها العالية التي تسمح بمراقبة ومتابعة صحة المحيطات.

أسرار كبيرة للبحار والمحيطات تتطلب أبحاثا علمية متواصلة لكشفها (الجزيرة)

فريق البحث
وقالت طالبة الدكتوراه تينا بيري -أحد طرفي فريق البحث- “كان لدى علماء نظام الرصد البحري المتكامل لأستراليا بعد نظر لتجميع مجموعة من العينات كبنك حيوي، التي سمحت لنا بالسفر عبر الزمن لنرى كيف استجاب المحيط لموجة حرارية بحرية”.

وقال الطرف الثاني لفريق البحث البروفيسور مايكل بونس من كلية كيرتن للعلوم الجزيئية والحياة إن الحمض النووي البيئي بدأ يظهر بسرعة كطريقة فعالة لدراسة محيطاتنا، وإن توقيعات الحمض النووي البيئي حددت الكائنات الحية البحرية الموجودة في أوقات مختلفة من السنة، وتلك التي ظهرت لأول مرة عندما ارتفعت درجات حرارة سطح البحر أثناء موجة الحر.

وأضاف أن “القدرة على تتبع آلاف الأنواع البحرية في كل مرة باستخدام الحمض النووي البيئي تقدم أدلة مهمة حول كيفية تغير محيطاتنا عند زيادة درجة حرارتها، وهي نظرة إلى المستقبل لا يمكننا أن نرى استخدام طرق أخرى”.

وتمتلك أستراليا ثالث أضخم إقليم محيطي على سطح الكرة الأرضية، وتستمد في كل عام ما يقدر بنحو 47.2 مليار دولار من “اقتصادها الأزرق”، مما يجعل لفهم كيفية تغير بيئة المحيطات أهمية وطنية عالية بالنسبة لها.

ويؤكد الباحثون الأستراليون أن استخدام تقنية الحمض النووي البيئي تكتشف أسماك القرش والشعاب المرجانية وفرس البحر والثدييات البحرية، وأن مجموعة أدوات الحمض النووي منقوص الأكسجين التي يتم تطويرها في برامجهم البحثية الأوسع هي خريطة طريق لرصد المحيطات على المدى الطويل حول العالم.

المصدر : الجزيرة