رأي.. بشار جرار يكتب لـCNN: متى تغلق حكوماتنا.. يتساءل الشرق أوسطيون؟

752 views Leave a comment
رأي.. بشار جرار يكتب لـCNN: متى تغلق حكوماتنا.. يتساءل الشرق أوسطيون؟

هذا المقال بقلم بشار جرار، متحدث ومدرب غير متفرغ مع برنامج الدبلوماسية العامة – الخارجية الأميركية، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

من التعبيرات اللبنانية الجميلة التي تعلمناها في معترك الصحافة والسياسة وأشياء أخرى، مصطلح “فوتونا بالحيط” كناية عن تسبب شخص، جهة أو شيء ما بالاصطدام في الواقع أو ما لا تحمد عقباه. حائط ترامب أو جداره، بلغ مع كتابة هذه السطور عتبة العبور إلى الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ أميركا. مناهضو هذا الحائط يرون فيه جدار تمييز وانغلاق، فيما يراه مؤيدوه عازلا حاجزا يصدّ أو يحدّ -على الأقل- من تدفق السموم البيضاء والجريمة المنظمة والإرهاب العابر للقارات وليس للحدود فقط بعد ضبط حالات تسلل من باكستان وبنغلاديش والصين- آيغوريين أو سواهم!

لست معنيا في السجال السياسي الحزبي فتلك مسألة قد لا يكون القارئ معنيا كثيرا في تفاصيلها لكنني سأكرس هذه المقالة إلى صورة أميركا أمام العالم وبخاصة الشرق الأوسط. كيف يتابع الجمهور غير المختص من المواطنين العاديين ما يجري في أميركا، القوة الأعظم في العالم؟ منذ ظهور هذه “البدعة” في الحياة السياسية الأميركية، إبان حكم الرئيس الأميركي الثامن والثلاثين جيرالد فورد في سبعينيات القرن الماضي وحتى ولاية الرئيس الأميركي الخامس والأربعين دونالد ترامب “الأولى” قام الديموقراطيون بإغلاق الحكومة 12مرة مقابل 8 مرات فعلها الجمهوريون! الرقم القياسي كان خلال رئاسة أيقونة الجمهوريين في العصر الحديث ومثل ترامب الأعلى الرئيس الراحل رونالد ريغان الذي -وللمفارقة- تميزت رئاسته بندائه التاريخي لآخر رؤساء الاتحاد السوفييتي ميخائيل غورباتشوف: حطّم هذه الجدار.. في إشارة إلى حائط برلين الذي كان رمزاً للحرب الباردة وانقسام العالم إلى معسكرين متحاربين شرقي وغربي.

بشار جرار يكتب لـCNN: متى تغلق حكوماتنا.. يتساءل الشرق أوسطيون؟

تركيب حواجز جديدة على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك لتحل محل الأسوار الصغيرة

هذه إذن صورة سلبية في نظر الرأي العام العالمي وبخاصة الأوروبي، أما عربيا وإسلاميا فتلوح في الذاكرة صورة الجدار الأمني الفاصل في الضفة الغربية. وهنا تكمن مفارقة دعم الأصوات المنددة بترامب لجدار رئيس وزراء إسرائيل الراحل أرئيل شارون. جميعهم -بلا استثناء- دعموا تشييد الجدار في الكونغرس ديموقراطيين وجمهوريين بمن فيهم رئيسة مجلس النواب الأميركي زعيمة الأغلبية الديمقراطية نانسي بيلوسي وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور تشاك تشومر.

في المقابل ينظر المواطن الشرق أوسطي بشيء من الغبطة (بمعنى تمني حصوله على النعمة دون زوالها من الآخر) إلى رأس الهرم في الدولة التي تتربع على عرش العالم عسكريا وسياسيا واقتصاديا وماليا وعلميا وفكريا، وهو يصارع ممثلي الشعب وقادة الرأي العام في وسائل الإعلام وماكنات صناعة الرأي العام وبخاصة هوليوود، في كيفية إنفاق المال العام لا بالمطلق بل وضمن برامج زمنية محددة وتحت بنود بعينها. فترامب لن يستطيع تحويل أموال من بند إلى آخر دون إعلانه حالة الطوارئ التي تعني الدخول في معارك قانونية طاحنة قد تطيح به أو تعزز فرص انتخابه لولاية ثانية- وهو الأرجح في نظري.

01:22
من سور الصين العظيم إلى جدار برلين.. ماذا يخبرنا التاريخ عن مستقبل جدار ترامب؟

المتابع الشرق أوسطي في بلاد ما زالت مقسمة بجدران سايكس وحيطان بيكو وبعضها يتفلّت أو يتلهف إلى مزيد من التشظي وإقامة جدران الفصل والعزل الإثني تحت شعارات تارة قومية وتارة أخرى دينية، مذهبية – طائفية، لا يملك إلا أن يحترم هذا الحرص على المال العام، وهذه الشفافية في تناول شؤون العامة بما “ينفع الناس”. حتى التطاول الذي بلغ حد استخدام لفظ بذيء ضد الرئيس من قبل العضوة الجديدة في مجلس النواب الأميركي، فلسطينية الأصل رشيدة طليب، لم ينته لا “بتغييب وراء الشمس” ولا بتخوين أو تكفير.

سألني مرة صديق صدوق في أميركا سؤالا تصادف أن أجبت عليه قبل نحو عقدين في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، من بريطانيا عندما تساءل كلاهما: متى تعودون؟ ويقصد السائل عودة المهاجرين أو المهجّرين الشرق أوسطيين إلى بلادهم. إجابتي كانت واحدة وما ظننتها تتبدّل: عندما تقام دولة القانون أو تتولى صاحبة الجلالة مكانتها كسلطة رابعة. دمتم بخير..