لا يتفق الشاعر المغربي سامح درويش مع الذين يقولون إن شعر الهايكو الياباني المنشأ هو اختيار لعدد قليل من الشعراء في المغرب وفي المنطقة العربية بالنظر إلى الخصائص التي تقوم عليها هذه المدرسة المناقضة لخصائص القصيدة العربية بمختلف تلاوينها.
ويرى درويش -في حوار خاص مع الجزيرة نت– أن الإقدام على هذا النوع من الشعر أصبح سمة واضحة في المشهد الأدبي العربي بعد توالي الاحباطات، وتحديدا مع ما عرفت بثورات الربيع العربي.
وحسب درويش، فإن الساحة المغربية تعج كما الساحة العربية بالعشرات من الشعراء الذين يكتبون الهايكو، وبدأت دواوينهم تظهر إلى العلن معلنة ربما عن ميلاد مدرسة عربية للهايكو.
وفي حقيقة الأمر فإن الكتابة في مدار الهايكو لم تكن وليدة التجربة التي يخوضها درويش وغيره من الشعراء المعاصرين اليوم، بل إن المفكر المغربي المعروف عبد الكبير الخطيبي (1938-2009) كانت له مساهمات في هذا المدار على حد تأكيد درويش نفسه.
ويخوض الشاعر المغربي منذ سنوات تجربة شعرية يحاول من خلالها ألا يكون رقما في ظل مشهد شعري يتكرر سواء في الشعر التفعيلي أو الشعر العمودي، وإن كان يؤكد في المقابل أن الهايكو لن يكون بديلا لأي مدرسة شعرية أخرى بقدر ما هو إغناء وتثاقف بين الثقافة اليابانية والثقافة العربية.
ويؤكد درويش أن من خصائص الهايكو الكتابة المباشرة المعبرة عن الواقع المعيش، وهي في ذلك تختلف عن خصائص القصيدة العربية بمختلف أشكالها التي تعتمد بالخصوص على المجاز والبيان والبلاغة وحضور أنا الشاعر.
وإذا كانت لغة الهايكو مباشرة وتتوخى البساطة فإن ذلك لا يعني أن كل ما يكتب هايكو، بل يتطلب الأمر -حسب درويش- الانضباط للقواعد الكلاسيكية لكتابة هذه القصيدة، وهو في حقيقة الأمر الرهان الذي يسعى دائما إلى كسبه هو وباقي زملائه الشعراء الذين انخرطوا في تجارب مشابهة.
وربما من صدف القدر أن انخرط الشاعر في تجربة الهايكو حتى قبل أن يدري عن هذه المدرسة الشيء الكثير، لقد حمل ديوانه “القهقهات” الذي صدر بدعم من وزارة الثقافة المغربية سنة 2010 العديد من القصائد المكثفة والقصيرة التي تشبه إلى حد كبير قصائد الهايكو، فكان سببا في تعميق الدراسة بشأن هذه المدرسة لتتوج بديوان هايكو خالص أصدره سنة 2015 تحت عنوان “خنافيس مضيئة”.
المصدر : الجزيرة