يرتبك إعلاميون ومعلقون في الغرب عندما تقع حادثة من قبيل ذلك الهجوم الذي استهدف كنيسا يهوديا بمدينة بتسبرغ الأميركية أمس السبت وقتل فيه 11 شخصا.
فهم لا يعرفون التوصيف الدقيق للحادثة أو السياق المناسب الذي يجب أن توضع فيه، لأنها بالرغم من تشابهها مع هجمات أخرى استحقت صفة “الإرهاب” بلا تردد، فقد ارتكبها أميركي أبيض غير مسلم.
وفي هذا كتب دانييل بايمان في مجلة “فورين بوليسي” يدعو المعلقين الأميركيين إلى منح الحادث صفة الإرهاب، لأن ذلك سيساعد الولايات المتحدة في التعامل مع خطر شديد يمثله “القوميون البيض” وجماعات أخرى مماثلة.
وفي ظل إصرار في الغرب على ربط الإرهاب بالمسلمين -وهو ارتباط تدحضه بعض الإحصاءات التي تقارن بين الإرهابيين المسلمين وغير المسلمين- ينصرف الانتباه بعيدا عن جرائم بشعة هزت العالم، نذكر هنا بعضا منها:
اعتداء زولينغن.. إحراق عائلة أجنبية في ألمانيا 1993
يوصف في ألمانيا بأنه أسوأ اعتداء عنصري منذ الحرب العالمية الثانية. ففي ليل 29 مايو/أيار 1993 أضرم أربعة يمينيين متطرفين النيران بمنزل عائلة غينش التركية في مدينة زولينغن غربي البلاد.
وأودى الحريق بحياة خمس نساء وطفلة صغيرة، كلهن من عائلة غينش. وأحجم المستشار الألماني آنذاك هيلموت كول عن حضور حفل تأبين ضحايا زولينغن أو توجيه كلمة مواساة لذويهم، لكن المستشارة الحالية أنجيلا ميركل قامت في الذكرى السنوية الـ25 للاعتداء بمواساة السيدة مولودة غينش (75 عاما) التي فقدت ابنتيها وحفيدتيها وابنة أختها في ذلك الحريق.
الحريق أودى بحياة خمس نساء من عائلة غينش التركية (رويترز-أرشيف) |
مولودة غينش فقدت ابنتيها وحفيدتيها وابنة أختها في اعتداء زولينغن (رويترز-أرشيف) |
تفجير أوكلاهوما 1995.. الأسوأ في أميركا قبل هجمات سبتمبر
في 19 أبريل/نيسان 1995، انفجرت شاحنة محملة بالمتفجرات أمام مبنى حكومي في مدينة أوكلاهوما الأميركية، مما أودى بحياة 168 شخصا -بينهم 19 طفلا- وأوقع مئات الجرحى. وظل هذا التفجير يوصف بأنه أسوأ هجوم إرهابي على التراب الأميركي إلى أن وقعت هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001.
واتجهت أصابع الاتهام في بادئ الأمر إلى المسلمين، لكن سرعان ما تبين أن المتهم الرئيسي هو الجندي الأميركي السابق تيموثي ماكفي الذي آمن بحمل السلاح ضد مؤسسات الحكومة الفدرالية، ووصف فيما بعد بـ”الإرهابي المحلي”. وفي عام 2001 تم إعدام ماكفي (33 عاما) بالحقنة المميتة.
تيموثي ماكفي كان جنديا في الجيش الأميركي (غيتي-أرشيف) |
طائفة “الحقيقة المطلقة” تطلق السارين في طوكيو 1995
عم الفزع أرجاء اليابان حين أطلق أفراد من طائفة “أوم شينريكيو” (الحقيقة المطلقة) غاز السارين في مترو طوكيو يوم 20 مارس/آذار 1995، وأودى الهجوم بحياة 13 شخصا وأصيب فيه 6300 آخرون.
كانت الطائفة قد بدأت نشاطها في اليابان في الثمانينيات باعتبارها جماعة روحية تتبنى خليطا من المعتقدات الهندوسية والبوذية والمسيحية، ثم تحولت تدريجيا إلى طائفة عدمية سوداوية، واتجهت إلى العنف والخطف والاعتداء على مناوئيها واستخدام الأسلحة الكيميائية والجرثومية في هجماتها، وقدر عدد أتباعها بعشرة آلاف شخص.
اتهمت الطائفة في المجمل بقتل 29 شخصا، وقامت السلطات اليابانية في يوليو/تموز 2018 بإعدام 13 عضوا قياديا في الطائفة شنقا، على رأسهم زعيمها شوكو أساهارا (اسمه الأصلي شيزو ماتسوموتو).
نرويجي يشن “حربا صليبية” على أبناء وطنه 2011
نفذ النرويجي أندرس بريفيك مذبحة مروعة هي أسوأ ما شهدته النرويج منذ الحرب العالمية الثانية. ففي 22 يوليو/تموز 2011 فجّر بريفيك قنبلة في الحي الحكومي وسط العاصمة أوسلو فقتل ثمانية أشخاص، ثم توجه إلى جزيرة أوتويا وفتح النار على مخيم صيفي لشبان حزب العمال النرويجي فقتل 69 شخصا في عملية خطط لها بعناية شديدة.
وقبل الشروع في الهجوم، نشر بريفيك في اليوم نفسه بيانا عبر الإنترنت يوضح فيه أفكاره اليمينية المتطرفة ويهاجم الإسلام و”الماركسية الثقافية” في أوروبا. وقال أحد المعلقين في “بي بي سي” إن بريفيك كان يرى نفسه جزءا من “حرب صليبية دولية”، و”محاربا نرويجيا” يستطيع إلهام الآخرين.
بريفيك يحمل سلاحه ويسير بين جثث ضحاياه وفقا لرواية الشرطة في هذه الصورة التي التقطت من طائرة مروحية (رويترز-أرشيف) |
قاتل غامض في لاس فيغاس 2017
فتح الأميركي ستيفن بادوك (64 عاما) النار من غرفة في الطابق الـ32 بأحد فنادق لاس فيغاس على جمهور حفل غنائي في ساحة مقابلة، فقتل 58 شخصا وجرح نحو خمسمئة آخرين في الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2017.
استمر إطلاق النار نحو ربع ساعة، قام بعدها رجال الشرطة باقتحام غرفة بادوك فوجدوه قتيلا. وتعتقد السلطات أنه قتل نفسه وأنه نفذ هذه المجزرة بمفرده. وحتى اليوم لم تتضح دوافع بادوك الذي لم يكن في سيرة حياته شيء لافت سوى أنه كان مولعا بالقمار.
المصدر : الجزيرة,مواقع إلكترونية