مروان الجبوري-بغداد
لم يكد لهيب نار الاحتجاجات يخبو قليلا في البصرة جنوب العراق حتى فاجأت كتلة “سائرون” التابعة للتيار الصدري الجميع بمطالبتها باستقالة رئيس الوزراء حيدر العبادي” حليفها المفترض”، مما فتح باب الحديث عن صفقات ربما تعقد بينها وبين وكتلة الفتح لتقديم مرشحين لرئاسة الحكومة بدلا من الأسماء المطروحة حاليا.
لكن المتحدث باسم سائرون قحطان الجبوري نفى وجود نية لدى كتلته بالدخول في تحالف آخر غير “الإصلاح والإعمار” الذي يتزعمه العبادي، لكنه لم ينف وجود محادثات مع كتلة الفتح التي يزعمها هادي العامري للتوصل إلى صيغة تفاهم حول رئاسة الحكومة المقبلة.
وبحسب عضو كتلة الفتح عامر الفايز فإن التقارب مع كتلة سائرون قد بدأ عقب الإعلان الأولي لنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ثم زادت الحوارات بعد ذلك حول منهج الحكومة الجديدة وطبيعة الشخصيات المشاركة فيها.
ويضيف الفايز للجزيرة نت أن الموقف الأخير لسائرون لا علاقة له بهذا التقارب، لكن سائرون اعتبرت أن إجابات العبادي في البرلمان كانت متلكئة وغير مقنعة، لذا طالبوا باستقالته.
ويحمل النائب الفايز العبادي مسؤولية ما جرى في البصرة بالدرجة الأساس، فهو – بحسبه- مسؤول عن الإهمال المتعمد والمقصود وعدم صرف الأموال من الميزانية للمحافظة، وعدم التعامل مع الحكومة المحلية، مما دفع الأوضاع للانفجار والانفلات الأمني.
ولا ينفي الفايز احتمالية ولادة تحالف جديد يجمع شتات الكتل الحالية، ويمكن أن يضم الفتح وسائرون وكتلا أخرى، لكنه ليس على طريقة المحاصصة السياسية السابقة، على حد قوله.
رسالة للآخرين
ولا يستبعد كثيرون أن تكون الحكومة القادمة ائتلافية يشارك فيها الجميع دون معارضة، كما حصل في الدورات السابقة، لذا يمكن فهم طبيعة هذه التحركات والتصريحات في هذا الوقت.
ويؤكد ظافر العاني النائب عن تحالف القرار المنضوي ضمن كتلة العبادي الجديدة أنهم لم يكن لديهم توجه من البداية لدعم العبادي في ولاية ثانية، “رغم أن فرصه ما زالت كبيرة حتى الآن”.
ويضيف للجزيرة نت أنهم تحالفوا مع رئيس الوزراء الحالي ضمن كتلة واحدة للاتفاق على برنامج حكومي وليس لدعم أشخاص معينين لتولي مناصب حكومية. لكنه لا يخفي تفاجؤه بمطالبات سائرون، التي لم تناقش داخل التحالف، وليست لديهم خلفية عنها.
ويرى العاني أن العبادي لم يكن موفقا أو مقنعا في جلسة البرلمان الأخيرة، واتضح أن هناك تقصيرا وعجزا حكوميا في معالجة مشاكل البصرة، وهو ما أدى إلى تفاقم حركة الاحتجاج في الشارع.
وأشار إلى أن حظوظ العبادي قد تضاءلت إلى حد كبير بعد جلسة البرلمان وتصاعد المطالبات بإقالته، رغم أن هذا الطلب ليس عمليا الآن، لأنهم بصدد تشكيل حكومة جديدة ولا موجب للاستقالة.
لكنه يعتبر تصريح سائرون رسالة واضحة إلى الأطراف الأخرى بأن تحالف الإصلاح والإعمار غير متمسك بالعبادي رئيسا للحكومة القادمة، وأنه ما زال الوقت مفتوحا لبحث الأسماء الأخرى المطروحة.
مؤتمر صحفي لكتلة الفتح التي يتزعمها هادي العامري (الجزيرة) |
فرص العبادي
ويرى الكاتب الصحفي ماهر الحمداني أن صدور مثل هذا التصريح بين سائرون والفتح لا يعني توافقا أو رؤى مشتركة بين الطرفين، وإنما تلاق مؤقت في منتصف الطريق، لمعالجة أزمة معينة.
ويضيف أن من المفترض أن سائرون وائتلاف العبادي يدورون في فلك من تفضلهم واشنطن وكانت الأمور تسير في هذا الاتجاه، مقابل كتلة العامري والمالكي التي تطرح نفسها ككتلة كبرى، إلا أن هذا التصريح أظهر أن كتلة العبادي هشة وغير منسجمة داخليا، على حد قوله.
أما الفشل في البصرة فيتحمل جزءا كبيرا منه العبادي، لكن -بحسب الحمداني- هناك أيضا الصدريون وتيار الحكمة ومنظمة بدر، وجميعهم لديهم نواب ومسؤولون وتنظيمات في البصرة، يتقاسمون حصصا في المناصب والدوائر العامة، “لكن المطلوب الآن هو أن يتحمل الفشل شخص واحد هو العبادي باعتباره الأقرب للمسؤولية حاليا”.
ولو لم تكسب هذه الكتل سوى أن تتخلص من ضغط الجماهير عليها بهذا التصريح فإنه يعد إنجازا مهما بالنسبة لها، وفق ما يرى الحمداني، خاصة إذا كان تنحي العبادي يريح الجماهير ويهدئ ضغط الشارع ويخفف انتقاداته لهذه الأحزاب وقواعدها.
وحتى لو كان العبادي متحالفا مع الصدريين إلا أنهم يتعرضون لضغوط كبيرة من الشارع، وفق الحمداني.
ويعتقد الحمداني أن فرص العبادي في تولي رئاسة الحكومة ما زالت كبيرة، على اعتبار أن الأسماء البديلة لا تجد القبول الداخلي ذاته، وباستثناء الإيرانيين فإن العبادي يحظى بدعم الولايات المتحدة وروسيا والخليج، و”الدور الخارجي هو من سيحسم الأمور في نهاية المطاف”.
المصدر : الجزيرة