أحالت محكمة جنائية في اسطنبول، الجمعة 25 مارس/آذار، محاكمة صحفيين اثنين بارزين بتهمة التجسس إلى جلسات مغلقة، وقبلت باعتبار الرئيس أردوغان كمتظلم في القضية التي أثارت إدانات دولية.
قرر القضاة بأن تجري محاكمة كل من رئيس تحرير صحيفة “جمهوريت” جان دوندار (54 عاما) ومدير مكتبها في أنقرة أردم غول (49 عاما) في جلسات مغلقة لأسباب تتعلق “بالأمن القومي”. وتجري محاكمتهما بتهمة محاولة الإطاحة بالحكومة، بعد أن نشرت جمهوريت مقالا مسندا بصور وشريط فيديو في مايو/أيار الماضي، يظهر أن المخابرات التركية تساعد في نقل أسلحة إلى سوريا في 2014.
وأثار المقال غضب الرئيس التركي أردوغان، الذي نفى باستمرار دعمه لحركات إسلامية سورية متطرفة مناهضة للنظام السوري. وتوعد أردوغان بلهجة غاضبة قائلا “إن من نشر هذه المعلومة سيدفع ثمنا غاليا، لن أدعه يفلت من العقاب”.
وأقر أردوغان بأن الحافلات التي أوقفها الحرس ورجال الشرطة وهي في طريقها إلى الحدود السورية تابعة لوكالة المخابرات التركية (إم.آي.تي) وقال إنها كانت تحمل مساعدات للتركمان في سوريا.
وبأمر من النيابة، وضع الصحافيان في الحجز الاحتياطي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وطلب المدعي العام معاقبتهما بالسجن المؤبد.
لكن في 26 فبراير/شباط أمرت المحكمة الدستورية، احدى آخر المؤسسات التركية التي لا تزال خارج هيمنة حزب الرئيس بعد 14 عاما من توليه الحكم، بالافراج عنهما، معتبرة أن حقوقهما انتهكت.
وقبل بدء الجلسة يوم الجمعة، أعلن الأمين العام لمنظمة “مراسلون بلا حدود” كريستوف دولوار: “ما نتوقعه من هذه المحاكمة هو بالطبع تبرئة ساحة الصحافيين بكل بساطة”.
وأضاف: “إنهما صحافيان وليسا إرهابيين خطيرين. هناك ما يكفي من التهديدات التي تحدق بهذا البلد وباستقراره وبالديموقراطية لكي يهدر القضاة وقتهم في اختراع تهديدات زائفة”.
وكان الصحفي التركي دوندار تعهد بأن يحول محاكمته إلى محاكمة علنية للأخطاء التي ترتكبها الدولة. وقال إنه سيستغل محاكمته، التي لقيت إدانة دولية، ليسلط الضوء على التقرير الصحفي الذي وضعه في قفص الاتهام، وفقا لوكالة “رويترز”.
وقال: “لسنا متهمين بل شهود”، ووعد بعرض لقطات الفيديو في المحكمة رغم الحظر المفروض على ذلك، وخطر أن يصدر القضاة أمرا بجعل الجلسات مغلقة. وأضاف: “سنكشف كل ما يحدث من أشياء غير قانونية ونحولها إلى محاكمة سياسية (…) الدولة ضبطت وهي ترتكب فعلاً إجراميًا وتفعل كل ما بوسعها للتستر عليه”.
وترددت هتافات معارضة للحكومة في قاعة المحكمة في اسطنبول لدى إعلان تحويلها لجلسات مغلقة، وكانت القاعة تعج بالصحفيين والسياسيين المعارضين والجماعات الحقوقية وأقارب المتهمين ودبلوماسيين من عدة دول.
وهتف بعض المحتجين “سنحاكمكم في استاد” وذلك لدى إخراج حراس الأمن للحاضرين من قاعة المحكمة.
وتقول لائحة الاتهام المكونة من 473 صفحة إن الصحفيين ساعدا شبكة “إرهابية” يقودها عبد الله كولن (شخصية دينية تركية تعيش في الخارج مناهضة لأردوغان) وهو ما ينفيه المتهمان.
تأتي المحاكمة في وقت تتعرض فيه تركيا لانتقادات من الاتحاد الأوروبي وجماعات مدافعة عن حقوق الإنسان لتضييقها على الصحافة. ووصف يوهانس هان المفوض المسؤول عن توسعة الاتحاد الأوروبي المحاكمة على حسابه فى تويتر بأنها “اختبار لحرية الصحافة وسيادة القانون في تركيا”.
وتأتي تركيا في المرتبة 149 من 180 دولة في التصنيف العالمي لمنظمة “مراسلون بلا حدود” لحرية الصحافة. وشن النظام التركي هجوما غير مسبوق على وسائل الإعلام تحت غطاء التصدي “للدعاية الإرهابية”.
وكانت مجموعة “زمان” القريبة من الداعية فتح الله غولن، عدو أردوغان الأول، آخر ضحاياه، بعد وضعها تحت الوصاية القضائية مطلع الشهر الماضي.
وعشية المحاكمة، كتب مئة من مشاهير الكتّاب، بينهم حائز جائزة نوبل للسلام ماريو فارغاس ايلوزا (البيرو) والجنوب إفريقي جاي أم كوتزي، رسالة إلى أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داوود أوغلو، تدعو أنقرة “لتغيير القوانين التي تضيّق بلا موجب على حرية التعبير”.
المصدر: وكالات