جاءت تلك التصريحات خلال مؤتمر صحافي بمقر وزارة الخارجية التايلاندية، بمناسبة مشاركة صحيفة «العرب»، ممثلة عن دولة قطر، في برنامج الزائر الدولي الذي تنظمه وزارة الخارجية سنوياً، والذي استضاف هذا العام 7 صحافيين من 4 دول عربية.
ورداً على سؤال لـ «العرب»، قالت السيدة ساوولاك بورنويلاسيري، مسؤولة إدارة جنوب آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية التايلاندية، إن العلاقات بين قطر وتايلاند تتطور بشكل متواصل، لا سيّما منذ الزيارة التي قام بها سعادة الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية إلى بانكوك، وانعقاد المشاورات السياسية بين البلدين، بحضور سعادة أحمد الحمادي الأمين العام لوزارة الخارجية في العاصمة التايلاندية بانكوك.
ولفتت ساوولاك بورنويلاسيري إلى أن بلادها حريصة على تطوير العلاقات الثنائية، في ظل الفرص الكثيرة المتوفرة لتعزيز التعاون، مشيرة إلى حاجة البلدين لزيادة التواصل والاطلاع على مجالات التعاون الممكنة، لا سيما في مجال تبادل الاستثمارات.
وقالت: «تايلاند سترسل وفداً من رجال الأعمال التايلانديين لبحث تعزيز التعاون الاقتصادي والاستثمارات المشتركة بين البلدين».
وأوضحت أن هناك مباحثات بين البلدين للترتيب لزيارة رسمية سيقوم بها نائب رئيس الوزراء المكلف بالاقتصاد في حكومة تايلاند إلى الدوحة قريباً، وتليها زيارة أخرى لوزير الخارجية التايلاندي، لافتة إلى أنه لم يتم الاتفاق بين البلدين على موعد الزيارتين، لكنها رجحت أن تتم قبل شهر رمضان المقبل.
وعن مجالات التعاون التي تهمّ البلدين، أشارت المسؤولة بالخارجية التايلاندية إلى أن السياحة وتنشيط التعاون الثقافي والاستثمارات المشتركة والتعاون في قطاع الصحة والعمالة، كلّها مجالات تهتم بها مملكة تايلاند، بجانب تصدير تجربتها في مجال تحقيق الاكتفاء الذاتي وعدد من البرامج التي طورتها تايلاند لتحقيق التنمية المستدامة في مناطق كانت تشكو من الفقر، وتحولت بفضل برامج أطلقها الملك الراحل بوميبول أدولياديت إلى مساحات خضراء ساهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي في مناطق مثل شيانغ راي وغيرها.
وأشارت إلى وجود اتفاق مبدئي بين البلدين على تعزيز استقبال العمالة التايلاندية الماهرة للعمل في قطر مستقبلاً، مؤكدة رغبة بلادها في استقطاب مزيد من الاستثمارات القطرية مستقبلاً، ومن هنا جاء قرار السلطات التايلاندية بإرسال وفود إلى قطر ودول الخليج. وأبدت مسؤولة إدارة جنوب آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط بوزارة الخارجية التايلاندية تفاؤلها بالتوصل إلى انضمام قطر إلى معاهدة الصداقة والتعاون في جنوب شرق آسيا (TAC).
المسلمون.. مطمئنون في تايلاند
قال البروفسور الدكتور باكرون برياكورن ممثل شيخ الإسلام في تايلاند، إن المملكة لديها نشاطات عديدة تعنى بالمجتمع المسلم في تايلاند، والعلاقات التي تربطها بالعالم الإسلامي، مشيراً إلى أن إحدى المهام التي يقوم بها مكتب شيخ الإسلام هي التعريف بأحوال معيشة المسلمين في تايلاند، معظمهم يقيمون في الجنوب، وبعضهم في الشمال.
ودخل الدين الإسلامي مملكة تايلاند «أرض سيام» أو تايلاند منذ 400 سنة، من جنوبها. وبعد ذلك انتشر إلى أنحاء تايلاند. ويرتكز المسلمون في الجنوب، وهم يمثلون 10 % من إجمالي سكان تايلاند.
ونوّه بأن «الإسلام ثاني ديانة في مملكة تايلاند، ومعظم المسلمين من الملاو، وهم يتمتعون بحقوقهم، ويمثلون الأغلبية في مناطق معينة، لا سيما في الجنوب، وبعض المسلمين من أصول عربية وجنوب إفريقيا والصين وكمبويا وإندونيسيا والصين أيضاً، وهم يتمتعون بكل حقوقهم، ولهم الحق في ممارسة شعائرهم وتسمية أبنائهم بأسماء إسلامية. ويبلغ عدد المسلمين في تايلاند نحو 5.58 مليون، فيما يتواجد في بانكوك لوحدها 185 مسجداً من بين أزيد من 4 آلاف عبر مملكة تايلاند».
وتضم تايلاند حوالي 4 آلاف مسجد عبر ربوع المملكة، منها 200 في العاصمة بانكوك. ويتواجد أئمة وخطباء ومؤذنون في كل المساجد التي تقام فيها الصلوات، ويرفع منها الأذان في كامل مدن تايلاند بلا استثناء. وفي كل مسجد 15 شخصاً يسهرون على تسييره وتنظيمه. كما أن الأئمة والمؤذنين متطوعون ولا يتلقون رواتب من الحكومة، باستثناء دعم صغير للسكان المسلمين لتسيير حياتهم الاجتماعية. ولإدارة شؤون المسلمين، أسّس الملك الراحل بوميبول أدولياديت «مجلس شيخ الإسلام في تايلاند».
إقامة السلام وتشجيع الحلول السلمية
نوه ناتابانو نوباكون مساعد المدير العام لإدارة الإعلام بوزارة الخارجية، بأن برنامج الزائر الدولي انطلق عام 2013، ويستضيف سنوياً وفوداً إعلامية من دول إسلامية وعربية، ومختلف مناطق العالم، لتبادل الأفكار ونقل نظرة مملكة تايلاند لتطوير علاقاتها مع مختلف دول العالم.
وأشار إلى أنه منذ انطلاق البرنامج، زار تايلاند نحو 150 صحافياً وإعلامياً من دول عربية وإسلامية، لأجل تبيان التنوع الديني والثقافي للمجتمع التايلاندي، والإمكانات والفرص التي تقدمها تايلاند في مجال السياحة، والسياحة العلاجية، وإطلاعهم أيضاً على أوضاع المسلمين في تايلاند، وكذا المخطط الاقتصادي لتطوير تايلاند 2020-2022، وبرنامج «شراكة محققة من أجل الاستدامة»، إلى جانب نجاح مشاريع تطوير بعض المدن والقرى، على شاكلة شيانج راي الواقعة شمال تايلاند.
كما أشار إلى إطلاق برنامج «آسيان تايلاند 2019»، وهو بمثابة مذكرة تفاهم ترغب تايلاند في توقيعها مع دول لإقامة السلام وعدم التورط في صراعات، وتشجيع الحلول السلمية.
عشرات الطلاب التايلانديين يتابعون دراسات عليا في الدوحة
أكد البروفسور الدكتور باكرون برياكورن ممثل شيخ الإسلام في تايلاند، أن أكثر من 100 ألف طالب مسلم يدرسون في دول إسلامية، بينهم 27 طالباً يدرسون في قطر.
ونوّه بأن تايلاند تحتل المرتبة الثامنة عالمياً في إنتاج السلع والمنتجات الحلال، وتصدر كميات معتبرة منها إلى دول العالم الإسلامي. وقد بدأت تايلاند تطوير المنتجات الحلال عام 1949، وفي 2017 أصبح لدى تايلاند علامة دولية في المنتجات الحلال معتمدة من السلطات التايلاندية، وتنتج 201 منتجاً حلالاً، 70 % منها تصدر إلى العالم، ما جعل تايلاند تحتل المرتبة الثالثة عشرة دولياً في تصدير المنتجات الحلال، ونراهن على أن تكون ضمن الخمسة الأوائل مستقبلاً.
التسامح.. القوة الناعمة لـ «المملكة»
رداًّ عن سؤال لـ «العرب» عن سر نجاح تايلاند في تحقيق التعايش بين اتباع مختلف الديانات، وعدم معاملة المسلمين خلافاً لما يجري في ميانمار ومناطق أخرى، قال البروفسور الدكتور باكرون برياكورن: «تايلاند هي بلد التسامح والابتسامة، وهذا يعني أننا بلد سعيد، ولدينا تنوع ثقافي وديني، وتعدد لغات بين نحو 70 مليون تايلاندي يعيشون معاً في سلام وتعايش، ولا توجد هناك صراعات بين أتباع الديانات. فالسرّ يكمن في انفتاح تايلاند على التعايش بين الديانات، وثقافة التسامح، والاستفادة من التنوع الثقافي والعرقي للمجتمع التايلاندي».
وأضاف: «القوة الناعمة لتايلاند هي ثقافة التسامح مع الديانات التي تجعل المسلمين يعيشون في أمان جنباً إلى جنب مع البوذيين والهندوس والمسيحين وأتباع مختلف الديانات.