سجل من “الردود المفحمة”.. جمال بلماضي رجل المواجهة حتى في المؤتمرات الصحفية

628 views Leave a comment
سجل من “الردود المفحمة”.. جمال بلماضي رجل المواجهة حتى في المؤتمرات الصحفية

بالندية و”القتالية” نفسها التي كان معروفا بها في مشوار لعبه مع فرق كبيرة مثل أولمبيك مارسيليا الفرنسي ومانشستر سيتي الإنجليزي في تسعينيات القرن الماضي، أو مع المنتخب الجزائري في بدايات الألفية الحالية، واجه بلماضي عندما أصبح مدربا كثيرا من أسئلة الصحفيين على منصات المؤتمرات الصحفية في مناسبات عديدة بقوة وبشراسة.

جمال بلماضي أثناء مباراة نصف النهائي ضد نيجيريا (رويترز)

أغلقوا هواتفكم!
نحو عشر سنوات قضاها بلماضي لحد الآن في مهمة التدريب، سواء مع نواد قطرية مثل لخويا والدحيل (أنشئ بعد توحيد نادي لخويا ونادي الجيش)، أو مع منتخب قطر للشباب ومنتخب الكبار أيضا، ثم أخيرا مع المنتخب الجزائري، لم تخل تلك السنوات من متاعب على الميدان وكذلك أمام كاميرات وميكروفونات الصحفيين، وقف أمامها بشراسة غرستها فيه الضواحي الباريسية التي ولد فيها في مارس/آذار 1976 وترعرع فيها.

جدية مدرب محاربي الصحراء وصرامته انعكست في مناسبات عديدة مع الصحفيين، ففي إحدى المناسبات وبينما كان يدلي بتصريح لصحفيين جزائريين في الهواء الطلق وسط تدافع وفوضى، قرر الانسحاب غاضبا دون أن ينهي تصريحه الصحفي.

وفي ندوة صحفية في الجزائر أيضا، وبعد انزعاجه من الرنين المتكرر لهواتف الصحفيين، انفجر في وجوههم قائلا “من فضلكم نحن في ندوة صحفية، أغلقوا هواتفكم، وقد قلنا لكم هذا من قبل، وإلا فسوف أفتح أنا أيضا هاتفي وستجدون أنه لن يبقى لدي وقت أتحدث فيه معكم، أنتم طلبتم هذه الندوة الصحفية وطلبتم معلومات وتوضيحات، والوقت المحدد لها هو أربعون دقيقة، وبعدها يمكنكم أن تشغلوا هواتفكم كيفما شئتم.. هذا لا يطاق”.

جمال بلماضي معاتبا لاعبييه في مباراتهم ضد غينيا في دوري 16 بكأس أمم أفريقيا الحالية (رويترز)

أنتم صحفيون وأنا مدرب
وكعادة الصحافة في كل بلدان العالم، مرت فترة انتقد فيها الصحفيون الجزائريون اختيارات المدرب بلماضي، وانتقدوا تركيزه على المحترفين و”إهماله” للذين يلعبون في البطولة الجزائرية، فكان رده في ندوة صحفية أن البطولة ضعيفة وليست في المستوى، وأن من يقول غير ذلك فإنه لا يقول الحقيقة.

وأضاف “سأذهب إلى الملاعب، سأشاهد المباريات، سأختار اللاعبين، لكن لن أختار فقط أولئك الذين تكتبون عنهم، أنتم صحفيون ولكم رؤيتكم، وأنا مدرب ولي رؤية مختلفة، لقد توليت هذه المهمة منذ أسابيع فقط، ورأيتموني في الملاعب، لم أجلس في بيتي ولم أذهب إلى النوادي الأوروبية، مارسوا مهمتكم لكن دعوني أمارس مهمتي أنا أيضا”.

وتابع في الندوة الصحفية نفسها “عندما يتم اختيار اللاعبين المحليين تطالبون بالمحترفين، وعندما يتم اختيار المحترفين تطالبون بالمحليين، أوقفوا هذا الخطاب المزدوج”. وفي أثناء الندوة وبعدما كثرت عليه بعض الأسئلة المحرجة، قال بلماضي بنوع من السخرية “لقد تم اختياركم بعناية”، فسأله أحدهم: وهل هذا يزعجك؟ فأجاب “أبدا أبدا لا يزعجني”.

من مباراة الجزائر مع كينيا يوم 23 يونيو/حزيران الماضي في القاهرة (الأوروبية)

مراوغ بارع
مميزات شخصية بلماضي تجعل منه مواجها شرسا لخصومه، لذلك يبدو أنه يطبق في الندوات الصحفية ما قاله عنه اللاعب الدولي الجزائري السابق لخضر بلومي يوم كان بلماضي متألقا مع المنتخب الجزائري في الفترة بين 2000 و2004، حيث قال إنه “يستخدم كل إمكاناته ولا يدخر جهدا ولا يؤثر عليه الضغط”.

وكما كان بلماضي مراوغا بارعا وهو لاعب في النوادي الأوروبية أو مع المنتخب الجزائري، فهو أيضا متحدث يجيد المراوغة واستخدام الكلمات، كما يجيد لفت انتباه الخصم وجره إلى حيث لا يتوقع، وكما كان يجيد تنفيذ الركلات الثابتة ويودعها في الشباك، فهو يجيد الرد بـ”أجوبة ثابتة” تكون أحيانا صادمة.

ففي مرة سئل كيف سيبني منتخب الجزائر حول اللاعب الدولي رياض محرز باعتباره محور الفريق؟ أجاب بلماضي “لا أبني فريقا على أي أحد مهما كان، وليس هناك أحد يمكن أن يعتبر محورا، الفريق هو محور نفسه، لا يمكن أن يكون لاعب واحد محور فريق كامل”.

وفي أحد المؤتمرات الصحفية رد على صحفي من الإذاعة الجزائرية سأله وبدأ يقاطعه “أنت هنا لتطرح أسئلة وأنا هنا لأجيب، لك أن تطرح السؤال الذي تريد وسأجيب الجواب الذي أريد، نحن في مؤتمر صحفي ولسنا في محكمة”، وتابع “تكررون نفس الأسئلة في المؤتمرات الصحفية، أتمنى أن تتمتعوا بالخيال الكافي لتنويع أسئلتكم”.

من مباراة الجزائر مع السنغال في دور المجموعات ببطولة كأس أمم أفريقيا الحالية (رويترز)

تشكيلة السنغال
المؤتمرات الصحفية التي عقدها بلماضي خلال بطولة أمم أفريقيا الحالية، لم تخل من مثل هذه الأجوبة و”الضربات القاضية”، ففي أحدها تلقى سؤالا مستفزا، وحاول مسير النقاش أن يوجه الصحفي إلى أن هذا النوع من الأسئلة لا يليق، لكن بلماضي قاطع المسير قائلا “دعه يتمم، ولا تخف فأنا أعرف كيف أتصرف وكيف أرد”.

ثم رد على الصحفي قائلا “عليك أن تتعلم أولا كيف تطرح الأسئلة، فهناك أسئلة وهناك اعتداءات لفظية، وهذا السؤال هو بمثابة اعتداء لفظي، لم أفهم سؤالك فهو غير واضح ربما لأنك لم تفهم ماذا قلت أنا، وربما أثرت عليك هزيمة فريق بلدك، عليك أن تتحلى بالروح الرياضية مثل باقي زملائك، فهذه هي أحسن طريقة لتقبل الهزيمة، وليس عبر ممارسة العنف اللفظي على مدرب الفريق الخصم”.

صحفية سنغالية هي الأخرى حاولت استدراج بلماضي ليكشف عن تشكيلته أمام السنغال في دور المجموعات، إذ سألته إن كان سيحدث تغييرات في فريقه، فرد عليها “تريدين معرفة تشكيلة المنتخب الجزائري أليس كذلك؟ سأعطيك تشكيلة منتخب بلادك إن أردت”.

ثم بدأ بسرد توقعاته للتشكيلة التي يمكن أن يلعب بها الفريق السنغالي، وبتخمين الخطة التي سيلعب بها مدربه، ثم قال “الآن تريدين تشكيلة منتخبي؟ لن أكشف عنها الآن”.

وجوابا أيضا على صحفي سنغالي سأله هل يتوقع الهزيمة في النهائي؟ قال “نعم يمكننا فعلا أن ننهزم في هذه المباراة، فنحن سنواجه منتخبا وصل إلى النهائي، وجاء الأول على الصعيد الأفريقي في ترتيب الفيفا، ولعب في المونديال الماضي بينما نحن لم يحالفنا الحظ في ذلك”.

وأضاف “كما أننا في كأس الأمم الأفريقية الأخيرة خرجنا من الدور الأول، إذن فكل الأرقام والإحصاءات في صالحكم، ومن ثم فهزيمتنا متوقعة”، وتابع بسخرية “لقد فهمت سؤالك جيدا، ولكني أجبت عنه بالطريقة التي أريد أنا وليس بالطريقة التي تريد أنت”.

من مباراة الجزائر ضد تنزانيا يوم 1 يوليو/تموز الجاري (رويترز)

هذه مهمة الفار وليست مهمتك
ومن أبرز المواقف التي سجلتها الكاميرات لبلماضي وهو يرد بقوة على الصحافة، مشهد يجيب فيه صحفية نيجيرية سألته في المؤتمر الصحفي الذي سبق مباراة نصف النهائي التي جمعت منتخب بلادها مع الجزائر قائلة “في مباراة الجزائر ضد ساحل العاج أمسك اللاعب رامي بن سبعيني يد اللاعب زاها وصفع بها وجهه وسقط على الأرض في محاولة منه لخداع الحكم ليعاقبه ببطاقة صفراء، ما رأيكم في هذا السلوك؟ وهل تحدثت معه؟ وهل ترى أن هذا السلوك مقبول في مثل هذه البطولة؟”.

وكان جواب بلماضي كالتالي “لا أعتقد أن هذا هو المكان المناسب للحديث عن مثل هذه الأمور، إذا كنت تحاولين الضغط علينا، فليست هذه هي الطريقة الصحيحة لفعل ذلك، حاولي أن تفوزي علينا بطريقة أخرى، وليس بهذه الطريقة السيئة، هناك تقنية عملت لمثل هذا اسمها الفار (حكم الفيديو المساعد)، وليس من مهمتك أصلا الحديث عن مثل هذه الأمور”.

وفي المؤتمر الصحفي الذي أعقب مواجهة نيجيريا، كرر صحفي نيجيري سؤال زميلته، وقال “هذا سؤال ربما لا تحبه لكن أعتقد أنه لا بد من طرحه، يوم أمس في المؤتمر الصحفي سألتك زميلتي عن تصرف لاعبك بن سبعيني في مباراة ساحل العاج، أنت بوصفك لاعبا سابقا ومدربا حاليا ألا ترى أن هذا التصرف يجب إدانته؟”.

بلماضي رد على الصحفي النيجيري “هل أنت جاد؟ هل أنت محاميه؟ ما هذا السؤال يا صديقي، نحن نتحدث عن مباراة نصف النهائي، هل أنت نيجيري؟ لديك مدرب منتخبكم، وقد لعبوا مباراة جيدة جدا، وأنت تتكلم عن هذه الأشياء؟”.

مواقف عديدة عاشها بلماضي مع الصحافة كشفت “وجهه الجزائري الصارم”، وأبرزت مدربا يعرف كيف يستثمر فن المناورة الذي تمرن عليه في الميادين، وينقله إلى ساحات “التدافع” مع الصحافة ليواجه به متاعب أصحاب مهنة المتاعب.