محمد الزيدي-المثنى
لا يحتاج الزائر لمدينة السماوة مركز محافظة المثنى جنوب غرب بغداد، الكثير من الوقت حتى يشخّص ظاهرة الفقر المدقع الذي يعانيه أبناء المدينة، فلا بنايات تناطح السحاب ولا مشاريع عمرانية كبيرة، كل ما يمتلكه السماويون هو العيش تحت خط الفقر، وطيبة متناهية في التعامل مع الآخر تكاد تميزهم عن باقي محافظات العراق.
قلة عدد السكان وندرة التخصيصات المالية للمحافظة وعدم وجود موانئ ومنافذ حدودية والحيلولة دون الاستفادة من مختلف الموارد الاقتصادية في بادية السماوة؛ أسباب أدت إلى ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في محافظة المثنى التي تعد ثاني أفقر محافظات البلاد بحسب وزارة التخطيط العراقية، لكن مع هذا كله ثمة موارد اقتصادية لم تمتد لها يد الاستثمار بعد.
ثروات هائلة
تحتل بادية السماوة ومساحاتها الصحراوية ما يقرب من 90% من مساحة المحافظة الكلية البالغة أكثر من خمسين ألف كيلومتر مربع، وتضم العديد من الموارد الطبيعية والنفطية والثروات المعدنية، كحجر الكلس الذي يدخل في صناعة الإسمنت وخامات السيراميك والسليكات المستخدمة في صناعة ألواح الزجاج والسيراميك، وطين الكاولين الذي يعد من أفضل أنواع الطين، فضلا عن إنتاج الصودا الكاوية والكلورين وملح الطعام العالي النقاوة وكميات من الكمأة (الفقع).
لكن المحافظة تعاني من فقر كبير يجعلها تحتل صدارة المحافظات العراقية الفقيرة، بحسب مدير هيئة استثمار المحافظة عادل الياسري.
الياسري أوضح للجزيرة نت أن بادية المحافظة فيها “العديد من الفرص الاستثمارية في جانب الزراعة والثروة الحيوانية، لتوفر المساحات الشاسعة والمياه الجوفية والمناخ الاستثماري الملائم”، مشيرا إلى أن الهيئة “نجحت في جذب أكثر من 13 مستثمرا عراقيا في مشاريع مختلفة تخص الزراعة والثروة الحيوانية”.
ويدعو رئيس هيئة الاستثمار المستثمرين العرب للاستفادة من المشاريع الزراعية، واستغلال بحيرة ساوة التي يمكن أن تكون من أبرز المناطق الترفيهية في محافظة المثنى وتدر أموالا طائلة.
من جهته، يكشف عضو مجلس محافظة المثنى طالب الميالي عن أن فرق الاستكشافات الجيولوجية اكتشفت في بادية السماوة ولأول مرة طبقات من أحجار المرمر وحقولا نفطية كبيرة وكميات هائلة من المياه الجوفية تقدر بعشرين مليار متر مكعب، وهي جميعها قريبة من سطح الأرض، مما يجعل استثمارها غير مكلف.
نباتات فريدة
ولا تحتوي بادية السماوة على الموارد الاقتصادية والمعدنية فقط، ففيها الكثير من النبات الطبية البرية الفريدة من نوعها كـ” الحميض والشفلح والحنظل والعندل”، والتي يدخل بعضها في علاج أمراض مختلفة كالسرطان والحروق الجلدية ومفاصل العظام، وفقا لما يقوله مدير مركز دراسات البادية وبحيرة ساوة في جامعة المثنى طه ياسين فرحان.
وكشف فرحان للجزيرة نت عن نيته إنشاء بنك لبذور تلك النباتات للحفاظ عليها، ودعوة الحكومة إلى اعتبار بادية السماوة محمية طبيعية.
واحد من أسباب الفقر المدقع الذي يعاني منه السماويون تراه عضو مجلس النواب عن محافظة المثنى أشواق كريم، ناجما عما تصفه بمماطلة الحكومة العراقية في الموافقة على فتح منفذ الجميمة الحدودي، رغم المطالبات المحلية بذلك، فضلا عن عدم استغلال البادية بشكل صحيح للاستفادة من مواردها.
وتشير النائبة أشواق إلى أن البادية فيها الكثير من الموارد والمواقع الأثرية التي يمكن أن تصب في مصلحة واردات المحافظة لو استثمرت بشكل صحيح.
وعود حكومية
وبهدف تشجيع المستثمرين على القدوم إلى محافظة المثنى والاستفادة من مواردها الاقتصادية، يقول رئيس اللجنة الأمنية في مجلس محافظة المثنى فريق فوين إن القوات الأمنية تفرض سيطرتها الكاملة على بادية المحافظة، وتوفر أرضا خصبة للراغبين في الاستثمار، مبينا أن “المثنى وباديتها مؤمنة بالكامل وتنتشر فيها نقاط ودوريات للقوات الأمنية ولخفر الحدود، ولا توجد أية مخاوف يمكن أن تقلق المستثمر”.
وبين المسؤول الأمني في حديثه للجزيرة نت أن حكومة المثنى المحلية لديها الاستعداد “لتقديم كافة التسهيلات ومنح الرخصة الاستثمارية بصورة متيسرة وبسيطة، وهي على أتم الاستعداد لتوفير الحماية الكاملة للمستثمر وفقا لما ينص عليه قانون الاستثمار العراقي”.
المصدر : الجزيرة