47
مشهد أصبح مألوفاً لدى الكثيرين في دولة قطر، منذ ما يقرب من عشرين عاماً أن تطلق فتحية زعلاني أول سائقة سيارة إسعاف بدولة قطر صفارة الإسعاف لتعلن وجودها ملبيةً نداء واجبها الإنساني بخطى واثقة ومسرعة برفقة زملائها لإنقاذ حياة المرضى من جراء الحوادث المرورية وغيرها من الحوادث ، لتتخطى كافة الحواجز والصعاب لتصل إلى هدفها بنجاح.
وعلى مدار سنوات عملها الطوال حققت نجاحاً وتميزاً ملحوظاً لتثبت أن المرأة تستطيع منافسة الرجال حتى في أصعب المجالات ما دامت توافرت العزيمة والإصرار.
تقول فتحية زعلاني- أول سائقة إسعاف والسائقة الوحيدة حتى الآن بخدمة الإسعاف بمؤسسة حمد الطبية: “أنهيت دراستي الجامعية في المجال الطبي بتونس وفي عام 2000 قدمت إلى الدوحة والتحقت بالعمل بخدمة الإسعاف بمؤسسة حمد الطبية كأول مسعفة تختص بالتعامل مع الحالات النسائية ؛ لأسطر بذلك أول دخول للعنصر النسائي في مجال الإسعاف، وبعد فترة وجيزة بدأت أتعامل مع كافة الحالات من الرجال والنساء كمساعد مسعف متقدم للحالات الحرجة ومن فرط حبي لمهنتي الإنسانية اقترح المدير على قيادة سيارة الإسعاف ، وحصلت على دورة تدريبية مكثفة تؤهلني لقيادة سيارة الإسعاف المتقدمة لمدة شهرين، ثم خضعت لاختبار شامل اجتزته بنجاح وحصلت على رخصة دخولي المهنة لأكون بذلك أول امرأة تقود سيارات إسعاف في دولة قطر”.
واستطردت فتحية قائلةً: ” أتذكر أول مرة أقود فيها سيارة الإسعاف؛ حيث كانت أول سيارة إسعاف متقدمة يتم تدشينها في خدمة الإسعاف بمؤسسة حمد الطبية، وبدا الأمر مستغرباً لدى الشارع القطري ورأيت ذلك في نظرات الجمهور من سائقي السيارات الذين بدأوا يلقون لي التحية بصافرات سياراتهم واحداً تلو الآخر، ولكن مع مرور الوقت أصبح الأمر معتاداً لديهم”.
من جانبه قال السيد براندون موريس، المدير التنفيذي لخدمة الإسعاف بمؤسسة حمد الطبية، أن فتحية تمثل نموذجاً رائعاً للتنوع في خدمة الإسعاف، وأضاف: “يعتبر مجال الإسعاف الطبي في مختلف أنحاء العالم من المجالات التي تزيد فيها مشاركة الرجل عن المرأة، إلا أن النموذج الذي تقدمه فتحية يؤكد على أنه وبغض النظر عن كون المسعف رجلاً أو امرأة، فإن المسعفين يقومون بدور في غاية الأهمية في المجتمعات التي يعملون بها. نعمل دائماً على تشجيع المزيد من النساء على الالتحاق بخدمة الإسعاف للمساهمة في هذه الخدمة الجليلة التي نقدمها للمجتمع والمتمثلة في المساعدة على إنقاذ حياة المرضى والمصابين”.
قيادة سيارة الإسعاف تتطلب التحلي بالحنكة والصبر والمهارة وحسن التصرف وإدارة الوقت للوصول إلى المريض في وقت قياسي، وإجراء اللازم لإنقاذ حياته؛ وهذه الصفات تتحلى بهم جميعاً فتحية، التي تؤكد أن المهنة أضافت لها العديد من المهارات مثل: قوة الشخصية، سرعة اتخاذ القرار المناسب، تحديد الأهداف والشجاعة، وأضافت قائلةً: ” هذه المهنة إنسانية من الدرجة الأولى، وتستطيع المرأة خوض هذا المجال والتميز فيه، لذا أشجع غيري من السيدات والفتيات بعدم التردد في الالتحاق بمهنة الإسعاف لاكتساب مزيد من الخبرات، خاصةً في ظل وجود العديد من الحالات النسائية التي تتطلب وجود سيدات للتعامل معها”.
تسعى فتحية دائماً لتطوير نفسها من خلال خوض العديد من الدورات التدريبية في مجال الإسعاف؛ حيث أهَّلها سعيها الدؤوب واجتهادها في العمل لتمثيل خدمة الإسعاف في العديد من الفعاليات التدريبية وورش العمل المختلفة لتدريب وتطوير الكثير من الشباب من الجنسين، لينتهي بها المطاف حالياً بالعمل كمشرف أول بقسم اتصالات الإسعاف بمركز القيادة الوطني إلى جانب عملها كسائقة سيارة إسعاف لتصبح أيضاً أول امرأة تلتحق بالمركز وكأن نصيبها وقدرها أن تكون الأولى في مختلف المجالات، تقود فريق عملها بتفانٍ، وتدرب المشرفين الجدد وتمثل خدمة الإسعاف أمام المحافل الدولية.
وأشادت فتحية بمسؤوليها بخدمة الإسعاف ومؤسسة حمد الطبية لما يقدمونه لها من دعم مستمر منذ التحاقها بالمهنة وتذليل العقبات والصعوبات التي تواجهها، مما أفسح المجال لها ولغيرها من العديد من الفتيات والسيدات بالتواجد في بيئة عمل صحية أتاحت لهن الفرصة للتميز وبذل قصارى جهودهن للارتقاء بالمهنة وتقديم أفضل رعاية صحية للمرضى.