فنزويلا.. عندما تُستخدم المساعدات الإنسانية سلاحا لإسقاط الأنظمة

723 views Leave a comment
فنزويلا.. عندما تُستخدم المساعدات الإنسانية سلاحا لإسقاط الأنظمة

يقول الكاتب ديلان بادور في مقال نشرته مجلة ذي أتلانتك الأميركية إنه يبدو أن الولايات المتحدة تعتمد إستراتيجية غير مباشرة للإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وذلك باستخدام المساعدات سلاحا في هذا السياق.

ويضيف أن أميركا تقدم المساعدات الإنسانية للاجئين الفنزويليين، وذلك على أمل كسب ثقتهم وقلبهم ضد الرئيس مادورو، وذلك لإجباره على التنحي عن السلطة.  

ويوضح الكاتب أن عددا من المسؤولين الأميركيين توجهوا بخطابات إلى وسائل الإعلام خلال الأيام الماضية على الحدود الفنزويلية الكولومبية، وذلك للترويج لمشروع يهدف إلى تحدي النظام في فنزويلا.

ويستدرك بادور بأن هذا الأمر أثار قلق المنظمات الإنسانية الدولية، مشيرا إلى أن السفير الأميركي في كولومبيا كيفين ويتكر تحدث للصحافة بالقرب من جسر حدودي محصن، حيث وصلت أولى شحنات المساعدات الأميركية إلى فنزويلا.

 المساعدات تهدف ظاهريا إلى تخفيف حدة الأزمات المتفاقمة التي تعاني منها فنزويلا (رويترز)

مساعدات
ويشير بادور إلى أن مدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية مارك غرين توجه بعد أيام بخطاب للصحفيين من منصة على مدرج المطار، حيث فرغت رافعات شوكية مساعدات إنسانية كانت محملة على طائرات شحن عسكرية.

ويضيف بادور أن السيناتور ماركو روبيو -وهو أبرز منتقدي الحكومة في كراكاس– حضر لمقابلة مديري الخطة في فنزويلا، وذلك لتحميل مئتي طن من المساعدات إلى بلادهم صباح السبت الماضي.

ويشير الكاتب إلى أن هذه المساعدات المقدمة من الولايات المتحدة تحتوي على البقالة والبسكويت والمكملات الغذائية والمنتجات الصحية، إلى جانب مساعدات طبية، وأنها تهدف ظاهريا إلى تخفيف حدة الأزمات المتفاقمة التي تعاني منها البلاد، بيد أنها في الواقع تسعى إلى تحقيق هدف آخر.  

ويوضح بادور أن الولايات المتحدة تأمل أن تساهم هذه المساعدات في إجبار الرئيس الفنزويلي على التنحي عن السلطة، فضلا عن تحريض الضباط العسكريين على التنكر لحكومتهم الحالية.

مجموعات الإغاثة الدولية تخشى أن تكون هذه عملية سياسية مبطنة بأهداف إنسانية (رويترز)

أهداف وقلق
ويضيف بادور أن مجموعات الإغاثة الدولية تخشى أن تكون هذه عملية سياسية مبطنة بأهداف إنسانية يمكن أن تنجر عنها عواقب وخيمة.

ويعتبر بادور أن الأوضاع المعيشية لمعظم الفنزويليين تدهورت بشكل كبير خلال السنة الماضية، وأن آلاف السكان الذين يفرون من البلاد يوميا، وفي معظم الأحيان سيرا على الأقدام، ويتعرضون للمرض والجوع، حيث بات الغذاء نادرا.

ويشير إلى أن المشرعين في فنزويلا يرحبون بزعيم المعارضة خوان غوايدو رئيسا مؤقتا للبلاد، مما أسفر عن اندلاع احتجاجات كبيرة في جميع أنحاء البلاد، مضيفا أن جهود غوايدو الرامية إلى كسب دعم الزعماء العسكريين الفنزويليين النافذين لم تسفر عن أي تقدم يذكر.

ويقول الكاتب إن غوايدو طلب من الولايات المتحدة تقديم المعونة لبلاده، في حين أمر الرئيس مادورو الجيش بعدم السماح بدخول المساعدات الأميركية، لكن المسؤولين الأميركيين دعوا القوات الفنزويلية إلى عدم الامتثال لهذه الأوامر. 

حياد
ويضيف أن جميع المنظمات الإنسانية المهمة تقريبا تسعى للحفاظ على حيادها إزاء ما يجري في البلاد، حيث تجنب موظفو الإعانة الإنسانية الخوض في هذه المسألة خشية من تبعات ذلك على عمل منظماتهم.

وينسب بادور إلى أحد مديري فرق المساعدات الإنسانية قوله إن استخدام المساعدات لتحدي الرئيس أمر ينافي مبادئ الإنسانية، في حين يشعر الكثيرون في دول أميركا اللاتينية بالريبة إزاء أي مساع للتدخل الأميركي في الشؤون الإقليمية، ولا سيما أن واشنطن تملك تاريخا حافلا من النتائج الكارثية والمدمرة لتدخلاتها في المنطقة.

ونقل الكاتب عن آنا تيريزا كاستيلو مديرة “جمعية ديريدس” -التي ساعدت على مدى سنوات طويلة الأشخاص الذين يعانون من الجوع على الحدود الفنزويلية الكولومبية- أن الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة تعتبر مجازفة خطيرة.

وأعربت كاستيلو عن حزنها الشديد لرؤية الكثير من المواد الغذائية مخزنة في مستودع ولن يستفيد منها سوى عدد قليل من المحتاجين، ناهيك عن شعورها بالقلق من أن تحركات واشنطن ما هي إلا تمهيد لاندلاع المزيد من أحداث عنف.

وعبرت كاستيلو عن أملها في ألا تصبح فنزويلا مثل سوريا، ولا سيما في ظل تشبث رئيس البلاد بمنصبه، لأن المدنيين هم من سيدفعون الثمن في نهاية الأمر.

المصدر : الجزيرة,أتلانتك