ماذا اقترف السيسي ليعطيه ماكرون درسا في الحريات؟

624 views Leave a comment
ماذا اقترف السيسي ليعطيه ماكرون درسا في الحريات؟

ما الذي أجبر الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون للخروج عن الأعراف الدبلوماسية وإجباره على تلقين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي درسا في حقوق المواطنين وحرياتهم؟.. وكيف ارتبك السيسي فرد بما اعتبره مراقبون “عذرا أقبح من ذنب”.

برنامج “ما وراء الخبر” تساءل بحلقته بتاريخ (2019/1/29) عن الأسباب التي دفعت ماكرون لفعل ما رفض القيام به قبل ثلاثة أشهر عندما استقبل السيسي بباريس، كما ناقش البرنامج الرد الذي تعذر به السيسي لتبرير بطشه بالشعب المصري، معتبرا أن معايير الحريات تختلف بين فرنسا ومصر، ما زاد الطين بلة هو تزامن زيارة ماكرون للقاهرة مع اعتقال عدد من الناشطين المصريين لمجرد تدوينات لهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

جرائم السيسي
بحسب الباحث والكاتب الفرنسي جان بيار فإن ماكرون يتعرض لضغوط هائلة من قبل المجتمع المدني ومن قبل الهيئات الدبلوماسية ببارس تطالبه باتخاذ موقف قوي وعلني تجاه تراجع مستوى الحقوق والحريات بمصر. 

وأشار بيار إلى أن هذه الهيئات انتقدت رفض ماكرون مناقشة واقع الحريات بمصر خلال استقباله السيسي بباريس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رافضة المساومة على مبادئ الحرية بصفقات أسلحة تبرم مع الحكومة المصرية.

بالمقابل دافع الباحث في معهد يوتو ماك للدراسات السياسية توفيق حميد عن التبريرات التي ساقها السيسي ردا على انتقادات ماكرون لواقع الحريات بمصر، التي دعا فيها إلى عدم مقارنة الحريات التي يستحقها المواطن المصري بتلك التي ينالها الأوروبي نظرا لاختلاف ظروف الطرفين.

ورأى حميد أن “اللغة” لعبت دورا بهذا الفجوة التي ظهرت بموقف الرئيسين، مؤكدا أن الرئيس السيسي عندما يعتقل ناشطين ومدونين، فهو يفعل ذلك لأن المدونين في مصر فئتان، إما صادق يعبر عن رأيه، وإما ممول من جهات خارجية هدفه إحداث بلبلة بمصر والإضرار باقتصادها من خلال نشر أخبار كاذبة، وهذه الفئة هي التي يلاحقها نظام السيسي ويزج بها بالسجون على حد رأيه.

وبحسب حميد فإن فرنسا لا يوجد بها ناشطون مأجورون، وكل الناشطين والمدونين فيها يعبرون عن آرائهم، ولذلك فإن ماكرون يعتقد أن الحال نفسه بمصر.

وجهة النظر هذه رفضها بشدة الحقوقي أحمد مفرح الذي اعتبر أن الدفاع عن السيسي وعن مبرراته لقمع الحريات هو جريمة بحد ذاته، وأكد أن ماكرون يملك من الخبرة والمعرفة ما يجعله يفرق بين التعليقات التي تعبر عن نبض المواطنين وتلك التي تبث أخبارا ملفقة.

من جانبه رد الباحث الفرنسي على تصريحات حميد بالإشارة إلى أن كل المنظمات الحقوقية بالعالم دون استثناء تنتقد تراجع واقع الحريات بمصر، مؤكدا أن هذه المنظمات بوسعها التفريق بين الأخبار الملفقة وبين حق المواطنين بالتعبير عن رأيهم.

وقال بيار إن فرنسا والمنظمات الحقوقية بالعالم تدرك أن مصر تواجه مشاكل مع “جماعات إرهابية” وأنها تواجه أوضاعا صعبة في سيناء، وأن “الأقباط فيها يواجهون تهديدات كبيرة”، لكنها تدرك تماما أن القمع والقبضة الحديدية التي تمارسها السلطات بعهد السيسي قد زادت من حدة العنف بالبلاد ولم تقلله.

وضع استثنائي
ومجددا دافع حميد عن سياسات نظام السيسي بمصر، وقال إن الرجل استلم الحكم بعد ثورتين، وإنه استلم واقعا صعبا اضطره لوضع قوانين فيها من القسوة ما يمكنه من إعادة الهدوء والاستقرار للبلاد والنهوض بها اقتصاديا.

وقال حميد إن الولايات المتحدة بعد أحداث 11 سبتمبر اضطرت لإصدار قوانين وتشريعات تتناقض مع مبادئها، مثل التنصت على المكالمات الهاتفية، وذلك لمواجهة واقع استثنائي.

وبحسب حميد فإن السيسي يتمنى أن يجعل من مصر واحة أمن وحريات وأنه يحث الخطى في ذلك، لكنه لن يستبق الأحداث فقط لإرضاء الأوروبيين.