يقول الكاتب مهدي بلمشري في مقال نشره له موقع أوريان 21 الفرنسي إن الحكومة الإسرائيلية صدقت على مشروع قانون تم تقديمه في 17 يونيو/حزيران 2008 ينص على سجن أي شخص يصور الجنود الإسرائيليين عشر سنوات.
ويرى الكاتب أن إسرائيل ترمي من وراء هذه الخطوة إلى حظر ما غمر شبكات التواصل الاجتماعي منذ سنوات من مقاطع فيديو وصور تظهر العنف الذي تمارسه قواتها ضد الفلسطينيين، وذلك لمكافحة ما تزعم أنها “هجمات على أمن الدولة” ومحاولات لنزع الشرعية عنها.
ويشير بلمشري إلى أن القصة بدأت في مارس/آذار 2016، وذلك حين انتشر تقرير فيديو على الشبكات الاجتماعية كالنار في الهشيم وشاهده الملايين من مستخدمي الإنترنت ثم بثته وسائل الإعلام في جميع أنحاء العالم، وذلك في اليوم نفسه الذي تم تسجيله فيه بمدينة الخليل في الضفة الغربية.
ويظهر ذلك التسجيل بوضوح كامل جنديا إسرائيليا يقترب من فلسطيني ملقى على الأرض ويطلق رصاصة على رأسه، وتوضح الصورة تدفق الدم من رأس الضحية، وأن الجندي المسؤول عن هذه الجريمة رقيب (فرنسي إسرائيلي) في جيش الاحتلال وعضو في وحدة طبية ويدعى إيلور عزريا.
هدف مشروع الكاميرا هو جعل المجتمع الإسرائيلي وبقية العالم واعين لعنف جيش الاحتلال ومستوطنيه (رويترز) |
ردود فعل
ويقول الكاتب إن هذا الفيديو -الذي سجله ناشط من منظمة بتسليم الإسرائيلية غير الحكومية- أثار ردود فعل داخل الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان التي وصفت الجريمة بأنها “إعدام خارج نطاق القانون”، وأن التقرير أصبح دليل اتهام كذلك في محاكمة الجندي الذي حكم عليه بالسجن 18 شهرا والذي أبدى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرارا وتكرارا دعمه له.
ويشير الكاتب إلى أن منظمة بتسليم الإسرائيلية أطلقت في يناير/كانون الثاني 2007 “مشروع الكاميرا” الذي دربت من خلاله العديد من الفلسطينيين على التصوير وجهزت عشرات العائلات الفلسطينية بكاميرات تمكنها من تصوير الهجمات التي تواجهها بعيدا عن عيون العالم.
ويضيف أن هدف المنظمة من هذا المشروع هو جعل المجتمع الإسرائيلي وبقية العالم واعين لعنف جيش الاحتلال ومستوطنيه، وينسب إلى المتحدث باسم المنظمة وصفه المشروع بأنه “واحد من مشاريعنا الرائدة التي تساعدنا على كشف واقع الحياة اليومية وانتهاكات حقوق الإنسان في ظل الاحتلال”.
ويشير الكاتب إلى أن التسارع التدريجي في استخدام الفيديو لعب دورا مركزيا أيضا في الثورات التي انطلقت من تونس وشملت مصر وغيرها، وأنه أسهم في كسر احتكار الأنظمة الاستبدادية وسائل الإعلام المحلية، وأنه في الوقت نفسه أظهر ما تمارسه من قمع وعنف ضد شعوبها.
حرب الصور
ويضيف الكاتب أن بول موريرا مخرج الفيلم الوثائقي “حرب غير مرئية” يصف ما تقوم به اللجنة الشعبية في قرية النبي صالح شمال القدس من استخدام فعال ومتفرد للفيديو بأنه يدخل ضمن ما يسميها “حرب الصور”، حيث يتم توثيق المسيرات الأسبوعية كل يوم جمعة بصور وفيديو تظهر كلا من الجيش الإسرائيلي ومقاومة سكان القرية.
وتؤدي مقاطع الفيديو إلى تقويض دعاية المحتل وتوعية آلاف الأشخاص بممارسات الجيش الإسرائيلي، في الوقت الذي عززت فيه قناعة المتضامنين مع الفلسطينيين.
ويشير إلى أن أكثر ما يزعج إسرائيل في هذه الأفلام الصغيرة التي يطلقها الفلسطينيون في الأراضي المحتلة هو أنها تقوض آليات الدعاية التي تبني صورة “إسرائيل المشرقة” التي تسعى لها منذ سنين.
المصدر : الجزيرة,أوريان 21