أي دور للمصارف في حلحلة ملف الاندماج الاقتصادي المغاربي؟

560 ‎مشاهدات Leave a comment
أي دور للمصارف في حلحلة ملف الاندماج الاقتصادي المغاربي؟

خميس بن بريك-تونس

يبدو أن مساعي حلحلة الجمود الجاثم على مسار الاندماج الاقتصادي المغاربي بدأت تأخذ اهتماما متزايدا من قبل البنوك المركزية للدول الأعضاء التي اختتمت مساء الخميس اجتماع القمة المصرفية المغاربية بالعاصمة تونس حول رفع التحديات أمام المصارف بهذه المنطقة.
 
وهذه القمة لم يحضرها جميع محافظي البنوك المركزية المغاربية، لكن شهدت إقبالا كثيفا من قبل الجمعيات المهنية للبنوك المغاربية وحضرها محافظ البنك المركزي التونسي والأمين العام لاتحاد المغرب العربي والأمين العام لاتحاد المصارف المغاربية، وعدد آخر من المسؤولين.
 
وبشأن الخطوات الملموسة التي تشتغل عليها الدول الأعضاء بالاتحاد لدفع الاندماج الاقتصادي المشلول يقول عبد الفتاح الصغير غفار رئيس مجلس إدارة اتحاد المصارف المغاربية للجزيرة نت إن هناك تعاونا جديا بين البنوك المركزية المغاربية لدفع المبادلات التجارية والاستثمار.
 
بوادر إيجابية
 غفار: آفاق واعدة للتعاون المغاربي من خلال المصارف (الجزيرة)
ويوضح غفار أن لجانا شكلها اتحاد المصارف المغاربية تعمل حاليا على تذليل العقبات أمام التجارة البينية المغاربية التي قال إنها ما تزال محتشمة للغاية.
 
وأضاف أن اللجان تشاورت بشأن كيفية النهوض بالتعاون الاقتصادي عن طريق تطوير وسائل الدفع الإلكتروني وغيرها.
 
ويرى غفار أن هناك آفاقا واعدة للتعاون المغاربي عن طريق تفعيل دور اتحاد المصارف المغاربية التي تعمل أيضا على توفير خطوط التمويل وتفعيل الشراكة مع رجال الأعمال والمستثمرين المغاربة، الذين سينتفعون مع انطلاق مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا المدمرة من الحرب.
 
ويعلق غفار آمالا كثيرة في تحريك ملف الاندماج المتعثر بين بلدان المغرب العربي على تحسن العلاقات الجزائرية المغربية، معتبرا أن هناك فرصة لإحياء العلاقات بين البلدين ولا سيما بعدما دعا الملك المغربي مؤخرا لتشكيل لجنة للحوار مع الجزائر تهدف إلى تجاوز الخلافات.
 
من جانبه يقول المدير العام للمصرف المغاربي للاستثمار والتجارة الخارجية نور الدين زكري إن هناك فرصة كبيرة لدفع التعاون بين دول المغرب العربي ولا سيما مع انطلاق نشاط البنك المغاربي الذي قام بعشر عمليات تمويل بقيمة 43 مليون دينار (14 مليون دولار) هذا العام.
 
وانطلق نشاط هذا البنك فعليا هذا العام برأس مال قدره 150 مليون دينار، رغم أن اتفاقية تأسيسه تعود إلى عام 1991.
 
ويقول زكري للجزيرة نت إن البنك يسعى لأن يكون الذراع التمويلية لاتحاد المغرب العربي من أجل دفع التنمية والاستثمار وخلق مواطن الشغل في الاتحاد.
 
ويضيف أن “انطلاق نشاط هذا البنك كان حلما صعبا، لكنه تحقق الآن بفضل توفر الإرادة”.
 
ويأمل نور الدين زكري بجعل البنك أداة تمويل للمشاريع ذات الصبغة المغاربية المشتركة التي تعبد الطريق رويدا رويدا لبناء منطقة تبادل اقتصادي بين دول المغرب العربي، وفق تعبيره.
 
تسهيل الاستثمار
العباسي: فرص كثيرة لتحقيق التكامل الاقتصادي (الجزيرة)
وعن أهمية انعقاد القمة المصرفية المغاربية من أجل حلحلة ملف الاندماج المغاربي المفقود يقول محافظ البنك المركزي التونسي مروان العباسي للجزيرة نت إنه موعد مهم للغاية للتشاور بين الدول الأعضاء على مستوى البنوك المركزية حول تذليل العراقيل ودفع نشاط المصارف.
 
ويؤكد أن فرصا كثيرة متاحة أمام بلدان المغرب العربي لتحقيق التكامل الاقتصادي وزيادة التبادل التجاري الضعيف.
 
ويؤكد العباسي أنه تم التأكيد في هذه القمة على أهمية تحفيز الشركات الناشئة المختصة بتكنولوجيات الاتصال وتمويلها للقيام باستثمارات تعود بالنفع على المصارف.
 
وكشف أن المركزي التونسي بصدد صياغة منشور سيوزعه على مختلف البنوك التونسية ويتعلق بتسهيل أنشطة الشركات الناشئة المختصة بتكنولوجيات الاتصال بهدف تسهيل أنشطتها، سواء فيما يتعلق بتحويلات العملة الصعبة أو التعاون مع كفاءات مغاربية.
 
واعتبر العباسي أن الاندماج المغاربي يتطلب إضافة إلى تنمية المشاريع التكنولوجية المرتبطة بنشاط القطاع البنكي توحيد الجهود للمضي قدما في سياسة الانفتاح الاقتصادي وإرساء منظومة العدالة الاجتماعية وتكثيف المفاوضات بشأن عملية الاندماج الاقتصادي.
 
وبشأن التبادل التجاري الحالي بين الدول المغاربية قال العباسي إن منطقة المغرب العربي تعد من المناطق الأقل اندماجا في العالم، موضحا أن مبادلاتها تقل عن 5% من حجم المبادلات العالمية، بينما يفقد غياب الاندماج دول المغرب العربي نقطتي نمو سنويا.
 
خيار استراتيجي
 الزموري: ضرورة الاستفادة من إمكانيات السوق المغاربية (الجزيرة)
وعما إذا كان اجتماع القمة المصرفية المغاربية تطرق إلى الحديث عن توحيد العملة بين دول المغرب العربي قال العباسي إنه من السابق لأوانه التفكير بهذا الموضوع، مفيدا بأنه لا يمكن الحديث عن الدينار المغاربي إلا بعد أشواط متقدمة من استكمال الاندماج الاقتصادي الفعلي.
 
ويقول الخبير الاقتصادي منصف بوسنوقة الزموري إن هناك بوادر إيجابية بشأن حلحلة الملف المغاربي المتعثر منذ عقود، لكنه يؤكد أن الطريق ما زال طويلا لوضع الإصلاحات اللازمة والكفيلة بإزالة الحواجز والعراقيل أمام التجارة البينية والاستثمارات المشتركة بالاتحاد.
 
وعن أبرز الإشكاليات التي تعيق الاندماج قال الزموري إن التشريعات المتعلقة بالصرف تلعب دورا كابحا لتقدم إنجاز الاندماج داخل المنطقة المغاربية، متسائلا “كيف يعقل مثلا أن يحول ليبي عملة بلده بالدينار إلى الدولار ثم يغيرها عندما يسافر لتونس إلى الدولار ليشتري شيئا”.
 
ويرى الزموري أنه لم يعد هناك خيار سوى المضي قدما في تكثيف الاجتماعات بين المصارف المغاربية لإيجاد الحلول الكفيلة بتأقلمها مع المعايير الدولية ودفع التجارة البينية وتمويل المشاريع المشتركة من أجل تحقيق الثروة والاستفادة من الإمكانيات المتاحة في السوق المغاربية.

المصدر : الجزيرة