محمد خالد-بيروت
“سقط السقف على رؤوسنا ونحن نائمون”، هكذا يختصر اللاجئ الفلسطيني عمر غالي المعاناة التي يعيشها هو وعائلته في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في بيروت، داخل منزل مهدد بالسقوط محتاج إلى ترميم.
في الطابق الأول من المنزل تقطن الحاجة أم أحمد هي وطفلاها من ذوي الاحتياجات الخاصة، داخل منزل لا يصلح للعيش الآدمي، حيث الجدران متشققة والأعمدة متهالكة والسقف مهترئ، مما يجعل العائلة عرضة لخطر انهيار البيت.
تقول الحاجة أم أحمد وهي تتفحص جدران المنزل “نعاني من هذه الحالة منذ مدة طويلة، سقف المنزل سلبنا الراحة والطمأنينة، نخاف أن يسقط علينا في أي لحظة، لدي طفلان من ذوي الاحتياجات الخاصة، وأعيش طوال الوقت في قلق عليهما”.
لم تترك العائلة بابا إلا طرقته، لكنها لم تجد لمراجعاتها إلا وعودا لا تجدي، وتضيف الحاجة بحرقة “لا ندري ماذا نفعل؟ وحالتنا المادية صعبة جدا، لا نتمكن من ترميم المنزل على نفقتنا”.
في الطابق العلوي يقيم ابنها أحمد، وهو أب لثلاثة أبناء ويعاني من مشاكل جسدية لا يستطيع العمل بسببها. يعرض مقطع فيديو على جواله يظهر حجم الكارثة التي يعيشها مع كل هطول للأمطار، إذ يتحول منزله إلى مستنقع.
ويعقب قائلا “هناك شقوق في السقف وفي جدران المنزل، نضع الأواني داخل المنزل في فصل الشتاء كي لا يتحول إلى بركة مياه”.
ويضيف “أنا وأولادي مهددون بالموت في أي لحظة، ولم أتلق أي مساعدات لا من الأونروا ولا من التنظيمات، مع أن مسؤولين في الوكالة حضروا إلى المنزل والتقطوا صورا له ولم نتلق منهم أي رد، هذا بالإضافة إلى العديد من المؤسسات التي تأتي وتصور وتذهب دون أن نرى شيئا على أرض الوقع”.
ويقول اللاجئون إن العناية الإلهية وحدها هي التي تحمي بعض العائلات وتنقذهم عندما تنهار أسقف منازلهم أو جدرانها، ولا يصابون بأذى لغيابهم عن المنزل حينها أو لوجودهم في غرفة أخرى.
أين الأونروا؟
الفصائل الفلسطينية واللجان الشعبية في المخيم بدورها تطالب الأونروا بالإسراع في ترميم المنازل الآيلة للسقوط، لأن التأجيل والمماطلة في تنفيذ أعمال الترميم قد يزيد أعداد البيوت التي تحتاج إلى ترميم.
يقول أمين سر اللجنة الشعبية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية حسني أبو طاقة إن ترميم البيوت في المخيم مسؤولية الأونروا، ومن واجبها تخفيف معاناة ساكني المخيمات، ويضيف أن “الأونروا لا تتعاون معنا إطلاقا في عملية إحصاء المنازل ومتابعتها. ترسل موظفين يعاينون المنازل ولا تقوم بشيء مما يقتضيه الحال بحجة الأزمة المالية وأنها تعمل حسب المساعدات التي تتلقاها من الدول المانحة”.
ليست أزمة الأونروا المالية هي العائق الوحيد أمام عملية ترميم منازل اللاجئين، فهناك أيضا قانون منع التملك الذي يحظر على الفلسطيني التملك خارج المخيمات، أو إدخال مواد البناء إلى مخيمات الجنوب ومخيم برج البراجنة منذ 22 عاما، وهي كلها عوامل فاقمت معاناة اللاجئين الذين أصبحت حياتهم في مهب الريح وأصبحوا يعيشون في بيوت مهترئة، رغم ما تشكله من خطر على حياتهم.
جهود مبذولة
من جهته، يقول رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني الوزير السابق حسن منيمنة إن حجة السلطات اللبنانية في منع إدخال مواد البناء هي خوفها من استخدامها في أمور أخرى، لكن هناك جهودا تبذل مع السلطات اللبنانية من أجل التخفيف عن الفلسطينيين داخل المخيمات والسماح لهم بإدخال مواد البناء.
نحو خمسة آلاف منزل في المخيمات الفلسطينية في لبنان تواجه خطر السقوط والانهيار بحسب مؤسسة شاهد لحقوق الإنسان، التي تطالب الحكومة اللبنانية بتطبيق مبادئ القانون والقانون الدولي، ومعاملة اللاجئين الفلسطينيين معاملة إنسانية، ورفع المعاناة الاقتصادية والمعيشية الشديدة التي يعيشها الفلسطيني في لبنان، وسط حرمانه من أبسط حقوقه المدنية والإنسانية.
المصدر : الجزيرة