باسم مجدي-القاهرة
يوجد في مصر 16 ألف متعايش مع فيروس الإيدز، تقدم لهم الدولة العلاج المجاني، ولكنهم أيضا يواجهون بعض المعتقدات الخاطئة في المجتمع.
نظمت منظمة الصحة العالمية في مصر الثلاثاء احتفالية خاصة باليوم العالمي للإيدز (يصادف الأول من ديسمبر/كانون الأول)، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإيدز، ووزارة الصحة المصرية، تحت شعار “اعرض، افحص، حنفضل جنبك”.
وقال مدير البرنامج الأممي المشترك لمكافحة الإيدز الدكتور أحمد خميس خلال الاحتفالية إن مصر من الدول التي تنخفض فيها معدلات الإصابة بالإيدز في عموم الفئات السكانية، مع وجود وباء متركز في فئات معينة أكثر عرضة للإصابة، مؤكدا أن مصر تهدف إلى القضاء على الإيدز بحلول العام 2030.
وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت، قال خميس إن هناك قرابة 16 ألف متعايش مع فيروس الإيدز في مصر بنهاية العام 2017، وهو رقم تقريبي لأنه لا يمكن معرفة العدد الحقيقي لأن هناك حاملين لفيروس الإيدز لا يعلمون بإصابتهم.
وأضاف أن وزارة الصحة المصرية تعلن أرقام المتعايشين مع الفيروس الذين أثبتت الفحوصات التي أجروها في معاملها المركزية أنهم حاملون لفيروس نقص المناعة المكتسب، متوقعا صدور أرقام جديدة للمتعايشين مع الإيدز مطلع العام القادم.
ويقول ياسر (اسم مستعار) -وهو مريض اكتشف إصابته بفيروس الإيدز عند إجرائه جراحة بسيطة في مستشفى حكومي- إنه لسبب غير مفهوم قررت إدارة المستشفى إرسال نتائج التحاليل إلى جهة عمله، فتم فصله. ورفض ياسر رفع قضية للمطالبة بالعودة إلى عمله خوفا من انتشار خبر إصابته.
ويواظب ياسر منذ ثلاثة أعوام على العلاج، ولا يعاني من أية مشاكل صحية. ويؤكد في حديثه للجزيرة نت أنه “طالما كانت صحتك جيدة عندما علمت بإصابتك، وانتظمت في العلاج، فستظل صحتك جيدة”.
صرف العلاج
وفقا لياسر (30 عاما)، يتم صرف العلاج للفيروس شهريا من مستشفيات الحميات التابعة لوزارة الصحة مجانا، وهي الجهة الوحيدة في مصر التي توفر هذا النوع من العلاجات، ومن يرفض أخذ العلاج منها عليه أن يجد طريقة لشراء العلاج من الخارج.
ويحصل ياسر على نوعين من الأدوية -هما تروفادا (Truvada) وإيفافيرينز (Efavirenz)- من إحدى مستشفيات الحميات التابعة لوزارة الصحة. ولا تتوفر لدى هذه المستشفيات الأدوية الحديثة التي تدمج الأدوية الثلاثية في حبة واحدة مثل أتريبلا (Atripla).
ويعلق الدكتور خميس في حديثه للجزيرة نت أن الأدوية المقدمة في مصر جيدة جدا، وتلتزم بالبروتوكول العالمي للعلاج حسب توصيات منظمة الصحة العالمية، وهي تحتوي على نفس المواد الفعالة لمثيلتها في الخارج، وهي أدوية مستوردة تقدمها وزارة الصحة مجانا للمتعايشين مع فيروس الإيدز. وأشار إلى أن الأدوية الجديدة لا تقدم في مصر حتى الآن.
ولا يواجه ياسر حاليا مشاكل في العلاج، فالمشكلة تكمن في التحاليل الطبية التي يفترض أن يجريها حامل الفيروس كل ستة أشهر -طبقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية- للتأكد من انخفاض نسبة الفيروس في الدم وارتفاع عدد خلايا الجهاز المناعي.
فهذه التحاليل أحيانا لا تتوفر في مستشفيات وزارة الصحة، وكثيرا ما تتأخر نتائجها، فيلجأ البعض إلى إجرائها في المخبرات الخاصة، وتكون هذه التحاليل باهظة الثمن أو غير متوفرة، كما يضطر المريض للإفصاح عن مرضه.
ووفقا لحسام (اسم مستعار) -وهو أحد المصابين بالفيروس والناشطين في حملات التوعية- فإنه يلاحظ وجود تزايد كبير في حالات اكتشاف المرض.
ويشير حسام (25 عاما) إلى أنه في السابق كان المصاب لا يعرف إصابته إلا إذا خضع لفحص للفيروس عند سفره إلى إحدى دول الخليج، أو إصابته بمرض غريب أو أحد الأمراض الانتهازية التي تصاحب تدهور الجهاز المناعي. أما الآن فبعض الفئات المعرضة لخطر الإصابة صارت تقبل إجراء تحاليل الكشف عن الفيروس.
جهل
وفي حديث خاص للجزيرة نت، أوضح الدكتور إيهاب الخراط استشاري الطب النفسي ومدير أحد المراكز الخاصة لعلاج الإدمان وأحد أشهر المنادين بحقوق المتعايشين مع الإيدز، أن فيروس الإيدز لا ينتقل إلا عبر العلاقات الجنسية أو نقل الدم أو لبن الأم لوليدها، أو مشاركة الأدوات الحادة بين شخص حامل للفيروس وشخص سليم.
ووفقا للخراط، فإن هناك الكثير من الجهل والأفكار الخاطئة بخصوص مرض الإيدز، التي قد يعتقدها حتى بعض الأطباء في مصر.
وأشار إلى ضرورة أن يتخذ الأطباء الاحتياطات الوقائية اللازمة عند التعامل مع المرضى في أية عمليات جراحية، وأن يجروا فحوصات الفيروسات لهم على أي حال.
وبهذا الصدد قال طبيب أمراض الباطنية بإحدى مستشفيات وزارة الصحة الدكتور أحمد علي للجزيرة نت، إنه لا يمانع في التعامل مع حاملي الفيروس، فطرق انتقال الفيروس معروفة، وهو يتخذ احتياطاته الوقائية، ويتفهم قلق زملائه من الأطباء عند التعامل معهم لأنه مرض بلا علاج شاف.
وبحسب خميس فإن هناك تجاوبا كبيرا من الأطباء في التعامل مع مرضى الإيدز، حيث تعمل وزارة الصحة على نشر المعلومات الصحيحة بين الأطباء عن سبل انتقال فيروس الإيدز.
وأكد أن إجراءات مكافحة العدوى القياسية في كل مستشفيات وزارة الصحة تحمي الطبيب، حيث تقدم له “علاجا وقائيا لما بعد التعرض” يحصل بموجبه الطبيب الذي يشك أنه تعرض لنقل الفيروس على علاجات وقائية خلال 72 ساعة.
هذا الأمر لا يتفق معه الدكتور أحمد عبد الحليم -أحد أطباء وزارة الصحة وفقا لصفحته بفيسبوك- الذي تعرض للوخز بإبرة من مريض بفيروس الإيدز أثناء جراحة كان يجريها له، حيث يقول إنه عانى للحصول على العلاج الوقائي لما بعد التعرض للإصابة حتى يستطيع توفير جرعة وقائية له من أحد مستشفيات الحميات.
وأضاف عبد الحليم في خلاصة تجربته التي سردها على صفحته مخاطبا زملاءه الأطباء أن مرضى الإيدز كثيرون جدا، ووزارة الصحة لن تحميهم “وستذلك كي تعطيك العلاج”، ونصحهم بتأمين أنفسهم لأنه لن ينفعهم أحد لو أصيبوا بالعدوى، على حد تعبيره.
المصدر : الجزيرة