جاء هذا الإعلان خلال مؤتمر التعهدات الذي نظمه كل من الوفد الدائم لدولة قطر ووفد ليشتنشتاين الدائم، وبرعاية الوفود الدائمة لسويسرا وألمانيا وهولندا والدنمارك وايرلندا.
وأشار سعادة السفير المنصوري، في بيانه الافتتاحي، إلى أن الشعب السوري يتعرض منذ عام 2011 لانتهاكات جسيمة وعديدة ، وإلى جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية مع شيوع حالة خطيرة من الإفلات من العقاب بسبب فشل مجلس الأمن في إحالة ملف النزاع السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية الأمر الذي أدى إلى تصاعد وتزايد حدة الانتهاكات وخطورتها، وأسهم في ضياع حقوق الضحايا وعدم القدرة على تحقيق العدالة الجنائية.
وأكد المنصوري على أن دولة قطر وانطلاقا من مسؤولياتها القانونية والأخلاقية والانسانية، قامت بدعم مختلف الجهود الدولية لمواجهة إفلات جميع مرتكبي الانتهاكات والجرائم في سوريا من العقاب، لافتا إلى أن هذه الجهود تكللت بصدور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 248/71، الذي تقدمت به كل من إمارة ليختنشتاين ودولة قطر، والذي تم بموجبه إنشاء الآلية الدولية المحايدة المستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضائية للمسؤولين عن الجرائم المرتكبة في سوريا منذ عام 2011.
كما أوضح أن هذه الآلية تشكل إضافة هامة إلى المشهد القضائي الدولي، وهي الخطوة الأولى التي ستمهد الطريق لتحقيق المساءلة والعدالة وإنصاف الضحايا من أبناء الشعب السوري، منوها إلى أن هذه الآلية أصبحت نموذجا يحتذى به، حيث أنشأ مجلس حقوق الانسان في دورته الـ (39) في سبتمبر الماضي آلية مشابهة لجمع الأدلة المتعلقة بأخطر الجرائم الدولية وانتهاكات القانون الدولي في ميانمار منذ عام 2011.
وشدد سعادته على أن توفير التمويل الكافي لتغطية تكاليف عمل الآلية يعتبر مسألة أساسية حتى تتمكن من تنفيذ ولايتها وضمان استقلاليتها، معربا في هذا الصدد عن الترحيب بالخطوات التي اتخذها الأمين العام للأمم المتحدة من أجل إدراج التمويل اللازم للآلية في مقترح الميزانية المقبل، وذلك لجعل تمويلها يتم من خلال الميزانية العادية للأمم المتحدة بدلا من التبرعات الطوعية اعتبارا من عام 2020.
من جهتها، أكدت سعادة السيدة أوريليا فريك وزيرة خارجية ليشتنشتاين، في بيانها الافتتاحي، على أنه لا حصانة ضد الانتهاكات والجرائم التي ترتكب في سوريا، وأن الآلية قد بدأت عملها والقبول السياسي لها كبير جدا، مضيفة أن هناك تقدما في مستوى التحقيقات فضلا عن الجهود الرامية إلى تطبيق مبدأ الاختصاص القضائي العالمي.
وأشارت إلى ضرورة تقديم الدعم والتمويل للآلية خلال عام 2019 لتمكينها من مواصلة مهامها ، معلنة عن تبرع بلادها بمبلغ قدره 200 ألف يورو إلى الآلية الدولية.
وفي نفس السياق، بينت سعادة السيدة باسكال بيرسفيل وزيرة الدولة السويسرية للشؤون الخارجية، أن الصراع في سوريا تسبب في مئات الآلاف من الضحايا وملايين النازحين واللاجئين، قائلة “إنه لا سلام بدون عدالة، ولا عدالة بدون نظام قضائي ومحاكم”.
وأبرزت أن بلادها تدعم خطوات الأمين العام من أجل تمويل الآلية من ميزانية الأمم المتحدة، ولكن هناك حاجة لتمويل عملها خلال عام 2019، وعليه قدمت سويسرا تبرعا قدره 1.1 مليون فرنك سويسري.
إلى ذلك، أشارت السيدة مارشي أوهل، رئيسة الآلية، إلى أن ضمان توفير دعم مالي دائم هو أمر مهم جدا لمواصلة عمل الالية، لافتة إلى أن الميزانية التشغيلية لعام 2019 تقدر بحوالي 21 مليون دولار أمريكي، ومتقدمة بالشكر لجميع الدول التي تساهم في دعم عمل الآلية.
هذا وقد أعربت الدول المشاركة في المؤتمر عن شكرها وتقديرها لجهود دولة قطر وليشتنشتاين والدول الراعية الأخرى في تنظيم هذه المؤتمر، وأكدت على أهمية عمل الآلية وضرورة تقديم الدعم إليها خاصة وأنها الأولى من نوعها التي تنشأ في إطار استمرار الصراع ، مما يعطيها الفرصة للحفاظ على الأدلة والوثائق عن الجرائم المرتكبة في سوريا، وتحليلها وتحضيرها لإحالتها الى جهات العدالة المعنية.
وأعلنت العديد من الدول عن تبرعاتها لدعم عمل الآلية خلال عام 2019، مؤكدة التزامها بمواصلة هذا الدعم حتى يتم إقرار تمويلها من الميزانية العامة للأمم المتحدة.
;