التوأمة.. روح المدن الفلسطينية لخدمة مجتمعاتها

1131 ‎مشاهدات Leave a comment
التوأمة.. روح المدن الفلسطينية لخدمة مجتمعاتها

عاطف دغلس-نابلس

على رأس عملها مشرفة على العيادة الصحية وسط البلدة القديمة في مدينة نابلس، تقف نهاوند عرفات لمساعدة المرضى والوقوف على حاجاتهم، وقد دأبت على ذلك منذ 12 عاما بعدما أنشأت العيادة بدعم من مدينة ليل الفرنسية وفق برنامج التوأمة بين المدينتين.

إلى عشرين عاما مضت يعود مشروع التوأمة بين بلديتي نابلس الفلسطينية وليل الفرنسية، بهدف تبادل الخبرات الثقافية والعلمية والصحية وكل ما من شأنه أن ينهض بهما.

وبفضل هذا الدعم، تشهد العيادة التي تعمل فيها عرفات تطورا ملحوظا، فقد باتت تحوي عدة أقسام أبرزها الطب العام والنسائية والأسنان وأشعتها والإسعاف الأولي، ويرفدها ما يقترب من عشرة آلاف مريض سنويا، يتوزعون بين البلدة القديمة ونابلس المدينة والقرى المجاورة أيضا.

لكن حدود التوأمة لا تقف عند الدعم المادي بالرغم من الحاجة إليه، فالأهم برأي القائمين على المشروع هو تبادل الخبرات بين المدينتين، ثم يأتي الدعم بمختلف أشكاله تباعا.

ورغم توقيع نابلس تسع اتفاقيات توأمة مع مدن عالمية، أولها مدينة داندي الأسكتلندية عام 1980، فإن التوأمة مع مدينة ليل الفرنسية كانت “الأنشط والأكثر فعالية”، بحسب وصف أيمن الشكعة مدير مركز تنمية الموارد التابع لبلدية نابلس.

العيادة الصحية في مدينة نابلس من مشاريع التوأمة مع مدينة ليل (الجزيرة)

تبادل ومشاريع
يقول الشكعة -في حديثه للجزيرة نت- إن العيادة الصحية ليست إلا واحدة من عشرات المشاريع التي نفذتها بلدية ليل في مدينة نابلس، وتنوعت بين الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية والرياضية، وأخرى اقتصرت على الجانب العمراني والتخطيط، وهو ما استفادت منه ليل أيضا “بإيفاد مهندسين إليها من نابلس لهذا الغرض”.

ورغم أن الجانب المادي -كما يقول الشكعة- ليس أولوية للتوأمة، فإنه يسهل تواصل المدن مع الدولة الأم وبالتالي الضغط باتجاه تقديم الدعم، “فالمدن ليست مانحة”، بحسبما ما قال.

ويعد التبادل الثقافي أبرز برامج التعاون بين نابلس وليل، وتمثل بتناقل العادات والتقاليد عبر أنشطة فردية وجماعية توّجت بالزيارات التعارفية وفرق المسرح والموسيقى والمنح الجامعية للطلاب الفلسطينيين واستقبال الوفود الفرنسية الداعمة للفلسطينيين.

ومن برامج التعاون إحياء تراث نابلس القديمة (شكيم) وموروثها العمراني الذي يعود لألفي عام توزعت بين حقب كنعانية ورومانية وعثمانية، بإعادة التخطيط والترميم بهدف وضعها على لائحة التراث العالمي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو).

من المشاريع المتبادلة بين ليل ونابلس: التخطيط العمراني لنابلس القديمة (الجزيرة)

استثمار سياسي
ويستثمر الفلسطينيون التوأمة لأغراض سياسية، ويقول الشكعة إنهم “جندوا” أصدقاء جددا ومؤيدين للشعب الفلسطيني يناصرون قضيته ويتعاطفون معه محليا ودوليا، وقد “جمدت” مدينة أوروبية علاقتها مع مدينة صفد المحتلة إبان العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة في 2014.

هذا الدعم السياسي ترجم على الأرض عندما قصد قبل أيام قليلة القنصل الفرنسي بالقدس بيير كوشارد ونائب رئيسة بلدية “ليل” ماري بريسون مدينة نابلس للاحتفال بالذكرى العشرين لهذه التوأمة، واعدين “بعشرين عاما أخرى من العمل” وفق تصريحهما في مؤتمر صحفي عقد بمقر البلدية.

وقال كوشارد إن لديهم أكثر من سبعين اتفاقية تعاون بين مدن فرنسية وفلسطينية في مختلف القطاعات، وخاصة الثقافية وتعليم اللغة الفرنسية والتعريب “وكل ذلك يساعد ببناء الدولة الفلسطينية ويدعم وجودها”.

أما ماري بريسون فأكدت أن توقيع اتفاقية التوأمة جاء بعد اتفاق أوسلو بهدف “المساهمة في بناء الدولة المستقلة”، وقالت: “إن الدعم سيشمل مستقبلا مشاريع أخرى ذات أولوية لنابلس كالطاقة المتجددة”.

وبينما كانت المدينتان -ليل ونابلس- تحتفلان بالذكرى العشرين للتوأمة، كان فريقان رياضيان من المدينتين يخوضان أولى تجاربهما باللعب وديا في ملعب نادي بلاطة الأهلي، الذي أعادت ليل تعشيبه بأكثر من أربعين ألف يورو، مما عكس عمق العلاقات وودها في الوقت ذاته.

المصدر : الجزيرة