تفضل حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، فشمل برعايته الكريمة افتتاح دور الانعقاد العادي السابع والأربعين لمجلس الشورى، بمقر المجلس صباح أمس. حضر الافتتاح صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، كما حضره سمو الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي للأمير، وسمو الشيخ عبدالله بن خليفة آل ثاني، وسمو الشيخ محمد بن خليفة آل ثاني، وسعادة الشيخ جاسم بن خليفة آل ثاني. وحضر الافتتاح أيضاً معالي الشيخ عبد الله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وعدد من أصحاب السعادة الشيوخ والوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين لدى الدولة والأعيان.
وألقى سمو أمير البلاد المفدى «حفظه الله» خطاباً بهذه المناسبة، وفيما يلي نصه:
بسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم
الإخوة والأخوات أعضاء مجلس الشورى،
يسرني أن ألتقي بكم في هذه المناسبة السنوية الحميدة، مناسبة افتتاح دورة جديدة لمجلسكم الموقر، إيذاناً ببدء فصل تشريعي جديد، تمضي فيه مؤسساتنا الدستورية في تحمل مسؤولياتها لتحقيق الغايات التي حددناها لأنفسنا من تحقيق النمو وحتى مواكبة منجزات الحضارة الإنسانية المعاصرة، وتشكل هويتنا وثقافتنا القطرية والعربية والإسلامية على أسس أخلاقية وحضارية سليمة.
منذ لقائنا الأخير والذي جرى في ظل الظروف التي تعرفونها تعززت حصانة اقتصاد قطر من الهزات الخارجية وازداد اعتمادنا على ذاتنا، وترسخت الروابط مع حلفائنا أكثر مما كانت، وتطورت علاقاتنا مع معظم دول العالم. والأهم من هذا كله ازداد تمسك القطريين بأخلاقهم التي عرفوا بها، وتعمق وعي شعبنا وإدراكه لحجم منجزات دولته وأهمية السيادة الوطنية واستقلالية قرارنا السياسي التي تحققت هذه المنجزات في ظلها.
الإخوة الكرام أعضاء مجلس الشورى،
لقد شهد الاقتصاد العالمي عام 2017 انتعاشاً اقتصادياً شمل معظم الدول والتجمعات الإقليمية والاقتصادية بما في ذلك الدول المتقدمة، ومنها الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان، إلا أن هذا التحسن لم يشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول مجلس التعاون بما في ذلك دولة قطر.
لكن النمو في قطر كان الأقل تضرراً، كما أن انخفاض الناتج المحلي الهيدروكربوني لدينا، صاحبه نمو الناتج المحلي من المصادر الأخرى بحوالي 4 %، ما يعكس دور التنوع الاقتصادي كمكـون هام للنمو.
لقد ارتفعت الصادرات بنسبة بلغت 18 % ما أدى إلى تحسن ملموس في الموازنة العامة والميزان التجاري والحساب الجاري. واسترجع الجهاز المصرفي في أقل من عشرة أشهر مستوى المؤشرات التي كانت سائدة قبل الحصار وتحسن مستوى بعضها، وبالإضافة إلى ذلك فقد استعاد مصرف قطر المركزي مستوى احتياطاته، وحافظ الريال القطري على قيمته وحرية تداوله، واستمرت الدولة في توفير التمويل اللازم لمشاريع كأس العالم دون المساس بالمشاريع التي يتطلبها تحقيق الرؤية الوطنية.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد المصانع العاملة في الدولة ازداد عما كان عليه قبل الحصار بنحو 14 %، وتمكنت هذه المصانع من تحقيق قدر كبير من الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الغذائية وبعض المستلزمات الاستهلاكية. ولا بد من التنويه هنا إلى أن الدور الذي لعبه القطاع الخاص في تحقيق هذه النتائج كان محورياً من حيث تفاعله مع متطلبات هذه المرحلة، وما زلنا نتوقع منه استعداداً أكبر للاستثمار المباشر ومبادرات أكثر جرأة.
الإخوة الكرام،
نحن نسير بخطى ثابتة لتحقيق الأمن المائي والغذائي، وتأمين طاقة كهربائية كافية لدفع عجلة التنمية والوفاء بمتطلباتها، فتم تدشين المرحلة الأولى من مشروع مخزون المياه الاستراتيجي، وجاري العمل على تدشين باقي المراحل مع نهاية هذا العام بزيادة قدرها 155 % عن مخزون المياه العذبة الحالي.
كما باشرت محطة أم الحول في المنطقة الاقتصادية العمل وسيتم افتتاحها رسمياً، في وقت لاحق.
وسيرفع هذا المشروع العملاق الطاقة الإنتاجية لقطر من الكهرباء بنحو 30 %، ومن المياه المحلاة بنحو 40 %.
وقد اتبعت الدولة سياسة مالية محافظة، لتخفيض الإنفاق أملاها التراجع الحاد في أسعار النفط والغاز الذي بدأ نهاية عام 2014، وكان علينا أن نوازن بين تقليص المصروفات المفيد أيضاً لمؤسسات الدولة والمجتمع، ومتطلبات الإنفاق التي تمليها مواصلة الاستثمار في البنية التحتية والمشاريع الرئيسية لعملية التنمية ومشاريع التحضير لكأس العالم، ولم يكن هذا بالأمر السهل. ولكن بفضل الله تعالى وتكاتف الجهود والتعاون بين جميع الجهات الحكومية النقدية والمالية والاستثمارية والاقتصادية ظهرت بوادر نجاح هذه السياسة. فقد انخفض الإنفاق الحكومي للاستهلاك خلال هذا العام بنحو 20 % عن العام السابق، بينما ازداد الإنفاق الأسري بنحو 4 %. ويتوقع أن تؤدي هذه السياسة إلى فائض في الموازنة العامة لهذا العام، وأن يرتفع هذا الفائض في السنوات المقبلة.
وتمكنت قطر إلى حد بعيد من تجاوز آثار الحصار، وتشاركنا المؤسسات الاقتصادية والأسواق المالية التفاؤل؛ إذ يتوقع البنك الدولي أن يصل معدل النمو الاقتصادي في قطر إلى 2,8 % عام 2018، وأن يرتفع إلى نحو 3 % في الأعوام التي تليه، كما عدلت مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية نظرتها المستقبلية عن الاقتصاد القطري من سلبية بعد الحصار مباشرة إلى مستقرة حالياً، ما يعكس تحسن توقعاتها عن الأداء المالي والاقتصادي لدولة قطر في المستقبل، وظهرت ثقة المؤسسات المالية العالمية بمستقبل أداء الاقتصاد القطري عند طرح سندات سيادية قطرية بقيمة 12 مليار دولار في أسواق المال العالمية، حيث وصل حجم الاكتتاب إلى 53 مليار دولار وبأسعار فائدة معتدلة.
الإخوة والأخوات،
إن أهداف رؤية قطر الوطنية بتحقيق التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط والغاز لا تعني أبداً، كما ذكرت لكم سابقاً، إهمال قطاع النفط والغاز، مصدر ثروتنا الأساسي.
فالتنويع الاقتصادي يهدف إلى تحقيق النمو دون التأثر بالتغيرات في أسعار هذين المصدرين، ولكن لا بد من تطويرهما باستمرار والحفاظ على الثروة التي حبانا الله بها، لنا ولأجيالنا المقبلة، وتنميتها. وفي هذا السياق أود أن أشير إلى بعض التطورات الهامة في هذا القطاع:
أولاً: تم الانتهاء من الدراسات المبدئية لتطوير مشروع ضخم لإنتاج الغاز الطبيعي المسال من حقل الشمال، وبهذا ستحافظ قطر على مركزها كأكبر مصدر للغاز المسال في العالم لسنوات عديدة قادمة.
ثانياً: جرى دمج شركة قطر غاز وشركة رأس غاز كي يصبح إنتاج الغاز وتسييله وتسويقه حصراً في شركة واحدة. وكان الهدف من هذا الدمج توحيد الموارد والقدرات المتميزة للشركتين، وخلق مشغل للطاقة فريد من نوعه من حيث الحجم والكفاءة والمركزية، وتخفيض النفقات التشغيلية السنوية، حيث يوفر الدمج نحو 2 مليار ريال قطري سنوياً.
ثالثاً: تتجه «قطر للبترول» نحو العالمية عن طريق المشاركة في استكشاف وإنتاج النفط والغاز خارج قطر، فقد عقدت اتفاقيات استكشاف وإنتاج في سلطنة عمان والبرازيل والمكسيك والأرجنتين وجنوب إفريقيا بالمشاركة مع شركات النفط العالمية ومع بعض الشركات الخليجية.
كما لم تتأثر صادراتنا من النفط بالحصار، فقد حرصت الدولة على تنفيذ التزاماتها كافة بموجب العقود القائمة، وأبرمت عدة عقود طويلة المدى، آخرها مع «بتروشاينا» تمد من خلالها قطر مناطق متعددة في الصين بحوالي 3,4 مليون طن من الغاز المسال سنوياً، وتمتد هذه الاتفاقية حتى عام 2040.;
وألقى سمو أمير البلاد المفدى «حفظه الله» خطاباً بهذه المناسبة، وفيما يلي نصه:
بسـم الله الـرحـمـن الـرحـيـم
الإخوة والأخوات أعضاء مجلس الشورى،
يسرني أن ألتقي بكم في هذه المناسبة السنوية الحميدة، مناسبة افتتاح دورة جديدة لمجلسكم الموقر، إيذاناً ببدء فصل تشريعي جديد، تمضي فيه مؤسساتنا الدستورية في تحمل مسؤولياتها لتحقيق الغايات التي حددناها لأنفسنا من تحقيق النمو وحتى مواكبة منجزات الحضارة الإنسانية المعاصرة، وتشكل هويتنا وثقافتنا القطرية والعربية والإسلامية على أسس أخلاقية وحضارية سليمة.
منذ لقائنا الأخير والذي جرى في ظل الظروف التي تعرفونها تعززت حصانة اقتصاد قطر من الهزات الخارجية وازداد اعتمادنا على ذاتنا، وترسخت الروابط مع حلفائنا أكثر مما كانت، وتطورت علاقاتنا مع معظم دول العالم. والأهم من هذا كله ازداد تمسك القطريين بأخلاقهم التي عرفوا بها، وتعمق وعي شعبنا وإدراكه لحجم منجزات دولته وأهمية السيادة الوطنية واستقلالية قرارنا السياسي التي تحققت هذه المنجزات في ظلها.
الإخوة الكرام أعضاء مجلس الشورى،
لقد شهد الاقتصاد العالمي عام 2017 انتعاشاً اقتصادياً شمل معظم الدول والتجمعات الإقليمية والاقتصادية بما في ذلك الدول المتقدمة، ومنها الولايات المتحدة ومنطقة اليورو واليابان، إلا أن هذا التحسن لم يشمل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ودول مجلس التعاون بما في ذلك دولة قطر.
لكن النمو في قطر كان الأقل تضرراً، كما أن انخفاض الناتج المحلي الهيدروكربوني لدينا، صاحبه نمو الناتج المحلي من المصادر الأخرى بحوالي 4 %، ما يعكس دور التنوع الاقتصادي كمكـون هام للنمو.
لقد ارتفعت الصادرات بنسبة بلغت 18 % ما أدى إلى تحسن ملموس في الموازنة العامة والميزان التجاري والحساب الجاري. واسترجع الجهاز المصرفي في أقل من عشرة أشهر مستوى المؤشرات التي كانت سائدة قبل الحصار وتحسن مستوى بعضها، وبالإضافة إلى ذلك فقد استعاد مصرف قطر المركزي مستوى احتياطاته، وحافظ الريال القطري على قيمته وحرية تداوله، واستمرت الدولة في توفير التمويل اللازم لمشاريع كأس العالم دون المساس بالمشاريع التي يتطلبها تحقيق الرؤية الوطنية.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد المصانع العاملة في الدولة ازداد عما كان عليه قبل الحصار بنحو 14 %، وتمكنت هذه المصانع من تحقيق قدر كبير من الاكتفاء الذاتي في بعض المنتجات الغذائية وبعض المستلزمات الاستهلاكية. ولا بد من التنويه هنا إلى أن الدور الذي لعبه القطاع الخاص في تحقيق هذه النتائج كان محورياً من حيث تفاعله مع متطلبات هذه المرحلة، وما زلنا نتوقع منه استعداداً أكبر للاستثمار المباشر ومبادرات أكثر جرأة.
الإخوة الكرام،
نحن نسير بخطى ثابتة لتحقيق الأمن المائي والغذائي، وتأمين طاقة كهربائية كافية لدفع عجلة التنمية والوفاء بمتطلباتها، فتم تدشين المرحلة الأولى من مشروع مخزون المياه الاستراتيجي، وجاري العمل على تدشين باقي المراحل مع نهاية هذا العام بزيادة قدرها 155 % عن مخزون المياه العذبة الحالي.
كما باشرت محطة أم الحول في المنطقة الاقتصادية العمل وسيتم افتتاحها رسمياً، في وقت لاحق.
وسيرفع هذا المشروع العملاق الطاقة الإنتاجية لقطر من الكهرباء بنحو 30 %، ومن المياه المحلاة بنحو 40 %.
وقد اتبعت الدولة سياسة مالية محافظة، لتخفيض الإنفاق أملاها التراجع الحاد في أسعار النفط والغاز الذي بدأ نهاية عام 2014، وكان علينا أن نوازن بين تقليص المصروفات المفيد أيضاً لمؤسسات الدولة والمجتمع، ومتطلبات الإنفاق التي تمليها مواصلة الاستثمار في البنية التحتية والمشاريع الرئيسية لعملية التنمية ومشاريع التحضير لكأس العالم، ولم يكن هذا بالأمر السهل. ولكن بفضل الله تعالى وتكاتف الجهود والتعاون بين جميع الجهات الحكومية النقدية والمالية والاستثمارية والاقتصادية ظهرت بوادر نجاح هذه السياسة. فقد انخفض الإنفاق الحكومي للاستهلاك خلال هذا العام بنحو 20 % عن العام السابق، بينما ازداد الإنفاق الأسري بنحو 4 %. ويتوقع أن تؤدي هذه السياسة إلى فائض في الموازنة العامة لهذا العام، وأن يرتفع هذا الفائض في السنوات المقبلة.
وتمكنت قطر إلى حد بعيد من تجاوز آثار الحصار، وتشاركنا المؤسسات الاقتصادية والأسواق المالية التفاؤل؛ إذ يتوقع البنك الدولي أن يصل معدل النمو الاقتصادي في قطر إلى 2,8 % عام 2018، وأن يرتفع إلى نحو 3 % في الأعوام التي تليه، كما عدلت مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية نظرتها المستقبلية عن الاقتصاد القطري من سلبية بعد الحصار مباشرة إلى مستقرة حالياً، ما يعكس تحسن توقعاتها عن الأداء المالي والاقتصادي لدولة قطر في المستقبل، وظهرت ثقة المؤسسات المالية العالمية بمستقبل أداء الاقتصاد القطري عند طرح سندات سيادية قطرية بقيمة 12 مليار دولار في أسواق المال العالمية، حيث وصل حجم الاكتتاب إلى 53 مليار دولار وبأسعار فائدة معتدلة.
الإخوة والأخوات،
إن أهداف رؤية قطر الوطنية بتحقيق التنويع الاقتصادي وتقليل الاعتماد على النفط والغاز لا تعني أبداً، كما ذكرت لكم سابقاً، إهمال قطاع النفط والغاز، مصدر ثروتنا الأساسي.
فالتنويع الاقتصادي يهدف إلى تحقيق النمو دون التأثر بالتغيرات في أسعار هذين المصدرين، ولكن لا بد من تطويرهما باستمرار والحفاظ على الثروة التي حبانا الله بها، لنا ولأجيالنا المقبلة، وتنميتها. وفي هذا السياق أود أن أشير إلى بعض التطورات الهامة في هذا القطاع:
أولاً: تم الانتهاء من الدراسات المبدئية لتطوير مشروع ضخم لإنتاج الغاز الطبيعي المسال من حقل الشمال، وبهذا ستحافظ قطر على مركزها كأكبر مصدر للغاز المسال في العالم لسنوات عديدة قادمة.
ثانياً: جرى دمج شركة قطر غاز وشركة رأس غاز كي يصبح إنتاج الغاز وتسييله وتسويقه حصراً في شركة واحدة. وكان الهدف من هذا الدمج توحيد الموارد والقدرات المتميزة للشركتين، وخلق مشغل للطاقة فريد من نوعه من حيث الحجم والكفاءة والمركزية، وتخفيض النفقات التشغيلية السنوية، حيث يوفر الدمج نحو 2 مليار ريال قطري سنوياً.
ثالثاً: تتجه «قطر للبترول» نحو العالمية عن طريق المشاركة في استكشاف وإنتاج النفط والغاز خارج قطر، فقد عقدت اتفاقيات استكشاف وإنتاج في سلطنة عمان والبرازيل والمكسيك والأرجنتين وجنوب إفريقيا بالمشاركة مع شركات النفط العالمية ومع بعض الشركات الخليجية.
كما لم تتأثر صادراتنا من النفط بالحصار، فقد حرصت الدولة على تنفيذ التزاماتها كافة بموجب العقود القائمة، وأبرمت عدة عقود طويلة المدى، آخرها مع «بتروشاينا» تمد من خلالها قطر مناطق متعددة في الصين بحوالي 3,4 مليون طن من الغاز المسال سنوياً، وتمتد هذه الاتفاقية حتى عام 2040.;