أزمة أرامكو.. هل تدخّل الملك أم تراجع ولي العهد؟

548 ‎مشاهدات Leave a comment
أزمة أرامكو.. هل تدخّل الملك أم تراجع ولي العهد؟

نقلت وكالة رويترز عن ثلاثة مصادر مطلعة أن ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز تدخل لوقف خطة طرح حصة نسبتها 5% من شركة النفط الوطنية السعودية (أرامكو) في سوق الأسهم، التي يقف وراءها نجله ولي العهد محمد بن سلمان. لكن مراقبين يشككون في أن يكون الملك السعودي قد تدخل فعلا في هذه الأزمة، ويرون أن ولي العهد يخفي فشل هذا المشروع مستترا بعباءة الملك.

واعتبرت الوكالة أن القرار شكل ضربة قوية لبرنامج الإصلاح “رؤية المملكة 2030” الذي طرحه ولي العهد السعودي. ويشير إلى أن الملك سلمان يعمل على تحجيم السلطات الانفرادية لنجله.

ونقلت عن مصدر قالت إنه طلب الحفاظ على سرية هويته إن قرار وقف طرح أرامكو جاء بعد أن التقى الملك سلمان بأفراد في الأسرة الحاكمة ومصرفيين ومديرين كبار في قطاع النفط من بينهم رئيس تنفيذي سابق لشركة أرامكو. ودارت تلك المشاورات خلال شهر رمضان الذي انتهى في منتصف يونيو/ حزيران.

وقالت تلك المصادر إن الشخصيات التي حاورها الملك أبلغته أن الطرح العام الأولي لن يكون في صالح المملكة بل إنه قد يؤثر سلبا عليها. وذكرت المصادر أن الهاجس الرئيسي لدى هذه الشخصيات تمثل في أن هذا الطرح سيدفع أرامكو للإفصاح الكامل عن كل تفاصيلها المالية.

المراقبون يشككون
ولكن مراقبين ومعلقين شككوا في أن يكون الملك السعودي سلمان هو من أمر فعلا بالتراجع عن مشروع خصخصة أرامكو، ويرون أن ما أعلنته الرياض اليوم هو مجرد قصة ملفقة تم تسريبها إلى الصحافة العالمية لحفظ ماء الوجه، وذلك قياسا إلى أحداث سابقة قامت فيها مصادر في الديوان الملكي مقربة من ولي العهد محمد بن سلمان باستخدام المنصات الإعلامية العالمية لتمرير معلومات موجهة خدمة لأهدافه.

وكان من أبرز تلك المرات ما حدث عندما أعطى الأمير بن سلمان الانطباع في العام الماضي أن الرياض وافقت على ما يسمى “صفقة القرن” وهي خطة الإدارة الأمريكية غير واضحة المعالم لإحلال السلام في الشرق الأوسط بما في ذلك الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل، فقد صحح الملك السعودي ذلك على الملأ، حين قابل الرأي العام الإسلامي والعربي ذلك واتهم السعودية بـ”بيع فلسطين“، كما تم تسريب معلومات تتهم ولي العهد السابق محمد بن نايف بتعاطي المخدرات وذلك في أعقاب الغضب والصدمة التي سببتها إقالته.

ويستدل المراقبون اليوم على أن ولي العهد هو من يتراجع عن خطة أرامكو بالقول إن الملك سلمان نادرا ما يظهر أو يمارس نشاطات علنية وهو ما يستبعد أن يكون منخرطا في أحداث المملكة، في حين أن ولي عهده هو الذي يسير شؤون الحكم فعليا.

تراجع متدرج
ولم يكن التسريب الذي أعلن اليوم عن إلغاء الملك للصفقة هو الأول بل يمكن ملاحظة أن عملية التراجع تمت بالتدريج؛ فخلال الأسبوع الماضي قالت رويترز في تقرير إنه تم تجميد الصفقة ولكن وزير الطاقة خالد الفالح خرج لينفي ذلك قائلا إن الحكومة ملتزمة بتنفيذ الطرح العام الأولي مستقبلا “وفق الظروف الملائمة، وفي الوقت المناسب الذي تختاره الحكومة”.

وقال مسؤول رفيع معلقا على خبر التجميد الذي نشر الأسبوع الماضي: “نحن مندهشون أن رويترز تصر رغم هذا البيان ورغم استمرار الحكومة في التخطيط بهمة للطرح العام الأولي على توجيه أسئلة تزعم فيها أن الخطط توقفت”.

وأضاف المسؤول “مالك أسهم أرامكو هو حكومة السعودية. وقد أوكل الملك سلمان إدارة عملية الطرح العام الأولي لولي العهد ولجنة تضم وزراء الطاقة والمالية والاقتصاد. ومن ثم فإن القرارات التي تتعلق بطبيعة الطرح وتوقيته ستتخذها اللجنة على أن تعرض على الحكومة للموافقة عليها”.

ولكن المصادر التي رفضت الإفصاح عن هويتها قالت اليوم لوكالة الأنباء إن الملك بعث في أواخر يونيو / حزيران رسالة إلى الديوان الملكي يطلب فيها إلغاء خطة طرح أسهم أرامكو معتبرة أن قراره كان نهائيا لا رجعة فيه.

وجرت العادة في السعودية أن يكون الملك هو صاحب الكلمة الأخيرة، لكنه كان غائبا عن المشهد خلال كثير من الأحداث الكبرى الأخيرة التي تمس الأسس التي قامت عليها السياسة السعودية، إلى أن تم ربطه بهذا القرار الأخير الذي يمثل ضربة قوية لبرنامج الإصلاح المسمى “رؤية المملكة 2030” الذي طرحه ولي العهد ويهدف إلى إحداث تغيير جوهري في الاقتصاد السعودي الذي تعد الدولة المحرك الرئيسي له ويعتمد اعتمادا أساسيا على النفط.

ويقول بعض المستثمرين إن ذلك يثير أيضا الشكوك في إدارة الرياض لعملية الطرح العام الأولي للأسهم والتزامها بقدر أكبر من الشفافية في إدارة الاقتصاد.

سنتان من الوعود
يشار إلى أن السعودية ظلت تستعد على مدار العامين الأخيرين لطرح أرامكو في سوق الأسهم. وتواصل المسؤولون مع البورصات الدولية والبنوك العالمية بل والرئيس الأميركي دونالد ترامب للترويج للخطة.

وكان من المنتظر أن يصبح إدراج أرامكو في البورصة الركيزة الأساسية في برنامج الإصلاح الاقتصادي الموعود في المملكة إذ كان من المستهدف أن تبلغ حصيلته 100 مليار دولار ويمثل أكبر طرح عام أولي من نوعه على الإطلاق.

إلا أنه بعد أن واجه المشروع انتكاسات على مدار شهور تقرر إلغاء الشقين الدولي والمحلي من عملية الطرح العام الأولي للأسهم، قبل أن يتدخل الملك سلمان لوقف هذه الخطة.

المصدر : رويترز