علماء الاثار في موقع اتابويركا يفككون رموز تاريخ البشرية

1306 views Leave a comment

متسلحين بالمسجات والريشات، يفتش عشرات علماء الاثار في تربة كهوف اتابويركا في شمال اسبانيا في عمل متأن قد يسمح له ربما بالكشف عن صفحة جديدة في تاريخ البشرية.

من اسفل الى اعلى حقل غران دولينا تتمايل طبقات معرقة بالوان متباينة تروي كل واحدة منها حقبة من تاريخ البشرية. ويقول خوسيه ماريا بيرموديث دي كاسترو احد مدراء الحفريات “في الاسفل نحن على بعد مليون سنة وفي الاعلى 200 الف سنة اي مروحة من 800 الف سنة. ما يجعل منه موقعا فريدا”.

ويضيف عالم الاثار “اذا اضفنا كل الحقول التي اكتشفنا في سييرا اتابوريكا فبامكاننا ان نغطي حقبة تعود الى مليون ونصف مليون سنة اي تقريبا منذ وصول اوائل البشر الى اوروبا حتى ايامنا هذه. نفتقد فقط الى بعض النوافذ الزمنية”.

في هذا الموقع على ابواب بورغوس عثر في العام 2007 في دوامة الفيل على فك وعظمة بشريين يعودان الى 12 مليون سنة وهو اكتشاف كبير اذ تعتبر هذه البقايا عائدة “لاقدم اوروبي”.

تم بعد ذلك اكتشاف جماجم وعظام واسنان عائدة الى “اومو انتيسيسور” قبل 850 الى 950 الف سنة.

وعثر على بقايا عائدة الى 400 او 450 الف سنة في دوامة العظمة “وهو الحقل الذي وفر اكبر عدد من البقايا البشرية ” على ما يؤكد خوان لويس ارسواغا مدير الحفريات ايضا.

ويجري الباحثون منذ العام 1978 حفريات في هذا الموقع الاستثنائي الذي صنف العام 2000 في قائمة التراث العالمي للبشرية التي تعدها اليونسكو وقد حددوا ظروف عيش سكان هذا الموقع من خلال اكتشافاتهم.

ففي حقبة “أومو انتيسيسر” كان صيادو طيور يسكنون اتابويركا كان”عددهم يراوح بين 30 و35″ في ارض قطرها 10 الى 20 كيلومترا على ما يفيد خوسيه ماريا بيرموديث دي كاسترو.

ويضيف “كانوا يتوجهون الى الكهوف من وقت الى اخر لكنهم كانوا يعيشون خصوصا في الهواء الطلق وكانوا يقاومون بشكل افضل منا على الارجح البرد والقيظ وكان يتمتعون بطبقة سميكة من الدهون على جلدهم وبشعر اكثر”.

واظهرت البقايا المكتشفة ايضا ان هؤلاء الصيادين قد يكونون كانوا من آكلي البشر للدفاع عن ارضهم. ويوضح “اتابويركا كانت موقعا مميزا مع مياه قريبة ونبات والكثير من الحيوانات للاكل. في حال قدوم رجال ن قبيلة اخرى كانوا يقدمون على قتلهم واكلهم”.

في اعالي غران دولينا اقام علماء الاثار احدى ورشهم لهذه الموسم من الحفريات الذي ينتهي في اخر تموز. اما بقية العام فمكرسة لتحليل الاف العظام التي تكتشف والتي يعرض اهمها في متحف التطور البشري في بورغوس.

الارض مسورة باشرطة ترسم اطرا مساحتها مترا مربعا وفي كل اطار يقوم عالم اثار يجلس القرفصاء ويعتمر خوذة بنبش التربة ويكنس بعناية الارض بريشة. فيقع احيانا على قطعة من سن حصان او عظمة فأر او شظية صوان.

ويقول اندرو اوه عالم الاثار الذي يدير الفريق “الاحصنة كانت صغيرة نسبيا واكبر بقليل من الحمار”. وكانت تستوطن المنطقة الاسود وفرس النهر وحيد القرن.

وعلى مسافة قريبة يقع كهف لا كويفا مايور حيث تعمل مجموعة اخرى على حقل من العظام البشرية تعود الى فترة اقرب: خمسة الاف سنة وتنتمي الى الانسان العاقل.

الطبقات العليا من الكهف تظهر بقايا من القرون الوسطى. ويقول خوسيه ميبغيل كاريتيرو وهو استاذ جامعي في بورغوس “الملفت في لا سييرا هذه المجموعة المتكاملة ككتاب تاريخ فيه الكثير من الصفحات”.

ويأمل علماء اثار في نهاية عملهم الطويل هذه ان يعثروا يوما على الحلقات المفقودة لتشكيل سلسلة متواصلة لباقيا بشرية تعود الى مليون ونصف مليون سنة مثلا. او بقايا انسنان النيردانتال وانسان كرومانيون. ويقول خوسيه ماريا بيرموديث دي كاسترو “هذا يوازي حقبة من الف سنة عثرنا خلالها على الكثير من الادوات لكن ليس الكثير من البقايا البشرية”.