قطر تمتلك قدرات كبيرة لتهدئة المنطقة

1197 ‎مشاهدات Leave a comment
قطر تمتلك قدرات كبيرة لتهدئة المنطقة
اتفق محللون على أن الدوحة تمتلك قدرات كبيرة لقيادة الوساطة بين واشنطن وطهران، وأن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى إيران كانت لغرض التهدئة والبحث عن الحوار؛ لكنهم في الوقت نفسه أكدوا -في حديثهم لـ «العرب»- وجود تحديات وعراقيل أمام قطر لإقناع الطرفين بالجلوس على طاولة المحادثات المباشرة، أبرزها غياب الموقف الخليجي الموحّد.
ورأى المحللون أن علاقات قطر الخارجية جعلتها قادرة على لعب دور الوسيط مع واشنطن وطهران، مثلما فعلت من قبل في سوريا وأفغانستان لاكتسابها مصداقية من جميع الأطراف، موضحين أن ذلك يتجلّى في مطالبة الولايات المتحدة الدوحة باستضافة الحوار الأميركي الأفغاني.
فاطمة الصمادي: الدوحة تسعى إلى نظام
أمني يضمن مصالح جميع أطراف المنطقة
رأت الباحثة الأردنية فاطمة الصمادي -المتخصصة في الشأن الإيران- أن دولة قطر لديها قدرات كبيرة لقيادة وساطة بين طهران وواشنطن، معتبرة أن زيارة حضرة صاحب السمو إلى إيران جاءت وفقاً لذلك، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين.
وقالت الصمادي إنها «تعتقد بأن الزيارة مهمة من أكثر من جانب؛ فمن ناحية العلاقات القطرية – الإيرانية فإن هامش الثقة الذي تم بناؤه عقب أزمة حصار قطر يسير بشكل جيد ويمكن البناء عليه، من ناحية تعزيز العلاقات بين البلدين ومن ناحية إزالة التوتر في المنطقة، خاصة مع التصعيد الذي وقع مؤخراً، وهو تصعيد من شأنه أن يهدد جميع مصالح الأطراف في المنطقة بشكل عام، سواء اللاعبين الكبار كالولايات المتحدة الأميركية أم الدول الإقليمية، وبشكل خاص مصالح دول الخليج التي سينعكس عليها التصعيد بنتائج سلبية».
وأضافت أن «اللافت في هذه الزيارة أنها تعكس وجهة نظر قطرية، تقول إن لإيران دوراً مؤثراً في الترتيبات الأمنية بالمنطقة، وهذا يمكن البناء عليه لتأسيس نظام أمني إقليمي يضمن مصالح جميع الأطراف في المنطقة».
حول إمكانيات قطر في الوساطة بين واشنطن وطهران، قالت الصمادي: «إن الدوحة لديها قدرات كبيرة تدعم دور الوسيط، رغم وجود كثير من العقبات التي تعرقل إجراء محادثات مباشرة بين الولايات المتحدة وإيران».
حول دوافع زيارة صاحب السمو، رأت الصمادي أن «الزيارة انطلقت من 3 محاور؛ الأول هو تعزيز العلاقات الثنائية بين الجانبين التي أخذت أبعاداً جديدة بعد أزمة حصار قطر ووجود رغبة مشتركة لتنمية هذه العلاقات».
واستكملت قائلة: «والمحور الثاني يتعلق بالتحولات التي شهدتها المنطقة مؤخراً، ومنها وفاة السلطان قابوس بن سعيد، الأمر الذي يدفع بقطر أكثر لأن تكون وسيطة في المفاوضات على غرار ما فعلت مسقط خلال السنوات الماضية».
وتابعت: «المحور الثالث للزيارة يتعلق بتخفيف مستوى التوتر بين طهران وواشنطن؛ نتيجة للتصعيد الذي نتج بعد مقتل قاسم سليماني، رغم صعوبة الظروف الحالية في نجاح أية وساطة لإجراء مباحثات مباشرة بين الطرفين»، مشيرة إلى أن الظروف تتجه إلى أن الدوحة ستقوم بتلك الوساطة، بصرف النظر عن نجاحها بشكل كبير.
وحول إمكانية أن تكون قطر «رمانة الميزان» لحلحلة التوتر القائم بين الضفتين العربية والإيرانية على الخليج، رأت أنها وجهة نظر مطروحة، خاصة أن قطر لديها عدد من الأوراق المؤثرة في تلك القضية.

لقاء مكي: الدوحة تتمتع بعلاقات متساوية
مع الجميع تؤهلها لدور الوسيط
اتفق الدكتور لقاء مكي -الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات وأستاذ الإعلام سابقاً في جامعة بغداد- مع فاطمة الصمادي، في أن مهمة قطر في الوساطة بين واشنطن وطهران تواجه عدة تحديات، منها الوضع المعقّد الذي فرضته الأزمة الخليجية.
وقال مكي: «إن دور قطر في الأزمة بين الخليج وإيران ربما يكون أكثر تعقيداً لأسباب تتعلق بالأزمة الخليجية، التي ما زالت مستمرة ولم تحلّ بشكل كامل من جذورها. وإذا تحقق ذلك، فأعتقد أن موقفاً خليجياً موحداً يمكن أن يساعد في فرض السلام والتوزان والاستقرار في منطقة الخليج».
وأشار إلى «الدور المهم لقطر في تسويات الصراعات والخلافات السياسية، سواء في المنطقة أم حتى خارج الإقليم، مثلما حدث في أفغانستان وطبعاً في السودان وكذلك في لبنان؛ حيث تمكّنت من حلّ العديد من المشكلات، وإبرام تسويات سياسية»، معتبراً أن تلك الأمور أعطت الدوحة دوراً سياسياً ودبلوماسياً مهماً جعل منها «قوة ناعمة أساسية في الشرق الأوسط».
وحول إمكانية أن تكون قطر «رمانة الميزان» بين ضفتي الخليج تكاملاً مع الدور العماني، قال: «إن دور عُمان السياسي بوصفها بلداً راعياً للتسويات السياسية، سيستمر»؛ منوهاً بأن «قطر تمتلك علاقات متساوية مع الأطراف كافة، خاصة في ظل التقلبات بين ضفتي الخليج، وهذا الأمر لا يمتلكه الجميع، فعلاقتها الخارجية مع الأطراف المختلفة في أية أزمة هي التي تحدد دورها في عمليات التسوية».
وأوضح مكي أن «العلاقات الخارجية هي التي جعلت قطر قادرة على أن تقوم بأدوار سياسية مهمة في سوريا وأفغانستان؛ بسبب علاقاتها الجيدة بكل الأطراف والمصداقية التي تتمتع بها، وهذا الذي جعل دولة كبرى مثل الولايات المتحدة تطلب من قطر استضافة الحوار الأميركي – الأفغاني، وهذا الذي جعل أميركا ودولاً غربية أخرى تطلب من قطر أيضاً بعض الوساطات مع أطراف بالمعارضة السورية؛ بسبب مما تتمتع به الدوحة من دور مهم مع تلك الأطراف».
وذكر الباحث بمركز الجزيرة للدراسات، أبرز العراقيل التي تواجه دور الوسيط القطري، ومنها «الأزمة الخليجية التي جعلت من فرص إيجاد صوت خليجي موحّد أمراً صعباً جداً، وعقد إمكانية إيجاد هذا الموقف حتى نحو إيران.. فالتسويات الكبرى تحتاج إلى توازن قوة وردع والتوازن بين ضفتي الخليج أصبح مفقوداً بعد الأزمة الخليجية».
وقال مكي: «الموقف الخليجي الموحّد في مجلس التعاون، الذي عُرف سابقاً، كان يعطي لدول الخليج مجتمعة قوة تفاوضية عالية تجاه أي طرف آخر -سواء إيراني أم أميركي- وبالتالي هذا الموقف بعد الأزمة الخليجية انحسر بشكل كبير وأصبح غير قادر على أن يفرض قوة ردع تجاه الأطراف الخارجية؛ ولذلك أصبح توازن القوى مع أي طرف من الأطراف الأخرى -بما فيها إيران- ضعيفاً، وهذا الأمر أدى إلى فقدان التوازن وظهور المشكلات».

عمرو عبد الهادي: قطر ضامن حقيقي للتفاهمات بالمنطقة
قال عمرو عبد الهادي، المحلل السياسي: إن زيارة صاحب السمو، إلى طهران، تعدّ تأكيداً على الدور الرصين الذي تمارسه الدوحة بين إيران والولايات المتحدة.
وشدّد عبد الهادي على أهمية الدور القطري المحوري في المنطقة، معتبراً أن «سياسة الدوحة الداخلية والخارجية تتسم بالاستمرارية والاتزان، وهذا يُحسب لدولة قطر».
وحول دور الوسيط الذي يمكن أن تلعبه قطر بين واشنطن وطهران، قال: «سياسة الدولة ثابتة طول الوقت، مما يجعل ثقة الغرب والشرق والمواطن العربي تزيد فيها، ولا يجعلها سياسة مزاجية كالتي نراها في دول أخرى بالمنطقة حالياً».
وأضاف عبدالهادي: «قطر طرحت نفسها منذ البداية أنها ضامن حقيقي لكل التفاهمات في المنطقة، ورأينا كيف لجأت واشنطن إلى الدوحة حينما أرادت الجلوس والتفاهم مع (طالبان)، وقبلها (حماس)، والآن تحركها نحو إيران».
ورأى أن قطر «تتحرك في هذا الملف بتنسيق كامل ودعم تام لها من جميع الدول الغربية، حتى تنتزع فتيل الأزمة التي قد تحدث بعد هذا التهور في الأوضاع بالمنطقة».
وأضاف «إن تابعتم موقف قطر، فستجدوا أنها نادت بالحل السياسي في اليمن، وبعد 3 أعوام من الحرب قالتها أطراف الحرب هناك ونادت بهذا الحل. وكذلك الأمر في ليبيا، فبعد 3 سنوات من الدمار، أعلن اللواء المتقاعد خليفة حفتر ودول مثل فرنسا وإيطاليا أن لا حلّ للأزمة الليبية إلا الحل السياسي».

واحتفت الصحف الإيرانية الصادرة باللغة الإنجليزية، بالزيارة الرسمية التي قام بها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والمباحثات المهمة التي عقدها سموّه مع القادة الإيرانيين، لا سيّما فخامة الرئيس الدكتور حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وسماحة السيد علي خامنئي المرشد الأعلى للثورة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
فمن جهتها؛ تناولت صحيفة «طهران تايمز»، في عددها، الاجتماع الذي عُقد بين سمو الأمير والمرشد الأعلى الإيراني، والقضايا التي تناولها الجانبان خلال هذا الاجتماع والتصريحات التي صدرت عنهما.
وأوردت الصحيفة تصريحات علي خامنئي، التي قال فيها: «إن الوضع الحالي المضطرب في المنطقة يستلزم زيادة تعزيز العلاقات بين دول المنطقة»؛ مضيفاً أن «إيران تسعى بكل إخلاص إلى علاقات أوثق مع دول المنطقة».
ولفتت إلى تثمين خامنئي العلاقات السياسية القوية التي تربط بين إيران وقطر، مشيراً إلى أن البلدين ينبغي عليهما زيادة تعزيز وتطوير العلاقات في جميع المجالات، وخاصة الاقتصاد.
ونقلت الصحيفة عن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، دعوته إلى إجراء حوار إقليمي شامل بين جميع دول المنطقة؛ حيث قال سموّه: «إننا نتفق مع تصريحات سماحتك بشأن الحاجة إلى تعزيز التعاون الإقليمي، ونعتقد أنه يجب إجراء حوار شامل بين دول المنطقة».
ونوّهت بالشكر الذي قدّمه سمو الأمير المفدى إلى إيران على المساعدة التي قدّمتها لدولة قطر خلال أزمة الحصار.
وتطرّقت صحيفة «طهران تايمز»، في عددها، إلى بعض من التصريحات التي أدلى بها الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع حضرة صاحب السمو عقب المحادثات الثنائية التي جرت بينهما.
وأشارت إلى أن الرئيس روحاني أكد في تصريحاته أن طهران وقفت بجانب الدوحة في الماضي، وستواصل الوقوف بجانبها في المستقبل، ونقلت عن روحاني القول: «لقد وقفت إيران بجانب قطر، وستواصل الوقوف بجانبها على أساس واجبها كدولة جارة»؛ مضيفاً أن إيران وقطر تتمتعان بعلاقات جيدة للغاية في مختلف المجالات، لا سيّما الاقتصاد والعلوم والثقافة.
ومن جانبها، ذكرت صحيفة «فاينانشال تريبيون» الإيرانية، أن زيارة حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، إلى إيران جاءت في وقت صعب تمرّ به المنطقة؛ حيث تبذل دول المنطقة جهوداً كبيرة لتخفيف التوترات الراهنة.
وأشارت الصحيفة إلى أن سمو الأمير المفدى اجتمع مع كبار المسؤولين الإيرانيين، ولا سيّما الرئيس حسن روحاني؛ حيث أجرى مناقشات هادفة ومتميزة تركزت على العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها بين البلدين، وتناولت كذلك التطورات الإقليمية والعالمية وقضايا أخرى ذات اهتمام مشترك.
ونوّهت بتأكيد الرئيس روحاني، خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي أعقب مباحثاته مع سمو الأمير، على أن «قرارات مهمة» تم اتخاذها في سبيل تعزيز العلاقات الثنائية، بما في ذلك تأسيس لجنة مشتركة للانعقاد سنوياً.
وركزت «فاينانشال تريبيون» أيضاً على تصريحات سمو الأمير المفدى، التي أكد خلالها أهمية الحوار وتجنّب التصعيد من أجل حلّ أزمات المنطقة، في هذا الوقت الحرج الذي تمرّ بها المنطقة.
ونوّهت الصحيفة كذلك بالشكر الذي وجّهه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، للجمهورية الإسلامية الإيرانية على موقفها تجاه قطر بعد الحصار، ولتقديمها كل التسهيلات لقطر وللشعب القطري عن طريق فتح أجوائها وموانئها بشكل فوري.
وبدورها، تناولت صحيفة «إيران ديلي» زيارة حضرة صاحب السمو إلى إيران، والزخم الذي حظيت به هذه الزيارة، رغم أنها لم تستغرق سوى يوم واحد فقط.
وقالت الصحيفة إن الرئيس روحاني أكد، في حديثه مع سمو الأمير، أن القدرات والإمكانات التي تتمتع بها إيران وقطر قادرة على المساهمة في الأمن والسلام والاستقرار الإقليمي.
وأضافت أن الرئيس روحاني أشار أيضاً إلى أن القدرات والإمكانات التي لدى إيران وقطر يجب أن تساعد كذلك في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات، في حين أنه أشاد بالمستوى الحالي من العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية والتجارية التي تجمع بين البلدين.