الشارع الإيراني.. استقطابات الخارج تستهدف احتجاجات الداخل

294 ‎مشاهدات Leave a comment
الشارع الإيراني.. استقطابات الخارج تستهدف احتجاجات الداخل

الجزيرة نت-خاص

تشغل المظاهرات التي يشهدها الشارع الإيراني احتجاجا على إسقاط الطائرة الأوكرانية حيزا كبيرا من الاهتمام الغربي، خاصة الولايات المتحدة، التي غرد رئيسها دونالد ترامب معلنا وقوفه إلى جانب الشارع الإيراني، لكن أوساطا إيرانية ترى أن الهدف من هذه المواقف الغربية هو “التأثير على الشارع الإيراني وتحريكه ضد النظام”، مؤكدة أن أي تدخل أجنبي في شؤون إيران الداخلية سينعكس على توحيد جبهتها الداخلية”.

وردا على تغريدة ترامب الأخيرة، قال المتحدث باسم الخارجية الإيراني عباس موسوي “إن الأيادي والألسن التي تلطخت بالتهديد والعقوبات واغتيال الشعب الإيراني لا يحق لها العبث باللغة الفارسية العريقة”، وتساءل “هل يقف ترامب إلى جانب الشعب الإيراني الذي قتل قائده للتو، أو في مقابله؟

 أما الباحث في “مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية” عباس أصلاني فيرى أن الموقف الأميركي تجاه ما يحدث داخل إيران “ينم عن خطأ في الحسابات، لأن الانتقادات الشعبية لا تعني تعويل الإيرانيين على واشنطن على الإطلاق”.

وقال أصلاني للجزيرة نت “الإدارة الأميركية ليست في موقع يسمح لها بمخاطبة الشارع الإيراني الخاضع لعقوباتها ومواساته؛ فالولايات المتحدة أسقطت طائرة ركاب إيرانية عام 1988 فوق المياه الخليجية بشكل متعمد، في حين إسقاط الطائرة الأوكرانية لم يكن مقصودا”.

وأشار إلى أن قيادة الحرس الثوري الإيراني “تحملت كامل المسؤولية عن الخطأ الذي أرتكبه ضابطها وقدم المسؤولون الإيرانيون اعتذارا رسميا للدول المعنية وللرأي العام العالمي، لكن واشنطن لم تقدم اعتذارا بعد لإسقاطها الطائرة الإيرانية”.

واستدرك أصلاني قائلا “إن إسقاط الدفاعات الجوية الإيرانية الطائرة الأوكرانية مأساة وكارثة كبرى أثارت غضبا كبيرا لدى الشارع الإيراني، كما أن التأخير في الإعلان عن حقيقة الحادثة زاد الطين بلة؛ إذ أضحت شريحة من الشعب تتحدث عن مخطط رسمي للتغطية عليه، وأن الاعتراف حدث تحت ضغوط خارجية”.

وأكد أن “الجانب الغربي -وعلى رأسه الإدارة الأميركية- يسعى إلى إذكاء شرارة الاحتجاجات الشعبية في إيران للضغط على إيران للإطاحة بنظامها، أو إجبارها على الجلوس إلى طاولة التفاوض التي طالما رفضته طهران تحت طائلة الضغوط.

وشدد على أن المظاهرات الشعبية التي أعقبت إسقاط الطائرة الأوكرانية في إيران لا تزال محدودة ولم ترق إلى ما شهدته طهران والمدن الإيرانية الأخرى من احتجاجات عارمة ضد رفع أسعار البنزين”، مستبعدا تحولها إلى “حراك شعبي شامل يهدد الدولة”.

وأوضح أن طبيعة الاحتجاجات الشعبية على إسقاط الطائرة الأوكرانية في إيران تختلف تماما عن المسيرات المليونية خلال تشييع جنازة القائد السابق لفيلق القدس قاسم سليماني، الذي قضى بضربة أميركية في مطار بغداد.

واعتبر أن “غضب الشعبي الإيراني من اغتيال قائده العسكري بضربة أميركية أسهم إلى حد بعيد في تعزيز الجبهة الداخلية الإيرانية، لكنه استبعد أن يؤدي التدخل الأميركي والأوروبي في شؤون بلاده الداخلية هذه المرة إلى اصطفاف الشارع ثانية خلف قيادته.

الجبهة الداخلية
في المقابل، يرى الباحث السياسي الإيراني بوريا آستركي أن أي تدخل أجنبي “سيدفع باتجاه توحيد الجبهة الداخلية الإيرانية”، موضحا أن إدارة الرئيس الأميركي “تجهل التركيبة الاجتماعية والسياسية في إيران؛ مما يؤدي إلى اتخاذها خطوات تصب في مصلحة الجمهورية الإسلامية”.

وأوضح في حديثه للجزيرة نت أن توجهات الشعب الإيراني “تتغير وفق ما يراه يسهم إيجابيا في تحسين أوضاع بلاده، فالكثيرون ممن شاركوا في تشييع جنازة الجنرال قاسم سليماني سبق أن شاركوا في الاحتجاجات الشعبية التي أعقبت رفع أسعار البنزين ويتظاهرون حاليا احتجاجا على إسقاط الطائرة الأوكرانية من أجل مصلحة بلادهم”.

كما اعتبر أن المواقف الغربية من تلك المظاهرات -وعلى رأسها تغريدات ترامب- “تدخل في شؤون إيران الداخلية، وستنعكس سلبا على توجهات عواصم تلك الدول حيال طهران، لأن الشارع الإيراني يخشى تداعياتها الهدامة على بلاده”.

واستغرب آستركي إبداء ترامب تعاطفه مع الشعب الإيراني “الذي يعتبره السبب الرئيسي لكل مصائبه”، مؤكدا أن الإيرانيين “يعرفون جيدا أن خروج ترامب من الاتفاق النووي وفرضه العقوبات عليهم، وممارسته سياسة أقصى الضغوط؛ هي السبب الرئيسي للظروف الاقتصادية المزرية التي يعيشونها”.

وخلص إلى القول “لا فرق بين سياسات واشنطن ولندن حيال إيران؛ فالشعب الإيراني يعتبر بريطانيا سباقة في عدائه بدورها في المنطقة، وإيران لم تجن سوى الدمار لأهاليها”.