لؤي الموصلّي-بغداد
يشهد الحشد الشعبي في العراق حالة من عدم الانسجام بين فصائله بعد مقتل زعيمه الفعلي أبو مهدي المُهندس بغارة أميركية في بغداد، ورُبما يؤدي ذلك إلى انقسام مُعلن أو غير مُعلن، وفق مُراقبين.
لعب المُهندس -الذي قتل في الثالث من يناير/كانون الثاني الحالي مع قائد فيلق القُدس الإيراني قاسم سُليماني في غارة أميركية بغداد- دوراً كبيراً في تقوية الحشد وعدم السماح لأية خلافات أن تؤثر عليه و”كان العمود الفقري للحشد” بحسب ما يقول قيادي فيه.
تحدث هذا القيادي للجزيرة نت رافضا ذكر اسمه عن احتمال وجود خلافات قد تظهر للعلن خلال الفترات المُقبلة بين بعض الفصائل” ويوضح أن “المُهندس كان يُنهي كل مُشكلة تحدث بين الفصائل أو بين القيادات”.
وبحسب المصدر نفسه، فإنه “من الصعب حالياً إيجاد شخصية تملأ مكان المُهندس، وفي أول خلاف سنفتقد وجوده”.
قائد عملياتي
يعتبر المُهندس القائد الفعلي للحشد، على الرغم من أنه يحمل صفة نائب رئيس الهيئة، إلا أنه كان يُدير كل عمليات الحشد العسكرية وأغلب المعارك التي جرت في العراق ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”.
يقول كبير الباحثين بالمركز الإقليميّ بالجامعة الأميركيّة بالسليمانيّة رحمن الجبّوري للجزيرة نت “بعد اغتيال المهندس سيفقد الحشد العراقي عقله المدبر وقائده الذي يحظى باحترام مركز القرار الإيراني”.
ويوضح أن “الحشد الشعبي سيعيش على العاطفة وذكرى المُهندس لفترة من الزمن، ولا أعتقد وجود رجل في الجانب العراقي قادر على أن يملأ فراغه” ويُشير إلى أن “المهندس يحظى باحترام جميع الفصائل”.
من جهته يقول المُحلل السياسي مهدي جاسم للجزيرة نت “تماسك وتمسك الحشد في الحفاظ على قوته أو وجوده بعد مقتل المهندس أو استعادة توازنه ضئيلة جدا، إن لم تكن مستحيلة، خاصة وأن أكثر قادته قد وُضعوا على قوائم المطلوبين”.
ويُضيف “فقدان هذه الشخصية المؤثرة لن يُعوض” ويرى أن “الشخصيات الموجودة في الحشد حالياً، تفتقد إلى عنصر الإجماع، داخلياً وخارجياً”. ويعود الجبوري متفقا مع جاسم قائلا “من ميزات المهندس أنه قائد للجميع وليس قائد فصيل مُحدد”.
ورغم أن للحشد رئيساً وهو فالح الفياض، فإنه لم يكن قائداً للحشد، فلديه خلافات كثيرة مع عدد من الفصائل، خاصة تلك التي تتبع نظام ولاية الفقيه عقائدياً، وهذا ما قد يعني أن الفياض سيواجه مشاكل عدة خلال الفترة المُقبلة في التعامل مع هذه الفصائل.
قائد للجميع
ويُفند القيادي في الحشد ريان الكلداني التوقعات والتكهنات بشأن حدوث انقسام مُستقبلي بين الفصائل مؤكدا بقاءه مُتماسكاً ومرتبطاً برئيس الوزراء والقائد العام للقوات المُسلحة العراقية.
ويقول الكلداني الذي يقود فصيل “كتائب بابليون” للجزيرة نت “الحشد الشعبي مؤسسة، وقوة عراقية كبيرة، ولا وجود للخلافات فيه، رغم أن هُناك اختلافا في وجهات النظر أو في الآراء”.
ويُشير إلى أن “مقتل المُهندس خسارة كبيرة” لكنه يؤكد في ذات الوقت أن “الحشد الشعبي سيبقى يسير على الطريق الذي رسمه”.
وتلعب العقوبات الأميركية -المفروضة على قادة بالحشد ويتوقع أن تُفرض على قادة آخرين خلال الفترة المُقبلة- دوراً كبيراً في زعزعة استقرار الحشد الذي صار موازياً للجيش العراقي أو أقوى منه على مستوى النفوذ خلال السنوات الخمس الأخيرة.
ويعيش الحشد الشعبي الآن حالة من شبه الضياع -بحسب المُراقبين- فخسارة المُهندس تعني خسارة رأس الهرم و “مُهندس عملياته” مثلما يُطلق عليه في البلاد.