ضفادع جالوت العملاقة تشيد حصونا من الحجارة

524 ‎مشاهدات Leave a comment
ضفادع جالوت العملاقة تشيد حصونا من الحجارة

أحمد الديب

رغم شهرته النسبية وحجمه الاستثنائي الذي أكسبه اسمه عن جدارة، فإن العلماء لا يعرفون الكثير عن “كونراوا جولياث” أو ضفدع جالوت، أكبر أنواع الضفادع في العالم، الذي قد يصل طوله إلى 34 سنتيمترا ووزنه إلى 3.3 كيلوغرامات، وهي المواصفات التي أهلته للقيام بالسلوك الذي رُصد للمرة الأولى، ونشرت تفاصيله هذا الشهر بدورية “ناتشرال هيستوري”.

حصون الضفادع
يستطيع ضفدع جالوت أن يحرك أثقالا تتجاوز نصف وزنه، وهو يستغل قوته الخارقة تلك -حسب ما تقول الدراسة- في دفع الأحجار الضخمة وترصيصها كحواجز وسدود حول وكره المائي لبناء برك صغيرة آمنة تصلح لرعاية الصغار، “وهو النشاط الذي قد يبرر من الأساس بلوغ ضفادع جالوت تلك الأحجام العملاقة”، حسب مارفن شافر الباحث بمتحف برلين للتاريخ الطبيعي، والمشارك في الدراسة.

وقادت الصدفة فريق البحث إلى اكتشاف الظاهرة أثناء قيامهم ببعض الأبحاث الميدانية في الكاميرون، حين وصلتهم روايات السكان المحليين الذين يصطادون الضفادع للأكل، عن تشييد ضفادع جالوت حصونا من الحجارة.

وسرعان ما قام فريق الباحثين من ألمانيا والكاميرون بمسح مسافة أربعمئة متر على طول حوض نهر مبولا بين فبراير/شباط ومايو/أيار 2018؛ ليعثروا على 22 موقعا محتملا لأوكار ضفادع جالوت، ظهرت في 14 منها أنماط اصطفاف حواجز من الأحجار أو الأغصان -بشكل يستحيل أن يكون قد حدث بلا تدخل- حول ما يقرب من ثلاثة آلاف بيضة تقريبا في كل وكر.

لم يرصد فريق البحث الضفادع أثناء تشييدها الحصون، لكن الأدلة جاءت من المظهر العام لبرك الأوكار النظيفة المحاطة بعناية بأسوار مرصوصة من صخور تبدو عليها آثار التحريك الحديثة، في مقابل ما يبدو على البرك الأخرى المجاورة من مظاهر الفوضى، كوجود طبقات من أوراق الأشجار الميتة والرواسب التي ترقد على قيعان من حصى مختلط بالرمال.

يقول شافر “تضع ضفادع جالوت بيضها في هذه البرك الصغيرة على حواف الأنهار، حيث تفيض المياه بسرعات قد تجرف معها البيض والشراغف (صغار الضفادع)، وحيث تسعى المفترسات بحثا عن وجبات مثالية كبيض الضفادع. لكن تلك الأوكار المشيدة بأسوارها المنيعة تحمي الذرية من الخطرين”.

لقطة ليلية لضفدع جالوت (آي ناتشوراليست/ مشاع إبداعي)

وعن قدر الجهد المبذول في البناء يعلق قائلا “إن حفر وكر يزيد قطره على المتر وعمقه على عشرة سنتيمترات، بدفع عدة كيلوغرامات من الصخور والحصى، لهو جهد بدني شاق للغاية، قد يشير إلى تفسير محتمل للأحجام الفريدة التي تصل إليها هذه الضفادع، وتجعلها أكبر أنواع الضفادع المعروفة”. 

المزيد من الألغاز
ولا يزال الغموض يحيط بالعديد من جوانب أساليب حياة هذه الضفادع، ومنها مثلا عاداتها التزاوجية، حيث لا يعرف العلماء يقينا حتى الآن إذا كان إعداد الوكر يقع على عاتق الذكر أو الأنثى، وقد حاول فريق البحث استقصاء هذه المسألة فثبتوا كاميرات تلتقط الأشعة تحت الحمراء حول بعض الأوكار، لكن ما حصلوا عليه كان لقطات لضفدع لم يستطيعوا تحديد جنسه، ظل في حراسة الوكر -على ما بدا- طوال الليل حتى قدوم الفجر.

وعاد الباحثون إلى استجواب السكان المحليين من صيادي الضفادع، حيث أخبرهم أحدهم أنه رأى ذكرا يبني الوكر، في حين انتظرته الأنثى في الجوار حتى أتم المهمة وناداها بصوت كالصفير، وأنه رأى الأنثى تضع بيضها في الوكر ثم تبقى هناك في حراسته.

ويعقب مارك-أوليفر رودِل، خبير الزواحف والبرمائيات بمتحف برلين للتاريخ الطبيعي، والمشارك أيضا في الدراسة “تخبرنا حقيقة أننا اكتشفنا هذا السلوك للتو بضآلة قدر معارفنا، حتى في ما يتعلق ببعض أكثر الكائنات إثارة للدهشة على هذا الكوكب. لكننا نأمل -على كل حال- أن تسهم اكتشافاتنا الحالية والمستقبلية في تعزيز فهمنا لاحتياجات هذا الضفدع الاستثنائي، الذي يواجه للأسف خطر الانقراض”.

المصدر : الجزيرة