نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية تقريرا عرض وثائق لاستشاريين في مجموعة “بوسطن وماكنزي وشركاه”، تتحدث عن أفكار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لمدينة نيوم، التي أعلن إنشاءها بتكلفة خمسمئة مليار دولار، لتغطي مساحة 25 ألف كيلومتر مربع من الصحراء.
وتقول الصحيفة في تقريرها إن الأفكار -المدرجة في 2300 صفحة من الوثائق السرية- هي مزيج بين الخيال العلمي باهظ التكلفة والكلمات الطنانة لشركات تجارية وأفكار قانونية غير مريحة.
نيوم على أنقاض العادات والدين
وذكر تقرير الصحيفة أن سبب اختيار هذا الموقع بدل الاستثمار في المدن السعودية الحالية، يعكس مشاكل المملكة التاريخية؛ فقد تجنبت الشركات الأجنبية منذ فترة طويلة الاستثمار هناك بسبب وجود نظام قانوني غير شفاف وتزايد الفساد، والقيود الاجتماعية التي تحظر الكحول، وتطالب النساء بالحصول على إذن ولي الأمر للسفر.
ووجد محمد بن سلمان تلك المعتقدات الراسخة عائقا أمام تحقيق حلمه، حيث كان من السهل تطوير مدينة جديدة بدل تغيير تلك الموجودة.
وقال في الاجتماع الأول لمجلس إدارة نيوم -حسب محضر اجتماع مذكور في تقرير وول ستريت جورنال- “إن بدء تشغيل نيوم من نقطة الصفر، مع أنظمة ولوائح مستقلة، سيضمن توافر أفضل الخدمات دون قيود اجتماعية”.
كما سيتم نقل القبائل المحلية قسرًا، حيث إن نظام المحاكم الذي طورته شركة لاثام واتكينز للمحاماة، والمسمى “المستقل”، سيكون له قضاة يتبعون الملك مباشرة، ويعملون وفقًا لأحكام الشريعة، وهو مستقل عن القضاء السعودي المعمول به في سائر المملكة.
الأفكار التي تضمنتها الوثيقة المنشورة في صحيفة وول ستريت جورنال (مواقع التواصل) |
سيارات طائرة وديناصورات
يريد ولي عهد المملكة العربية السعودية أن يملأ مستقبلاً قاحلاً من الصحراء بدولة على غرار جيتسونز. ويعتبر المشروع، الذي تم تحديده في وثائق التخطيط التي أعدتها مجموعة من الاستشاريين الأميركيين، طموحًا لدرجة أنه يتضمن بعض التقنيات غير الموجودة حتى الآن.
وهذه بعض الأفكار التي ذكرت في الوثائق:
1. سيارات الأجرة الطائرة: سيأخذ العلماء سيارة أجرة طائرة للعمل، وتظهر الوثائق “القيادة هي فقط للتسلية، لم تعد صالحة للنقل (على سبيل المثال قيادة فيراري بجوار الساحل مع منظر جميل)، كما ذكر في الوثائق.
2. البذر السحابي: الصحراء لن تشعر دائمًا بأنها صحراء، “البذر السحابي” يمكن أن يجعل المطر ينزل في أي وقت.
3. خادمات الروبوت: لا تقلق بشأن الأعمال المنزلية، بينما يعمل العلماء، سيتم تنظيف منازلهم بواسطة خادمات من الروبوتات.
4. المرافق الطبية الحديثة: سيعمل العلماء على مشروع لتعديل الجينوم البشري لجعل الناس أقوى.
5. مطاعم عالمية: سيكون هناك الكثير من المطاعم في المدينة التي بها “أعلى معدل للمطاعم الحاصلة على نجمة ميشلان”.
6. روبوتات الديناصورات: يمكن للمقيمين زيارة جزيرة على غرار الحديقة الجوراسية من الزواحف الآلية.
7. توهج الرمال: يريد ولي العهد شاطئًا يتوهج في الظلام، مثل مينا ساعات اليد الفخمة.
8. الكحول: الكحول محظور في بقية المملكة العربية السعودية، لكن من المحتمل ألا تكون هذه الحال في نيوم، كما يقول أشخاص مطلعون على الخطة.
9. روبوت فنون الدفاع عن النفس: سوف تفعل الروبوتات أكثر من مجرد تنظيف منزلك، حيث يمكنك أن تطلب منها القتال وجهاً لوجه في “قتال القفص”، وهو واحد من العديد من الألعاب الرياضية المعروضة.
10. الأمن والمراقبة: يتم تصميم الكاميرات والطائرات المسيرة وتكنولوجيا التعرف على الوجه لتتبع الجميع في جميع الأوقات.
11. القمر: القمر الاصطناعي العملاق سوف يضيء كل ليلة. يشير أحد الاقتراحات إلى أنه يمكن أن يعمل على بث صور مباشرة من الفضاء الخارجي، ليكون بمثابة معلم بارز.
ما مدى تحقيق الأحلام؟
سيتطلب بناء نيوم أموالاً لا تملكها المملكة العربية السعودية؛ فقد عانت البلاد مؤخراً من عجز في الميزانية، والتزمت بمراهنات عديدة مثل استثمار بقيمة 45 مليار دولار في صندوق مجموعة سوفت بانك.
واستخدمت المملكة الأموال المقترضة من الخارج لتمويل المراحل الأولى من نيوم، وفقًا لأشخاص مطلعين على الأمر.
ويضيف التقرير أن اعتماد نيوم على الاستشاريين الأجانب يكشف عن تحدٍ عميق آخر؛ فالسعودية تفتقر تاريخيًّا إلى الخبرة في التخطيط والهندسة والإدارة.
لقد تحولت إلى خبراء أجانب مثل ماكينزي للاستشارات التي تعاقدت مع شركة استشارية محلية تدعى “الكسر” (Elixir) عام 2017.
ولكن في عام 2017، اعتقلت الحكومة مؤسس الكسر (شريك شركة مكنزي) خلال حملة قمع للفساد، وحُبس وضرب على مدار عام، حسب ما ذكرت وول ستريت جورنال سابقًا، قبل إطلاق سراحه دون توضيح. ورفضت ماكينزي والحكومة السعودية التعليق على القضية.
ردود الفعل
في تقرير نشره موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، قالت الكاتبة زينب عيدا طالي إن الجهود التي يبذلها محمد بن سلمان لتحسين صورة بلاده لاستقطاب الدول الغربية لبناء مدينة نيوم لم تحل دون تعرضه لانتقادات واسعة النطاق خلال العام الماضي إثر اغتيال الصحفي السعودي جمال خاشقجي، حيث يُشتبه في كونه المسؤول عن هذه الجريمة، فضلا عن سجن عدد من الناشطات السعوديات في مجال حقوق الإنسان.
|
وأفادت الكاتبة بأن الأفكار الغريبة التي وردت في هذه الخطة أثارت موجة من ردود الفعل الساخرة على شبكات التواصل الاجتماعي.
ووصل الأمر بالمستخدمين إلى حد اتهام محمد بن سلمان باستخدام التكنولوجيا باهظة التكلفة للتستر على جرائم انتهاك حقوق الإنسان.
وصرّح آدم كوغل، وهو باحث في منظمة هيومن رايتس ووتش، في وقت سابق لموقع “ميدل إيست آي”؛ بأن السعودية تحاول إنشاء صناعة ترفيهية في محاولة منها لتحسين سمعتها بين الدول.
وأضاف كوغل “تحاول السعودية تغيير صورة البلاد جزئيا من خلال تطوير صناعة الترفيه وتنظيم حفلات غنائية لفنانين عالميين، لكن لا يمكن لهذه المحاولات أن تغطي على تقييد حرية التعبير في المملكة منذ أن أصبح محمد بن سلمان وليا للعهد”.
|
أما المغرد مايك بيرد (وهو كاتب في صحيفة وول ستريت جورنال” فغرد قائلا “تبدو خطة محمد بن سلمان لمدينة المستقبل في السعودية، والتي تبلغ تكلفتها خمسمئة مليار دولار، كأنها صراخ طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات توجه إلى ابكوت (مدينة ديزني) لأول مرة”.
في حين قال مغرد آخر “أم بي أس (اختصار محمد بن سلمان) سيدفع السعودية إلى الإفلاس؛ يريد ولي عهد المملكة العربية السعودية ملء منطقة قاحلة من الصحراء بمدينة على غرار (Jetsons) المشروع طموح لدرجة أنه يتضمن تقنيات غير موجودة حتى الآن”.
المصدر : مواقع إلكترونية