السلطة والمال
وأشارت إلى أن أبرزهم هو علي الحداد رئيس منتدى رؤساء المؤسسات الذي يعتبر أكبر تجمع اقتصادي لرجال الأعمال الجزائريين المعروف بتمويل الحملات الانتخابية السابقة للرئيس بوتفليقة.
ويمتلك حداد صحيفتين، إحداهما ناطقة بالعربية وهي “وقت الجزائر” والأخرى بالفرنسية وهي “لوتون دالجري”، وقناتين تلفزيونيتين هما “دزاير تي في”، و”دزاير”.
وبحسب تقرير لوموند، فإن هاتين القناتين اللتين تم إنشاؤهما لنقل حملة الرئيس في عام 2014 لا تزالان للآن تؤيدان بقاء بوتفليقة في السلطة.
ونقلت الصحيفة عن الأستاذ في المدرسة الوطنية العليا للصحافة وعلوم الإعلام بالجزائر بلقاسم مصطفاوي قوله إن حداد -الذي يترأس الشركة الأولى في مجال الأشغال العمومية- مقرب جدا من سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري، واستفاد من أكبر مشاريع الأشغال العامة دون مناقصة.
لافتة ضد بوتفليقة ورموز نظامه (الأناضول) |
المعسكر الموالي
وبموازاة مساندة هاتين القناتين المواليتين لبوتفليقة ونظامه تبرز قناة النهار في الإخبارية التي يعتبرها المحتجون موالية للمعسكر الرئاسي.
ويقول صاحب موقع “Medias-dz” المتخصص لطفي رمضاني إن صاحب قناة النهار أنيس رحماني دعم المعارضين لبوتفليقة في 2004 قبل أن يصبح بين عشية وضحاها مؤيدا قويا له (بوتفليقة) عندما أعيد انتخابه.
وقد أظهرت بداية الاحتجاجات في الجزائر “ولاء” رحماني للنظام وفقا لتصريحات صحفي بإحدى الإذاعات العامة للصحيفة الفرنسية.
وبين المصدر ذاته أن برامج قناة النهار تظهر نفسا معارضا من خلال انتقاد صغار اللاعبين في السلطة، ولكنها لا تستهدف الجيش أو الرئيس نفسه أبدا.
بوتفليقة مع قائد أركان الجيش قايد صالح (رويترز) |
مقربون من النظام
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فهيمنة المقربين من النظام الجزائري على القنوات الخاصة متوسعة بشكل أكبر، ويبرز ذلك -بحسب لوموند- في شراء رجل الأعمال محيي الدين طحكوت -المحتكر لقطاع نقل طلاب الجامعات، وصاحب شركة تجميع السيارات- سنة 2015 قناة “نوميديا نيوز”.
ويعد هذا الرجل الكتوم أحد المقربين من رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، بحسب الصحيفة.
وفي العام 2015 أيضا “سقطت” قناة “الجزائرية وان” في يد المقربيْن من النظام بشير ولد زميرلي وأيوب عيسو، وهما أحد أقطاب قطاع العقارات والصناعات الغذائية ومن المتمتعين بمزايا النظام.
وفي تقرير نشر نهاية 2016 أعربت “مراسلون بلا حدود” عن قلقها مما سمتها “ولادة أوليغارشية إعلامية في خدمة المصالح الاقتصادية والسياسية الغامضة” للنظام، إلا أن المنظمة ذكرت أن عددا من رجال الأعمال لم يكونوا من الدائرة المقربة للنظام، ومن بينهم يسعد ربراب مالك صحيفة “ليبرتي” الذي دخل في صراع مفتوح مع معسكر بوتفليقة لسنوات.
وربراب صاحب مجموعة سيفيتال الصناعية إحدى أكبر الشركات الخاصة في الجزائر، حاول في 2016 شراء مجمع الخبر الإعلامي الذي يضم صحيفة يومية وقناة تلفزيونية إلا أن يد السلطة حالت دون ذلك، فقد أصدر القضاء حكما بتجميد بيع الأسهم لشركة يملكها.
معايير مزدوجة
وقد اعتبرت “مراسلون بلا حدود” حينها أن السلطات الجزائرية تكيل بمكيالين، مشيرة إلى أن علي الحداد كان مسموحا له بالاستحواذ على عدد من وسائل الإعلام، لأنه أحد المقربين من النظام.
وبالنسبة لمالكي هذه القنوات التجارية، فإن الروابط التي تجمعهم مع النظام كانت تمثل لهم “الأمان”، إلا أن رياح التغيير التي هبت على الجزائر وتأثيراتها على النظام والمحيطين ببوتفليقة قلبت الحسابات، وجعلت الكثير منهم يقفزون من السفينة بعد أن بدت لهم نهاية النظام قريبة وفقا لبلقاسم مصطفاوي الذي أكد أنهم “سيعودون لممارسة نفوذهم بطريقة أخرى”.
المصدر : لوموند