دمرت الحرب بيوتهم.. التشرد ينتظر مئات الأسر في غزة

387 ‎مشاهدات Leave a comment
دمرت الحرب بيوتهم.. التشرد ينتظر مئات الأسر في غزة

حنين ياسين-غزة

يسند الخمسيني الفلسطيني أسامة درابيه جسده المنهك على حافة مكتب خشبي مغمضا عينيه الذابلتين، يصارع أفكارا تضج في رأسه عن مصير مجهول ينتظره وأفراد أسرته الأربعة. بعد أيام معدودة، سيغادرون منزلهم قسرا لعدم قدرتهم على دفع إيجاره.

إلى جوار الخمسيني يجلس العشرات من أصحاب البيوت التي دمرتها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2014، في اعتصام مفتوح داخل مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) بمخيم جباليا، شمالي القطاع، احتجاجا على وقف الوكالة الأممية دفع بدل إيجارات لمنازلهم للشهر التاسع على التوالي.

يفتح درابيه عينيه بين الحين والآخر ليسأل إن كان أحد مسؤولي “الأونروا” قد زار اعتصامهم، وليتبادل أطراف حديث مؤلم مع زملائه في الاعتصام، حول تجاربهم بعد تركهم منازلهم فبعضهم أقام خيمة من ألواح الصفيح وسكنها، وآخرون وزعوا أفراد أسرهم على بيوت أقاربهم، وفريق ثالث يتنقلون بين بيوت أقاربهم وأقارب زوجاتهم.

الفلسطيني أسامة درابيه (الجزيرة)

ويبدو أن هذه المواطن الفلسطيني سيضطر مجبرا إلى اللجوء لبناء خيمة والمكوث فيها مع أسرته، إذا لم تستأنف “الأونروا” دفع الإيجارات لهم، لكن هذا الخيار سيشكل خطرا على صحته فهو مصاب بمرض مزمن بالقلب، كما يقول للجزيرة نت.

ويقول الرجل إنه “منذ تسعة شهور لم نتلق أجرة المنزل من الأونروا ولم يتم إعادة إعمار منازلنا حتى الآن رغم مرور خمسة أعوام على انتهاء الحرب. أغلقت في وجوهنا كل الأبواب، ومالك المنزل لا يتوقف عن مطالبتي بتسديد الإيجار المتأخر”.

ويضيف “لن نخرج من مقر الأونروا وسنواصل اعتصامنا حتى نحصل على بدل الإيجار أو تجد الوكالة حلا جذريا لمشكلتنا”.

ودمرت إسرائيل في عدوانها الذي شنته على قطاع غزة في 7 يوليو/تموز 2014 واستمر 51 يوما، قرابة 12 ألف وحدة سكنية كليا، و160 ألف وحدة جزئيا، بحسب بيانات صادرة عن وزارة الأشغال العامة الفلسطينية والأمم المتحدة.

المأوى الوحيد
الخيمة التي قد يضطر الفلسطيني درابيه إلى اللجوء إليها، باتت المأوى الوحيد لأسرة الشاب الثلاثيني حمزة المصري، بعد أن ترك منزله قبل عدة أشهر لعدم قدرته على دفع الإيجار، فالحرب الإسرائيلية دمرت منزله وسيارته ومقهى كان يملكه.

جانب من الاعتصام (الجزيرة)

منذ خمس سنوات لا يملك حمزة أي مصدر رزق، باستثناء بعض المساعدات الغذائية التي تصله من مؤسسات خيرية على فترات متباعدة، فهو لا يستطيع العمل بسبب إصابته في أنحاء متفرقة من جسده خلال الحرب الإسرائيلية الأخيرة.

ويقول الشاب الفلسطيني للجزيرة نت “لا أريد شيئا من هذه الدنيا سوى أن أجد منزلا لزوجتي وأطفالي الخمسة. جميع صغاري الآن مرضى بسبب أجواء البرد في الخيمة التي بنيتها من ألواح الصفيح ببلدة بيت حانون”.

وكما أن حمزة لا يجد منزلا لأسرته فإنه لا يملك ثمن الدواء والطعام لأطفاله، خاصة بعد أن تراكمت عليه ديون بمبالغ كبيرة لم يعد يستطيع سدادها.

ورغم هذه المعاناة القاسية، فإنه لا يوجد أفق واضح لإنهاء أزمة أصحاب البيوت المدمرة، فالناطق باسم وكالة “الأونروا” عدنان أبو حسنة يقول “حتى الآن لا يوجد تمويل لدفع بدل إيجارات وعندما يتوفر هذا التمويل سندفع”.

المانحون يحددون
ويضيف للجزيرة نت “لا يمكن أن ندفع بدل إيجارات من موازنات برامج الصحة أو التعليم، فكل برنامج له تمويل محدد والمانحون هم من يحددون أين تذهب الأموال”.

مدخل مقر الأونروا (الجزيرة)

ويوضح أبو حسنة أن التوقف عن دفع بدل الإيجارات ليس له علاقة بالأزمة المالية للأونروا، وإنما يرتبط بعدم وجود تمويل لـ”برنامج الطوارئ” الذي من خلاله كانت وكالة الغوث تدفع بدل إيجار لأصحاب المنازل المدمرة.

وكانت 1600 أسرة تتلقى بدل إيجار قبل أن يتوقف منذ تسعة أشهر، بحسب المتحدث باسم “الأونروا”.

والشهر الماضي، أعلن وزير الأشغال العامة الفلسطيني، مفيد الحساينة، خلال مؤتمر صحفي عقده في مدينة غزة، انتهاء وزارته من إعمار 90% من المنازل التي دمرت كليا خلال حرب العام 2014.

المصدر : الجزيرة