قال خبراء في حقوق الإنسان بالأمم المتحدة إن السعودية تستغل قوانين مكافحة الإرهاب لإسكات النشطاء، ومنهم النساء، في انتهاك للقانون الدولي الذي يكفل حرية التعبير.
وجاءت هذه التصريحات في حلقة نقاشية بعنوان “السعودية.. وقت المحاسبة”، نظمت الاثنين على هامش الدورة الأربعين لمجلس حقوق الإنسان بمقر الأمم المتحدة في جنيف.
|
قوانين فضفاضة وغامضة
وكانت وكالة الأنباء السعودية الرسمية قالت الجمعة الماضي إن مكتب النيابة العامة استكمل التحقيقات بحق محتجزين ألقت السلطات القبض عليهم العام الماضي باتهامات أمنية استعدادا لإحالتهم للمحاكمة. وذكرت جماعات حقوقية أن هؤلاء المحتجزين نشطاء يدافعون عن حقوق المرأة.
وقالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب فيونوالاني أولين إن القانون السعودي الخاص بمكافحة الإرهاب وتشريعات أخرى “فضفاضة وغامضة بشكل غير مقبول”.
وأضافت أن القانون المذكور يشمل “من ينخرطون في الترويج أو التحريض على اعتصامات أو احتجاجات أو إصدار بيانات جماعية، وأي شخص يضر وحدة أو
استقرار المملكة بأي وسيلة”.
واعتبرت أن تلك “مصطلحات غامضة بشكل سافر”، وأن هذه القوانين “تستخدم لمهاجمة وتقييد حقوق مدافعين بارزين عن حقوق الإنسان، وشخصيات دينية وكتاب وصحفيين وأكاديميين ونشطاء مدنيين، وكل تلك الفئات استهدفها هذا القانون”.
|
استهداف النساء
بدوره، قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ميشيل فورست إنه كان على اتصال بالحكومة السعودية خلال العام الماضي منذ “حملتها القمعية”.
وأضاف “المزعج بالنسبة لي هو استهداف مدافعات عن حقوق المرأة”، وأن المعنيات لسن فقط نساء شاركن في حركة الحق في قيادة النساء للسيارة، “بل كل فئات النساء أيضا”، وأكد أن “كل حالات الاعتقال شملت احتجازا بمعزل عن العالم في أماكن غير معلنة”.
وكان سفير السعودية لدى الأمم المتحدة في جنيف عبد العزيز الواصل قال لمجلس حقوق الإنسان الجمعة إن المملكة “تراعي في جميع إجراءاتها وأنظمتها وتطبيقاتها جميع المعايير الوطنية والدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان”، وفق ما نشرته وكالة الأنباء السعودية.
وأضاف الواصل أن “جهود المملكة في مكافحة الإرهاب لا تستند فقط إلى الإجراءات الأمنية، بل هي منظومة متكاملة من الأنظمة والإجراءات التي تراعي الجوانب القانونية وغيرها من الجوانب اللازمة للتعامل مع المتهمين في قضايا الإرهاب”.
وفي الجلسة النقاشية التي نظمت الاثنين، دعا نشطاء سعوديون وغير سعوديين المملكة إلى إطلاق سراح مدافعين عن حقوق الإنسان، قالوا إن السلطات احتجزتهم دون وجه حق، وذكروا منهم المحامي وليد أبو الخير والشاعر أشرف فياض، ونساء بينهن لجين الهذلول وإسراء الغمغام.
|
تعذيب وصعق
وقالت زينب الخواجة المسؤولة في مركز الخليج لحقوق الإنسان إن “بعضهم زعماء حملات شهيرة مثل حق المرأة في قيادة السيارة وإلغاء وصاية الرجل”، وإن “تلك الهجمات تهدف إلى تكميم أفواههم وتفكيك الحركات في البلد”.
وفي معرض حديثها عن تقرير للمركز بشأن “التعذيب” في السعودية، قالت إن المركز سلط الضوء على بعض طرق التعذيب التي تُستخدم في السعودية، مثل الصعق بالكهرباء والجلد أحيانا بالسوط على الفخذين على سبيل المثال، والاعتداء الجنسي”.
واتهمت زينب السلطات السعودية بـ”تعرية بعض المدافعات عن حقوق الإنسان والتحرش بهن وتصويرهن عرايا، وبعضهن مقيدات الأيدي أو معصوبات الأعين”.
وعبرت المدونة السعودية أميمة النجار -التي تعيش في المنفى منذ فرارها من المملكة- عن قلقها بشأن 18 امرأة على الأقل قالت إنه جرى توجيه اتهامات لهن.
وقالت لرويترز “من الضروري أن نتذكر أنه رغم أن بوسع الكثير من النساء على سبيل المثال الآن قيادة السيارات، فإن اللائي قمن بحملة من أجل الحق في القيادة ما زلن في السجن. وبينما يمكن للنساء أخيرا التصويت، أو الذهاب إلى السينما، فإن الكثير من النشطاء الذين دعوا إلى تلك الإصلاحات ما زالوا في السجن”.
وأضافت “أخشى أن ينتهي المطاف إلى أن تقضي أولئك النساء، في غياب الضغط الدولي، ما تبقى من عمرهن في السجن، إن لم يتم إعدامهن”.
|
جريمة قتل خاشقجي
من جهته، قال الناشط السعودي في حقوق الإنسان يحيى عسيري إن الجميع يعلمون جيدا أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان هو الذي يقف وراء مقتل الإعلامي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
واعتبر أنه لا يمكن اتخاذ قرار في المملكة دون علم ولي العهد، وقال إن الجناة في جريمة قتل خاشقجي لا يزالون طلقاء، وإن المملكة لم تتعاون مع مقررة الأمم المتحدة أنييس كالامار.
ودعا عسيري -الذي يقيم في بريطانيا- في حديث للأناضول إلى تحقيق دولي مستقل بشأن جريمة قتل خاشقجي، مشددا على أنه “لا يمكن الكشف عن ملابسات الجريمة دون هذا التحقيق، وإلا فإن النظام السعودي سيشعر بالحرية في ارتكاب مثل هذه الجرائم”.
وشكر تركيا على الجهود التي بذلتها للكشف عن ملابسات الجريمة، لكنه يرى أن الكشف عنها يتطلب تحقيقا دوليا.
المصدر : وكالات