هل أعاد مجلس الشيوخ الأميركي الاعتبار لوكالة الاستخبارات المركزية؟

449 ‎مشاهدات Leave a comment
هل أعاد مجلس الشيوخ الأميركي الاعتبار لوكالة الاستخبارات المركزية؟

محمد المنشاوي-واشنطن

جاء تصويت مجلس الشيوخ الأميركي الذي يتمتع بأغلبية جمهورية بالإجماع على مشروع قرار يدين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالاسم لمسؤوليته في قتل جمال خاشقجي، ليدشن مرحلة جديدة في علاقات وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.أي) بالبيت الأبيض والكونغرس.

ويحق للرئيس دستوريا اختيار مدير الوكالة بشرط موافقة مجلس الشيوخ، كما يحق له إقالته وقتما شاء دون تقديم أي مبررات. لكن هذا الأمر لم يمنح الرئيس سلطة تطويع هذه المؤسسة الاستخبارية التي تعد الأقوى عالميا من حيث الإمكانيات البشرية والتقنية والمالية لخدمة سياساته.

ويؤدي العاملون في الوكالة اليمين للحفاظ على مصالح الولايات المتحدة والالتزام بالدستور. وجرت العادة أن تساير الوكالة سياسات البيت الأبيض طالما لم تتناقض مع الدستور أو مع مصالح البلاد المتفق عليها.

ومنذ وصول الرئيس دونالد ترامب لسدة الحكم قبل عامين، لم تحظ العلاقات بين السي.آي.أي والبيت الأبيض بالتناغم المتوقع. ووضع ترامب على رأس الجهاز حليفه المقرب مايك بومبيو، قبل أن ينقله إلى وزارة الخارجية وتحل محله جينا هاسبل، وهي سيدة استخبارات محترفة لم تزاول العمل السياسي طوال مسيرتها.
 تحقيقات مولر بشأن التدخل الروسي في انتخابات 2016 شكلت مصدر الخلاف الأول بين البيت الأبيض والسي.آي.أي (رويترز)

تناقض المواقف
ومثّل التناقض بين موقف الوكالة المركزية والرئيس ترامب بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الرئاسية عام 2016؛ بداية التنافر بينهما. ووفرت الوكالة أدلة متنوعة تؤكد على التواصل الروسي مع كبار أعضاء الكونغرس، كما سربت لوسائل الإعلام الكثير من الوثائق والدلائل التي تؤكد تدخل روسيا بل وتواطؤها مع بعض مساعدي ترامب.

ثم جاءت أزمة مقتل الصحفي السعودي المقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي، لتبرز حجم التناقض وغياب الثقة بين ترامب والسي.آي.أي.

ومنذ بداية هذه الأزمة عارض ترامب تقديرات الوكالة التي انتهى تقريرها إلى مسؤولية ولي العهد السعودي عن قتل خاشقجي، وهو ما سبب “أقصى درجات الغضب بين أعضاء مجلس الشيوخ”، طبقا لما ذكره السيناتور البارز بوب كوركر لمحطة “سي.أن.أن“.

كما تزايدت الضغوط على البيت الأبيض كي لا يعرقل إفادات جينا هاسبل لقادة مجلسي الشيوخ والنواب. وبعد تقديم الأخيرة إفادات مغلقة للمجلسين، خرج وأكد كل من استمع لها ضلوع محمد بن سلمان في اغتيال خاشقجي.

في ذات الوقت، تمسك الرئيس ترامب ووزيرا الخارجية بومبيو والدفاع جيمس ماتيس بإنكار أي علاقة لولي العهد السعودي بقتل خاشقجي، لكنهم ظلوا يتركون خط رجعة بالقول إن أجهزة الاستخبارات مستمرة في البحث عن الحقيقة.

كوركر: معارضة ترامب لتقديرات السي.آي.أي سببت أقصى درجات الغضب بين أعضاء مجلس الشيوخ (الفرنسية)

تسريبات
وقبل أن يعلن الرئيس ترامب بيانه يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي عن خلاصة التحقيقات في مقتل خاشقجي، الذي لم يدن فيها محمد بن سلمان، سربت الوكالة خلاصة تقريرها السري إلى كبريات وسائل الإعلام الأميركية، في خطوة استباقية لبيان ترامب وموقفه المتوقع.

وجاء تصويت مجلس الشيوخ بالإجماع على مسؤولية ولي العهد عن مقتل خاشقجي ليوجه ضربة قوية للرئيس ويعيد الهيبة للجهاز الذي لم يتوقف ترامب عن إهانته مذكرا بإخفاقاته قبل غزو العراق.

وتعكس سيطرة الجمهوريين على مجلس الشيوخ وتصويتهم بالإجماع اقتناعهم بخلاصة تقدير الوكالة وعدم اكتراثهم بموقف الرئيس ترامب.

وتزيد نتيجة التصويت من ضغوط الكونغرس على الرئيس ترامب لتغيير موقفه والإقرار بمسؤولية ولي العهد السعودي عن مقتل خاشقجي قبل أكثر من شهرين. ومع بدء مجلس النواب جلساته بداية العام الجديد في ظل سيطرة الأغلبية الديمقراطية على رئاسة كل لجانه، سيخضع ترامب لمزيد من الضغوط والتحقيقات حول سبب اتخاذه هذا الموقف الغريب والمناقض لتقديرات الوكالة.

المصدر : الجزيرة