دعاء عبد اللطيف-القاهرة
ملايين المصريين يعيشون نفس معاناة أسامة -الذي يبلغ وزنه 120 كليو غراما- من السمنة المفرطة التي تؤثر على ممارستهم الحياة بشكل طبيعي، كما يتعرضون على إثرها لأمراض خطيرة.
ومؤخرا كشفت وزيرة الصحة هالة زايد أن 75% من أصل 10 ملايين مواطن تم الكشف عليهم مؤخرا يعانون من السمنة، وأن معدلات الإصابة في الحضر أكثر من الريف وخاصة المحافظات الساحلية كالإسكندرية ودمياط وبورسعيد.
وقالت الوزيرة -خلال مؤتمر لها بمحافظة الفيوم جنوب القاهرة- إن وزارتها ستبدأ حملات توعية لنشر ثقافة الوقاية من أمراض السمنة بين طلاب الجامعات بالاتفاق مع وزير التعليم العالي.
إلى جانب ذلك، ستبدأ وزارة الصحة في عمل مسح لثلاث مدارس ابتدائية بكل محافظة لتحديد مشكلة السمنة بين الأعمار الصغيرة.
وتحركات الوزيرة بدأت بعد أيام قليلة من حديث رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي عن السمنة بين طلبة الجامعات.
وعلق السيسي -خلال فعاليات النسخة الثانية من منتدى شباب العالم الذي أقيم مطلع الشهر الجاري بمدينة شرم الشيخ- على البدانة المنتشرة بين الشباب داعيا إلى ضرورة أن يفقد طلاب الجامعات نصف أوزانهم.
وقال الرئيس “نص الوزن دا عاوز يتشال” مضيفًا “لن يكون الإنسان قادرا على العطاء ووزنه زيادة، أنا شايف الأولاد والبنات في الجامعة وزنهم زيادة”.
وتزيد السمنة خطر النوبات القلبية والسكتات الدماغية والإصابة بداء السكري وبعض أنواع السرطانات إلى جانب زيادة مخاطر الإصابة بالكسور وارتفاع ضغط الدم، فضلا على الآثار النفسية والتي تصل حد الاكتئاب.
بعد حديث الرئيس عن السمنة تبدأ وزارة الصحة مسح ثلاث مدارس ابتدائية بكل محافظة (الجزيرة) |
19 مليونا
وحسب دراسة طبية نشرها باحثون متخصصون بمجلة “نيو إنجلاند الطبية” في يوليو/تموز 2017، فإن 19 مليون مصري يعانون من السمنة المفرطة مما يشكل نسبة 35% من السكان البالغين وهي أعلى نسبة في العالم.
كذلك يعاني 3.6 ملايين من الأطفال المصريين من الوزن الزائد، وفق نتائج الدراسة.
وأوضح علي مقداد -أحد الباحثين الذين وضعوا هذه الدراسة- أن البدانة تشكل تهديداً خطيراً للصحة العامة في مصر، إذ إن أكثر من واحد من كل ثلاثة مصريين يعاني من البدانة.
وأكد ضرورة التصدي للبدانة بجدية وعلى وجه السرعة لتفادي الإصابة السكري وأمراض القلب وحالات متنوعة من السرطان.
وقال عميد معهد القلب القومي د. جمال شعبان -في تصريحات متلفزة- إن نحو 30% من المصريين فوق سن الـ 18 يعانون من السمنة، لافتًا إلى أن سمنة منطقة البطن معرض لأمراض القلب وتصلب شرايين المنطقة الذكورية.
غلاء وسمنة
ومع الأوضاع الاقتصادية المتردية وغلاء أسعار الغذاء في مصر، تبدو مؤشرات ارتفاع نسب السمنة بين المواطنين غير مفهومة، لكن يحيى الشاذلي عضو اللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية أرجع ارتفاع البدانة المفرطة لسوء التغذية لا كثرة الغذاء المتناول.
واعتبر الشاذلي البدانة كارثة تؤدي إلى التليف الكبدي والفشل الكلوي والروماتيزم وعدم القدرة على الحركة.
أما سكرتير جمعية السمنة المصرية د. محمد أبو الغيط، فربط السمنة بالجينات الموروثة من العائلة.
إلى جانب ذلك، ذكر أبو الغيط أن الفرد يقوم بإدخال مجموعة من العناصر غير الصحية والضارة لجسمه من خلال تناول الطعام السريع بصفة مستمرة مما يؤدي مع استمرار الوقت إلى السمنة، فضلا عن عدم الحركة وعدم ممارسة الرياضة بصفة دورية.
لكن هذا لا ينفي ارتباط السمنة في بعض الحالات بالمستوى المعيشي، فأكد سكرتير جمعية السمنة أن دخل الفرد يحدد مستوى ونسبة الطعام الذي يقوم بتناوله، فكلما زاد الدخل زادت كمية الغذاء مما يؤدى إلى السمنة المفرطة.
حياة متوقفة
المشاكل التي يواجهها مرضى السمنة المفرطة تدفعهم لاتخاذ قرار إنقاص الوزن عشرات المرات سواء عن طريق اتباع حمية غذائية أو ممارسة الرياضة، وأخيرا إجراء عمليات جراحية لتكميم أو تقليص المعدة.
وحاولت نادية -وهي أستاذة جامعية، ووزنها 110 كلغ- أن تتبع أنواعا مختلفة من الحمية الغذائية وممارسة رياضات متنوعة لكنها كل مرة لا تنجح سوى في إنقاص كيلوغرامات قليلة ثم يصيبها اليأس وتتوقف عن إكمال طريق التخلص من البدانة.
وتقول للجزيرة نت إن أكثر ما يضايقها مظهر جسدها الذي يجعلها أكبر من عمرها الحقيقي، وكذلك “نشاطي ينتهي مع أقل مجهود ولو كان صعود عشر درجات من السلم”.
وفكرت الأستاذة الجامعية في إجراء عملية تكميم المعدة لتنتهي من معاناتها لكنها تتخوف من المخاطر التي تسمع عنها خلال إجراء مثل هذه الجراحات.
المصدر : الجزيرة