وكان الهدف من الندوة هو إلقاء الضوء على آليات عمل مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها وكيفية ضبطها والتحكم فيها والتعرف على حدودها بما يمكّنُ الدول من عدم المفاجأة بهجوم محتمل من جهات معادية من قبل مواقع التواصل الاجتماعي من دول غير صديقة وبالتالي تطوير الأدوات الممكنة لمجابهة تلك الهجمات من خلال رفع موارد الدولة إلى الدرجة القصوى ورفع جاهزيتها لتكون حامية للأمن القومي للدولة.
كما ألقت الندوة الضوء على مع التنامي الكبير للأدوار السياسية و الاقتصادية و الأمنية والثقافية و الاجتماعية التي تستطيع مواقع التواصل الاجتماعي ممارستها في عالم اليوم ، و نظرا إلى ما تمثله هذه الأدوار بالنسبة إلى المجتمع القطري حكومة و شعبا ووافدين و كذلك بالنسبة إلى المؤسسات القطرية الحيوية بمختلف مستوياتها الأمنية والوطنية كالجيش والشرطة و ما يمكن أن تتسبب فيه من تداعيات على المدى المتوسط و البعيد، فإننا سنتناول في هذه الندوة بالدرس و التحليل و التعليق مجموعة من الجوانب المتعلقة بتداعيات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي و الإنساني على المستويات الاجتماعية و النفسية و القانونية و الإعلامية.
حضر الجلسة الافتتاحية سعادة الدكتور حسن راشد الدرهم رئيس جامعة قطر والدكتور درويش العمادي رئيس الاسترتيجية والتطوير بالجامعة والدكتور عمر الأنصاري نائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية والدكتور خالد الخاطر نائب رئيس الجامعة للشؤون الإدارية والمالية والدكتور إبراهيم الكعبي عميد الدراسات العامة بجامعة قطر والدكتور عبدالناصر اليافعي العميد المساعد للشؤون الأكاديمية بكلية الآداب والعلوم ورئيس اللجنة المنظمة للندوة ، والسيدة منيرة السبيعي العميد المساعد لشؤون الطلاب بكلية الآداب والعلوم والدكتور أحمد أبو شوك العميد المساعد لشؤون البحث العلمي والدراسات العليا بالكلية.
وتكونت الندوة من جلستين، كانت الجلسة الأولى بعنوان: الأبعاد الإعلامية والاجتماعية والنفسية، وترأستها دكتورة حنان الفياض الأستاذ المشارك،في قسم اللغة العربية بكلية الآداب والعلوم وتحدث فيها الدكتور جمال الزرن، أستاذ مشارك في قسم الإعلام بكلية الآداب والعلوم عن الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي و تحدثت الدكتورة فاطمة الكبيسي رئيس قسم العلوم الاجتماعية بكلية الآداب والعلوم عن الأبعاد الاجتماعية لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتحدث الأستاذ الدكتور عبدربه سليمان، أستاذ علم النفس، قسم العلوم الاجتماعية عن سيكولوجية مواقع التواصل الاجتماعي .
وكانت الجلسة الثانية بعنوان : المسؤولية الجنائية والامن السيبراني وترأستها دكتورة فاطمة الكبيسي وتحدث فيها الدكتور عبد اللطيف شقفة أستاذ باحث مساعد في أمن المعلومات بمعهد الكندى لأبحاث الحوسبة عن الأمن السيبراني ومواقع التواصل الاجتماعي و تحدث الأستاذ الدكتور سامي الرواشدة أستاذ القانون الجنائي، كلية القانون، جامعة قطر عن المسؤولية الجنائية عن إساءة استخدام مواقع التواصل وكانت الجلسة الختامية برئاسة الأستاذ الدكتور عبدالناصر صالح اليافعي العميد المساعد للشؤون الاكاديمية، كلية الآداب والعلوم، جامعة قطر.
وفي كلمته الافتتاحية بهذه المناسبة قال سعادة الدكتور حسن راشد الدرهم: “إنَّ هذه ندوةٍ تتمحورُ أشغالُها حول موضوعٍ بات في غاية الأهمية في الآونة الأخيرة ألا وهو موضوعُ وسائلِ التواصلِ الاجتماعي والأمنِ القومي، فلا يَخْفى على أحدٍ منّا أنَّ الإِعلامَ كان دائماً وما يزالُ عاملاً مُهِمًّا من عواملِ استقرارِ المجتمعاتِ والمحافظةِ على تماسُكِها في أوقات السِّلْم، كما كان دائما وما يزال سلاحاً مؤثراً على مصيرِ الأممِ والشعوبِ في أوقات الحروبِ والأزماتِ الكبرى.
ولعل هذا التوصيفَ الذي طَبَعَ الإعلامَ التقليديَّ منذ نشأتِه حتى السنواتِ العَشْرِ الأخيرة من القرن العشرين، أصبَحَ أكثرَ صِدْقِيَّةً مع مَطلع القرنِ الواحدِ والعشرين في مجتمعاتِ ما بعدَ الحداثةِ التي نعيشُ فيها، والتي هَيْمَنَتْ فيها تكنولوجيا الاتصالِ المتسارعةُ التَّطَوُّرِ، وباتَتِ الْكلمةُ والمعلومةُ فيها ذاتَ وَقْعٍ أَسْرَعَ وأَشْمَلَ وأَشَدَّ تَأْثيراً سواءٌ في الاتجاهات الإيجابية المحمودِة النّافِعةِ أم في الاتجاهات السلبية الضّارًّةِ”.
كما أكد أن تجاربُ عديدةٌ أظهرت أنَّ التوظيفَ السَّيِّئَ لوسائل التواصل الاجتماعي باتَ يشكِّلُ تحدياتٍ كبرى للأمن القومي للدول حيث قال: “كما نعلم جميعًا، فَإِنَّ حملاتِ تَوظيفِ وسائلِ التواصلِ الاجتماعِيِّ من طَرَفِ دُوَلٍ كانت شقيقةً لنا، قبْلَ أن تُعْلِنَ حِصارَها لنا في الشهر الحرام، خَلَقَتْ في المَنْطَقةِ واقعًا إِعْلامِيًّا خَطيرًا من الناحية الاجتماعية و مُنْحَرِفا أخلاقيا غاية الانحِراف، واقِعًا غيرَ تقليدي وَظَّفَتْ فيه تلك الدول أدوات غير تقليدية في مقدمتها الجيوشَ الإِلكترونية ،التي اشتُهِرتْ إعلاميّا بالذُّبابِ الرقمي الخبيث ،من أجلِ تبرير قرارِ الحصارِ الجائرِ على شعبنا وَوَطَنِنا ، ثم لِضَرْبِ التَّماسُكِ الاجتماعي و السياسي الذي أنعم بِهِ اللهُ عز و جل على هذه البلادِ الطيبةِ المباركةِ و كذلك لِضَرْبِ استقرارِها الاقتصادي والأمني ، لكن هيْهاتَ هَيْهاتَ !! فَقَدْ كانتْ يقظةُ الشعبِ القطريِّ و جاهِزِيَّةُ مُؤَسَّساتِ دَوْلَتِه في مستوى التحدي حيث تمكنت هذه المؤسسات من إحباطِ كلِّ مَشاريعِ المَكْرِ و الإِرْجافِ التي صاحَبَت هذا التحديَ الكبيرَ و في مقدمتِها مشاريعُ المكرِ الإعلامي الخبيث و مشاريع الإرجافِ على مواقع التواصل الاجتماعي، و نغتنم هذه الفرصة لنتقدم بكل التحية والإجلال و التقدير للجهود الاستثنائية التي بَذَلَتْها مختَلِفُ مؤسسات الإعلام الوطني في دولة قطر للتصدي للمؤامرة و الوقوف في وجهها و ذلك بتوجيه بوصلة الفعل الإعلامي الوطني نحو المهمة الاستراتيجية المتمثلة في بناء الوعي الجمعي و تعزيز قيم التماسك و التلاحم في مواجهة الظلم و العدوان.”
وأضاف دكتور حسن الدرهم: “إن فَهْمَ هذه التحدياتِ وإِدْراكَ مغزاها هو ما يقعُ على عاتقكم أنتم الباحثون المختصّون والأكاديميونَ المشاركون في هذه الندوةِ أن تَتَدارَسوهُ، لِأَنَّنا نَتَوَقَّعُ منكم تحليلَ هذا الخطرِ المُحْدِقِ بنا ؛ من أجل فهمِ حَقيقَتِه، ثم من أجل فهمِ آلياتِ عَمَلِه، ثم لِوَضْعِ آلِياتٍ لِلتَّحَكُّمِ في مَخاطِرِهِ متى ما استدعت الضرورةُ الأَمْنِيَّةُ منا ذلك، حِفاظًا على استقرار وطنِنا الغالي، وحفاظا على تَماسُكِ لُحْمَتِنا المُجْتَمَعِيَّة، حتى نَتَفَرَّغَ لِمَا هو أَهَمُّ وَ أَجْدَى و أَنْفَعُ لِأُمَّتِنا و بَلَدِنا، أَلَا و هو المُضِيُّ قُدُمًا في كل مشاريعنا الوطنية الحَيَوِيّة الإستراتيجية لاسيما تلك التي تسْتَهْدِفُ بناءَ الإنسانِ و المجتمعِ ، و كذلك المُضِيُّ في مسيرةِ البناءِ والتَّشْييدِ حتى نُحَقِّقَ النهضةَ الحضاريةَ الشّامِلةَ التي رَسَمَ مَعالِمَها سموُّ الأميرِ الشيخ تميم حفظه الله وأطال في عمره، والتي سَخَّرَ لها – وفقه الله و سدد خُطاه – كلَّ الطاقات و الموارد و الإِمكانات المادية و المعنوية من أجل أن تَتَحقَّقَ على أَكْمَلِ الوجوهِ”.
وفي كلمته قال الدكتور راشد الكواري عميد كلية الآداب والعلوم: ” إن التطور التكنولوجي في مجال الاتصالات والتواصل قدَم أنماط سلوكية غريبة وإن كان في ظاهر هذا التطور نعمة وخير للبشرية إلا أن دائماً هناك جانب سلبي يجب التعامل معه واحتوائه وتوجيهه في الاتجاه الصحيح خصوصاً أذا ما كانت هذه التأثيرات ذات تداعيات على أمننا كأفراد ودول. إننا نلاحظ وعلى فترات متقاربة جداً التسارع في طرح أجهزة الاتصال الحديثة و ما تتضمنه من برامج جديدة للتواصل الاجتماعي و كلها تدور في فلك تجاوزت فيه المعتاد من التواصل المألوف، و نلاحظ ارتباط هذه البرامج بشكل وثيق بالتغيير في أنماط المجتمعات الاستهلاكية و الاجتماعية و أصبح الأمر تهديداً مباشراً للأنظمة الوطنية الاقتصادية و الأمنية و السياسية و بشكل يجعلك تشعر بأن مجتمعاتنا تدار عن بعد من أطراف بعيدة تتحكم و تغيير و تثير الحسد أحيانا و الفتن احياناً أخرى، بل تعمل بيننا من دون أن نشعر بوجودها و لا نلاحظها و هنا تأتي الخطورة التي يجب ان نتعامل معها”.
وأضاف: “أن للجامعات ومراكز البحوث دور كبير في هذا الجانب من تعزيز للوعي المجتمعي بمخاطر هذا الأمر من جهة، ومن جهة أخرى بإطلاق الأبحاث التي تدرس هذه التقنيات والبرامج وتضع آليات واستراتيجيات للتعامل معها واحتواء تأثيراتها السلبية على المجتمع”.
وأشار إلى أن جامعة قطر من خلال كلياتها ومراكزها البحثية المختلفة تولي هذا الأمر اهتماما كبيراً وتستشعر المسؤولية الملقاة على برامجها الأكاديمية ذات الصلة والمتمثل في تبني مواد تربوية وتوعوية تساهم في أن يكون لدينا جيل واعي ويأخذ من هذه المواقع والبرامج الجانب الإيجابي ويتفادى السلبي. ومن هنا تأتي أهمية هذه الندوة وما ستتضمنه بإذن الله من محاضرات في يومها الأول المخصص لمنتسبي الجهات الأمنية وكذلك اليوم الثاني المخصص للطلاب من منتسبي الجامعة.
كما أكد دكتور الكواري على أن هذا التعاون بين الجهات الأمنية في الدولة والجامعة الوطنية هو حلقة في سلسلة من الأنشطة والفعاليات والمشاريع مستقبلاً بإذن الله والتي ستركز على مواجهة واحتواء اثار مواقع التواصل الاجتماعي ووضع المواد التربوية والتوعوية اللازمة لفهم ابعاد وخلفيات هذا الموضوع، وقد نرى مستقبلاً مشاريع بحثية ينتج عنها تقنيات وطنية وبرمجيات من تطوير برامج وطنية تعزز البعد الثقافي والاجتماعي للمجتمع القطري وتضمن استمتاع ابناءنا بوسائل التواصل الاجتماعي وبشكل أكثر أماناً.
وفي تعليقه على أهمية الندوة، قال الدكتور عبد الناصر اليافعي العميد المساعد للشؤون الأكاديمية ورئيس اللجنة المنظمة للندوة: “تعتبر هذه الندوة ثمرة تعاون بين جامعة قطر والحرس الأميري والجهات الامنية الاخرى في الدولة. حيث تم تشكيل لجنة فنية من تخصصات مختلفة من داخل وخارج كلية الآداب والعلوم لتغطية الموضوع من الجوانب الاجتماعية والنفسية والإعلامية والقانونية والتقنية والأمنيةوقد انجزت اللجنة الآتي:
أولا: إقامة ندوة يوم 5 نوفمبر في مبنى البحوث بجامعة قطر وتهدف إلى زيادة الوعي بمخاطر مواقع التواصل الاجتماعي وأثر على الأمن القومي وسبل حمايتها للمدنيين والعسكريين.
ثانياً: إعداد مادة علمية تهدف إلى زيادة الوعي بمخاطر مواقع التواصل الاجتماعي وأثره على الامن الوطني وسبل حمايتها للمدنيين والعسكريين بالإضافة إلى جلسات ندوة اليوم، سيكون هناك أيضا جلسات خاصة بالطلبة يوم الأربعاء الموافق7 نوفمبر بقاعة ابن خلدون في الجامعة، تهدف إلى زيادة وعي أبنائنا وبناتنا الطلبة بمخاطر مواقع لاتواصل الاجتماعي وأثره على الأمن الوطني”.
;