نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية مقالا للكاتبة جينفير روبين تقول فيه إنه بعد 17 يوما من رفض السعودية الاعتراف بالمسؤولية عن القتل المروع للصحفي السعودي جمال خاشقجي، فإنها أخيرا أصدرت رواية مضحكة.
وتشير الكاتبة إلى أن خاشجقي كان كاتبا لدى واشنطن بوست وناقدا للنظام السعودي، وتقول إن الرواية السعودية الأولى تفيد بأنه توفي أثناء شجار مع 18 مسؤولا سعوديا.
وتضيف روبين أن الأدلة تتزايد على مدار أكثر من أسبوعين بأن خاشقجي ذبح وقطع بمنشار مخصص لتقطيع العظام على أيدي فرقة ضاربة تتألف من 15 شخصا، كانت سافرت من السعودية إلى تركيا، ثم غادرتها بعد انتهاء المهمة.
غير أن النظام السعودي كذب على الرئيس الأميركي دونالد ترامب وعلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو مرة بعد أخرى.
وتشير إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان سيشرف على إجراء مزيد من التحقيقات خلال شهر قادم.
خرافة محمد بن سلمان
وتقول إنه “من النادر ما شاهدناه في مثل هذه التغطية الغبية بشدة لجريمة بهذا الحجم”. وتنسب إلى الباحثة لدى معهد بروكينغز سوزان مالوني تغريدتها المتمثلة في القول إنه بعد أسبوعين من الإنكار فإنه لا ثقة في التفسير الوارد بالرواية السعودية بشأن مقتل خاشقجي، خاصة ما تعلق بالخرافة التي يرويها ولي العهد السعودي بهذا الشأن.
وتضيف مالوني أن النتيجة النهائية لهذه الملحمة المروعة هي أن السعودية أصبحت أضعف وأكثر عزلة، وأن الشراكة الأميركية السعودية أصبحت أقل فعالية، وأن العدالة لم تتحقق بالنسبة للضحية البريئة.
وتقول الكاتبة يبدو أن الإدارة الأميركية مستعدة للتوافق مع هذه المهزلة. وتشير إلى أن الرئيس ترامب يريد التحدث والتشاور مع محمد بن سلمان الذي يقول العديد من الخبراء إنه كان على علم بالمؤامرة للسيطرة على خاشقجي وقتله.
وتنسب الكاتبة إلى المتحدثة باسم البيت سارة ساندرز الإقرار بوفاة خاشقجي والإعلان عن أن البيت الأبيض سيستمر في “متابعة” التحقيقات الدولية.
وتوضح روبين أن هذه التحقيقات تتمثل في التحقيق الذاتي للسعوديين أنفسهم، مما يذكر المرء بالعبارة الشهيرة للفيلسوفة الأميركية ذات الأصول الألمانية هانا أرندت “تفاهة الشر”.
وتضيف الكاتبة أن وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين يصر على الذهاب إلى اجتماع لمكافحة تمويل الإرهاب في الرياض، وذلك بعد أن كان أعلن قبل أيام عدم مشاركته في مؤتمر استثماري بالسعودية في أعقاب اختفاء خاشقجي.
وتضيف أن الإدارة الأميركية تبدو عقيمة، وأنه إذا استمرت في هذا الطريق فإنها ستواجه سخرية واستهتار الأميركيين وحلفائنا وكل الشعوب الحرة.
حاجة للرد
وتنتقد الكاتبة إدارة ترامب جراء سماحها للسعوديين بالتأخر هذه المدة الطويلة، وجراء فشلها في طلب تسجيلات صوتية يُزعم أنها التقطت جريمة القتل، وتقول إن الإدارة تسهم في تمكين شر لا يمكن تخيله.
وتضيف أن ترامب كان ضعيفا بشكل مثير للشفقة، وأن استعداده الطفولي لتبني كذبة شفافة لتفادي اتخاذ أي إجراء سيغري بالتأكيد الطغاة الآخرين للقيام بأعمال وحشية مماثلة.
وتنسب الكاتبة إلى السناتورة الديمقراطية إليزابيث وارن –وهي واحدة من بين العديد من المرشحين المحتملين للرئاسة عام 2020- تصريحها شديد اللهجة المتمثل في قولها -في بيان- إن هذه هي الإدارة الأكثر فسادا في التاريخ المعاصر، وإن هناك حاجة إلى رد قوي ضد السعودية، وإن ترامب يعد غير قادر على القيام بهذا الرد.
وتضيف روبين أن بصيص الأمل في الرد على هذه الجريمة الوحشية النكراء يبقى متمثلا في الخطوات التي يمكن أن يتخذها الكونغرس، وتقول إنه يجب استجواب بومبيو ورؤساء المخابرات وغيرهم ممن لديهم معرفة بالوقائع تحت القسم.
وتضيف أن على الكونغرس عقد جلسات استماع قوية تجند خبراء حقوق الإنسان والأمن القومي للعمل على ما يتعلق بانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان للسعوديين وشراء النظام السعودي النفوذ في الولايات المتحدة.
وتقول إنه بالإضافة إلى ضرورة تعليق صفقات الأسلحة للسعودية –التي لا تصل إلى 110 مليارات دولار كما يدعي ترامب- فإنه ينبغي للكونغرس الإصرار على تطبيق عقوبات “قانون ماغنيتسكي” على جميع المتورطين في هذه الجريمة الخسيسة، وأن تشمل هذه العقوبات محمد بن سلمان، وذلك إذا كان -كما يقول خبراء استخبارات مطلعون- على دراية كاملة بالمؤامرة والمشاركة في التغطية.
المصدر : الجزيرة,واشنطن بوست