كيف تخسر القدس معركة السياحة مع الاحتلال؟

930 ‎مشاهدات Leave a comment
كيف تخسر القدس معركة السياحة مع الاحتلال؟

أسيل جندي-القدس

ينهمك التاجر المقدسي عنان الشويكي في التفكير بوسائل جديدة لجذب السياح للشراء من حانوته المختص بالتحف السياحية، في طريق البازار بالبلدة القديمة، على أمل أن يلتفت أحدهم لبضاعته التي اكتظت بها الرفوف.

وخلال السير في أسواق البلدة القديمة المختصة بالسياح لفتنا ترحيبه وابتسامته التي غابت عن وجوه جيرانه من التجار، بسبب الظروف الاقتصادية التي تزداد صعوبة مع مرور الوقت.

وقررنا الحديث مع التاجر داخل حانوته الصغير بمناسبة اليوم الدولي للسياحة الذي أقرته منظمة السياحة العالمية التابعة للجمعية العامة لـ الأمم المتحدة عام 1979، واختير 27 سبتمبر/أيلول للاحتفال بهذه المناسبة سنويا.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال الشويكي إن المصاريف التشغيلية تفوق المدخولات التي يحتاجها للوفاء بالالتزامات المترتبة عليه كفلسطيني يعيش بالمدينة المقدسة المحتلة، بسبب غلاء المعيشة من جهة والضرائب الكثيرة المترتبة على التجار من جهة أخرى.

التاجر المقدسي في طريق البازار عنان الشويكي (الجزيرة)

ومما يزيد الأمور تعقيدا -حسب الشويكي- الركود وكساد البضائع بسبب عدم إقبال السياح على شرائها، ورغم إعلان وزارة السياحة الإسرائيلية عن ارتفاع عدد السياح إلى ثلاثة ملايين سنويا، فإن احتضارا ملحوظا تشهده الأسواق شرقي القدس، الأمر الذي دفع بعدد من التجار لإغلاق حوانيتهم السياحية أو تحويلها لتخصصات أخرى بعيدة عن هذا القطاع.

يقول الشويكي “أحاول جذب الزبائن من خلال حيل مختلفة، كتثبيت لافتات طريفة أعلى الحانوت أو التحدث إليهم بلغاتهم الأصلية، منهم من يستجيب ويدخل لشراء التحف ومنهم من لا يلتفت، وأبرز التحديات التي تواجهنا عنصرية بعض السياح وكراهيتهم للعرب، بسبب غسل الأدمغة الذي يتعرضون له عبر تزويدهم بالرواية المشوهة عن القدس والمقدسيين”.

ومن تداعيات الرواية المشوهة على التجار إقبال السياح على شراء هدايا سياحية تتعلق بإسرائيل لا فلسطين، مما أدى لكساد التحف المتعلقة بإسلامية ومسيحية المكان، وهو ما دفع العديد من التجار لتحويل حوانيتهم لتخصصات أخرى أبرزها بيع العصائر، انطلاقا من رفضهم بيع تحف سياحية تعطي الصبغة اليهودية لمدينة القدس.

ملايين السياح يمرون بالبلدة القديمة لكنهم يعزفون على التسوق منها (الجزيرة)

من جانب آخر، تنعش السياحة الإسلامية بشكل جزئي شرقي القدس، إذ يتعمد المسلمون من غير العرب حجز الفنادق الفلسطينية في البلدة القديمة وما حولها، وتُنظم لهم الجولات في المناطق الفلسطينية طيلة فترة إقامتهم.

وقال صاحب مكتب دنيز للسياحة والسفر يوسف جابر إنه لوحظ ارتفاع في إقبال المسلمين من غير العرب على زيارة القدس في السنوات الأربع الأخيرة، ويخمن بأن عدد هؤلاء يصل سنويا لنحو 45 ألف سائح “النسبة الأكبر من هؤلاء أتراك، وهناك من يصل للقدس قادما من سنغافورة وإندونيسيا وماليزيا والهند والصين بالإضافة لبعض دول جنوب أفريقيا ومسلمي أوروبا”.

ورغم حرص هؤلاء على النزول بالفنادق الفلسطينية فإن أول المعيقات التي تواجههم نقص الغرف الفندقية التي يبلغ مجموعها 1500 غرفة، مقابل عشرين ألف غرفة توفرها الفنادق الإسرائيلية لنزلائها في شطري المدينة الشرقي والغربي، مما يضطر بعضهم للحجز في الفنادق الإسرائيلية.

فنادق شرق القدس تعجز عن استيعاب الأعداد المتزايدة من السياح المسلمين غير العرب (الجزيرة)

وحول مدى إسهام هذه النوعية من السياح في إنعاش الاقتصاد المقدسي، تطرق جابر لضعف القدرة الشرائية لديهم، بسبب الأسعار المرتفعة في القدس ولجوئهم لشراء الهدايا التذكارية من الضفة الغربية.

لكنه أشار إلى أن السياحة الإسلامية فتحت مصدر دخل جديد لفنادق القدس وشركات السياحة والحافلات السياحية، والأهم من ذلك أنها أنعشت الحركة في أزقة البلدة القديمة والمسجد الأقصى.

وعن المحطات التي يزورها المسلمون خلال رحلتهم إلى فلسطين، قال جابر إنها تبدأ بالبلدة القديمة والمسجد الأقصى وجبل الزيتون ومناطق أخرى بالمدينة المقدسة، وتمر بمدينة الخليل لزيارة الحرم الإبراهيمي ثم أريحا وتنتهي بزيارة الأحياء القديمة بمدينة يافا.

المصدر : الجزيرة