إتهم “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية” المجتمع الدولي “بالمشاركة مع النظام السوري في قتل الشعب السوري بسبب صمته وعجزه”، مشيراً إلى “مقتل أكثر من 1300 شخص في “الهجوم الكيميائي” الذي نفذته قوات النظام الاربعاء على ريف دمشق”.
وقال القيادي جورج صبرة في مؤتمر صحافي دعا اليه الائتلاف بسبب مجزرة الغوطة أن “ما يجري يطلق رصاصة الرحمة على كل هذه الجهود السياسية السلمية ويجعل الحديث عنها نوعا من العبث”.
وشدد على وجوب أن “يتحمل العالم مسؤولياته تجاه الكارثة الانسانية في سوريا”، مؤكدا السعي الى اقامة نظام ديمقراطي عادل في سوريا، داعيا “لجلسة طارئة لمجلس الامن الدولي لبحث مجزرة الغوطة الشرقية”.
لكن الجيش السوري نفى الاتهام واصفاً إياه بـ”المفبرك” للتغطية على خسائر مسلحي المعارضة.
بدوره أكد خبير الأسلحة الدولي جون باسكال زاندرس “استخدام أسلحة كيماوية في ريف دمشق، دون أن تتضح طبيعتها”، مرجحاً أن “تكون سحابة من الدخان السام غطت منطقة واسعة، وتسربت إلى أقبية لجأ إليها المدنيون”، مضيفا أن العالم أمام واقعة خطيرة، وإن كانت تفاصيلها ما زالت غامضة.
وقال في حديث لشبكة “CNN” إن “الصور العديدة واللقطات التي شاهدناها، يمكنني القول بثقة بأن أمراً خطيراً وقع.. يمكننا القول إن مادة كيماوية سامة قد استخدمت في الهجوم، ولكن يصعب تحديد نوعها بمجرد الاعتماد على الصور”.
وتابع الخبير الدولي قائلاً: “اللقطات التي عرضت مساء أمس قدمت المزيد من الأدلة على استخدام مادة سامة للأعصاب، ولكن من المستحيل معرفة ما إذا كانت المادة غاز السارين أو غاز VX”.
وحول إمكانية أن تكون السلطات السورية محقة بزعمها أن المشاهد كلها مزيفة وأن المعارضة قد عمدت إلى فبركتها، قال زاندرس: “لطالما صدرت بيانات النفي عند استخدام السلاح الكيماوي في الحروب، ونحن نمر الآن بمرحلة مماثلة، وما علينا فعله هو الطلب من فريق التفتيش الدولي التابع للأمم المتحدة، والموجود أصلاً داخل سوريا، التحقيق في هذه المزاعم والتوجه إلى الموقع بأسرع وقت ممكن”.
وفي غضون ذلك عُقد اجتماعاً طارئاً مغلقاً للمجلس في نيويورك لبحث هجوم، قال ناشطو المعارضة السورية إنه أسفر عن مقتل المئات.
وأقر مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة بوجود حاجة لإجراء تحقيق فوري ومحايد بشأن مزاعم المعارضة السورية بأن القوات الحكومية استخدمت أسلحة كيميائية، أبرزها غاز السارين، في هجوم بمنطقة الغوطة بريف دمشق.
وقالت ماريا كريستينا برسيفال، سفيرة الأرجنتين لدى الأمم المتحدة، عقب الاجتماع “هناك قلق شديد بين أعضاء المجلس بشأن المزاعم، وشعور عام بأنه يجب أن يكون هناك وضوح بشأن ما حدث، وأن تتم متابعة الوضع عن كثب.”
لكن المجلس لم يذكر شيئا بشأن إجراء مثل هذا التحقيق بواسطة فريق من مفتشي الأسلحة الكيميائية التابعين للأمم المتحدة، موجود حاليا في دمشق.
وذكرت مصادر أن روسيا والصين عرقلتا إصدار بيان شديد اللهجة من المجلس يدعو دمشق لمنح مفتشي الأمم المتحدة الموجودين بالفعل في سوريا تصريحا مطلقا بالعمل في منطقة الهجوم.
وفي غضون هذا وقعت 35 دولة من أعضاء الأمم المتحدة – بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا – رسالة تدعو إلى قيام مفتشي المنظمة الموجودين بالفعل في سوريا للتحقيق في الواقعة في أقرب فرصة ممكنة.
وكان المفتشون وصلوا إلى سوريا قبل أيام للتحقيق في مزاعم سابقة باستخدام أسلحة كيميائية في ثلاثة مواقع مختلفة في البلاد.
ولكن ما هو السارين؟
غاز السارين هو غاز يؤثر على الاعصاب شديد السمية لا رائحة له ولا لون اكتشفت تركيبته في المانيا عام 1938. عند تنشق هذا الغاز الفوسفوري العضوي او مجرد ملامسته للجلد يتسبب بتعطيل انتقال السائل العصبي ويؤدي الى الوفاة بتوقف القلب والجهاز التنفسي. والجرعة المميتة منه هي نصف ملليغرام للشخص البالغ. من اعراضه الاصابة بصداع شديد واتساع بؤبؤ العين، ثم تشجنات عصبية وتوقف التنفس فالغيبوبة التي تسبق الموت.اما طرق استعماله متعددة، على شكل رذاذ، وكذلك عبر تفجير ذخائر، كما يمكن استخدامه لتسميم المياه او الغذاء بحسب مركز المراقبة والوقاية من الامراض في اتلنتا بالولايات المتحدة..
عند ملامسة الملابس لبخار الـ”سارين” بصورة متواصلة يمكن ان ينتقل التلوث الى اشخاص اخرين خلال نصف ساعة بعد التعرض له بحسب المركز نفسه الذي يشير الى وجود مضادات له.
ان انتاج السارين عملية معقدة، لكن علماء كيمياء المان في شركة “أي جي فاربن” اكتشفوه عن طريق الصدفة عام 1938 بينما كانوا يعملون على تحضير مبيدات جديدة. والسارين يستمد اسمه من اسماء مخترعيه: شرادر، امبروس، روديغر وفان در ليندي. وقد استخدم كسلاح كيميائي اثناء النزاع بين ايران والعراق في ثمانينات القرن الماضي، ثم من قبل طائفة “آوم الحقيقة المطلقة” في اعتداء ارتكب في 20 اذار(مارس) 1995 في مترو طوكيو. وكان اعضاء من هذه الطائفة مجهزون باكياس مليئة بالسارين بشكله السائل ثقبوها وقتلوا 12 شخصاً واصابوا الافا اخرين.
الجدير بالذكر أن أول «غاز أعصاب» تم اكتشافه في ألمانيا، في العام 1936، وكان ذلك في أثناء بحث علماء الكيمياء الألمان عن مبيد للحشرات، وأطلق على الغاز المكتشف اسم “تابون”.إثر ذلك، قام العلماء الألمان بتطوير مركبات الفوسفات العضوية واستخدامها على نطاق واسع كمبيد للحشرات، كما جمعوا من الغاز «تابون» اثني عشر ألف طن في أسطوانات خاصة بهدف استخدامه في إبادة الحشرات الضارة.
الغازات
أثناء الحرب العالمية الثانية وقع المخزون الهائل من غاز الأعصاب تابون في أيدي الروس (عام 1945) وكانت هذه بداية ذيوع الاكتشاف الألماني، الذي كان – حتى ذلك الوقت – في طي الكتمان.
ولا يستخدم غاز “تابون” اليوم، وإنما ينتشر استخدام نوعين آخرين من غازات الأعصاب، هما كذلك من اكتشاف الألمان. يعرف الأول باسم “سارين”، ويعتبر ركيزة الأسلحة الكيميائية في الولايات المتحدة الأميركية، أما الغاز الثاني فاسمه «سومان»، وهو ركيزة الروس في الترسانة الكيميائية.
وفي المجال العسكري، يرمز إلى غازات الأعصاب بحروف أبجدية، فمثلا: يرمز إلى سارين بالحرفين GB وإلى سومان بالحرفين GD.
على أن أخطر سلاح كيميائي معروف إلى الآن، موجود في حوزة الولايات المتحدة الأميركية، ويعرف بالحرفينVX وهذا السم يكون عادة على هيئة سائلة سميكة القوام، مثل زيت السيارات. وعند إطلاقه فإنه يلتصق بالأرض ويكوّنُ طبقة سميكة يتصاعد منها الغاز القاتل ببطء وعلى فترة زمنية طويلة. وهذا النوع من الأسلحة الكيميائية سُـمٌّ زُعَاف، إذْ يقتل الضحية على أي حال. ذلك أن السم VXيعلق بأي شيء ويلتصق به، ويخترق الملابس والجلد، حيث تكفي قطرتان منه لتحقيق موت مؤكد.
وتعد الأسلحة الكيماوية من أسلحة الدمار الشامل، لما لها من تأثير كبير على الأحياء في المناطق التي تستخدم فيها.
وعلى الرغم من أن تلك النوعية من الأسلحة تحتاج لبعض الخبرات العلمية حتى يكون استخدامها مؤثرا ، فإن إنتاجها يعد أسهل من إنتاج الأسلحة النووية ويمكن إخفاءها دون عناء.
الأسلحة الكيميائية
استخدمت الأسلحة الكيميائية لأول مرة على نطاق ضيق أثناء الحرب العالمية الأولى. كان السلاح المستخدم آنذاك هو غاز الخردل وقد استخدمته كلٌّ من بريطانيا وإيطاليا. أما الألمان فعلى الرغم من امتلاكهم بعض المخزون من غازات الأعصاب، فإنهم لم يستخدموا تلك الغازات في أيٍّ من الحربين العالميتين الأولى أو الثانية.
ثم شاع استخدام تلك الأسلحة، نوعا ما، بعد الحرب العالمية الثانية بوجه خاص، لقهر عدو معتصم بأعالي الجبال، أو مختبئ في الكهوف والغابات. ويُذْكَر أن موسوليني – زعيم إيطاليا في الثلاثينيات من القرن العشرين – هو أول من أوحى بفكرة استخدام غازات الأعصاب لدحر عدوّ معتصم بموانع طبيعية. وقد استخدمت الغازات السامة بالفعل بأوامر من موسوليني ضد إثيوبيا (الحبشة) عام 1936.
ومن البلدان الأخرى التي يقال إنها استخدمت غازات الأعصاب، الاتحاد السوفييتي (سابقا)، فقد استخدم الغازات السامة في لاوس وكمبوديا، كما استخدمها في أفغانستان ضد المجاهدين المعتصمين بقمم الجبال. كذلك استخدمت اليابان غازات سامة، وجراثيم الطاعون، في الصين قبل الحرب العالمية الثانية. أما الولايات المتحدة فقد استخدمت غازات الأعصاب في فيتنام على نحو استدعى سخط العالم أجمع.
الجدير بالذكر أن هناك اتفاقية دولية تحظر استخدام الأسلحة الكيميائية في الحروب، وتعرف هذه الاتفاقية باسم «بروتوكول جنيف» وقد وقعتها دول كثيرة عام 1925 من بينها الاتحاد السوفييتي (سابقا) والولايات المتحدة الأميركية.
وكانت كارلا ديل بونتي عضو لجنة تقصي الحقائق بشأن ارتكاب جرائم حرب في سورية، أكدت في تصريحات نشرت لها في وقت سابق إن “اللجنة جمعت شهادات تفيد أن المعارضة السورية استخدمت غازات سامة .” وفي مقابلة مع التليفزيون الرسمي السويسري، قالت ديل بونتي: “انطلاقا من الشهادات التي جمعناها، استخدمت قوات المعارضة السورية أسلحة كيميائية، حيث لجأت لغاز “السارين”.
lebanon news
http://www.lebanonews.net/ar