منذ أكثر من عامين وقناة “بي إن سبورتس” تتعرض لسهام الاستهداف المتواصل في وضح النهار، فكيف بدأت خيوط المؤامرة؟ ولماذا عجزت المنظمات الدولية صاحبة القرار عن كبح جماح من يقف خلف هذه الجريمة؟
في فيديو مسرب حصل عليه فريق برنامج “ما خفي أعظم” (2019/9/22)، تم الدخول إلى مقر قناة “بي آوت كيو” السري، وكشف التفاصيل السرية للموقع الذي تُبث منه القناة والشخصيات المرتبطة بالمشروع.
من حي القيروان في الرياض تبث “بي آوت كيو”، وتظهر اللقطات مقرا يحمل اسم المدينة الإعلامية السعودية “شماس”، إلا أنه يخفي داخله المعدات وأجهزة البث والاستقبال، وكذا الفرق الفنية التابعة للقناة التي تعمل على قرصنة المحتوى منذ أكثر من عامين.
ويظهر الفيديو غرفة التحكم الرئيسية وأجهزة الخوادم التي تنظم عمل القناة وتوزع محتواها المسروق، كما يبين غرفة أخرى مجهزة للبث الاحتياطي في حالات الطوارئ.
واللافت في الفيديو المسرب وجود أجهزة “بي إن سبورتس” الأصلية مكدسة في مقر القناة، وهي أجهزة استقبال تم شراؤها بشكل رسمي أو مصادرتها من الأسواق السعودية.
كما يظهر على الأجهزة أسماء المشتركين وأرقام التسجيل الخاصة بها، ويتم من خلالها الحصول على البث الشرعي لقناة “بي إن سبورتس” قبل سرقته وإعادة بثه تحت المسمى المزيف.
وكشف برنامج “ما خفي أعظم” أن شركتين سعوديتين هما “سيلفيجن” و”شماس”، تورطتا في عمليات القرصنة التي قامت بها قناة “بي آوت كيو”.
وتمكن البرنامج من الحصول على وثائق تثبت تحويلات مالية بين الشركات المتورطة وإدارة القمر الصناعي “عربسات”، كما كشف عن تجهيز مكان بديل لعملية القرصنة في دولة عربية أفريقية بعد زيادة الضغوط على السعودية.
واتهمت النيابة العامة القطرية ثلاثة موظفين في مجموعة “بي إن سبورتس” بالتخابر مع السعودية ومصر للإضرار بمصالح المجموعة.
وكشف النائب العام القطري أن أحد المتهمين الثلاثة سافر إلى السعودية بعد الحصار، ودخلها بدون تأشيرة والتقى ماهر المطرب. كما قدم المتهم الرئيسي في قضية التخابر معلومات سرية وحساسة ووثائق للمخابرات المصرية.
قرصنة رسمية
يذكر أنه في يونيو/حزيران 2017، وبعد أيام من إعلان الحصار على قطر من قبل السعودية والبحرين والإمارات ومصر، تم حظر جميع قنوات “بي إن سبورتس” ومصادرة أجهزتها في السعودية. وتزامن ذلك مع ترويج جهات سعودية لإطلاق مجموعة رياضية جديدة.
قُدم الاسم الجديد على أنه لقناة رياضية منافسة تنهي الاحتكار، لكنها لم تكن إلا نقلا مباشرا لبث قناة “بي إن سبورتس” مع تغطية شعارها الأصلي. لكن المثير في الأمر هو خشية القائمين عليها من متابعتها رسميا، فأعلنت عبر موقعها على الإنترنت أنها شركة كوبية كولومبية.
مدير التواصل في مجموعة “بي إن سبورتس” ديفد سوغدن أكد أن أول ظهور لقناة “بي آوت كيو” كان أوائل يوليو/تموز 2017، أي بعد شهر من بدء الحصار، مؤكدا أن أساس القرصنة سياسي، ومشيرا إلى أن كوبا وكولومبيا نفتا وجود بث للقناة من أراضيهما.
أما مديرة تحالف مكافحة القرصنة المرئية والمسموعة شيلا كاسلر فاعتبرت أن هذه الحالة فريدة من نوعها، إذ تمت القرصنة خلال سنتين، وتم نقل البث من القمر الصناعي إلى الإنترنت دون التمكن من إيقافها عن ذلك.
بدوره أوضح الخبير في القانون الدولي سعد جبار أن القرصنة منظمة بالدليل القاطع، لأن السلطات السعودية لم تحقق ولم تبين أنها اتخذت أي إجراءات قانونية. كما أن هناك أدلة تبين الضمانات المالية والمساندة التي قدمتها الرياض من حيث توزيع الأجهزة لاستقبال البث.
وكشف التحقيق أن العملية ليست نتاج قراصنة عاديين، وإنما هي جزء من منظومة متكاملة بغطاء رسمي ودعم مالي.