المادة 102.. حل لأزمة الجزائر أم مأزق جديد؟

521 ‎مشاهدات Leave a comment
المادة 102.. حل لأزمة الجزائر أم مأزق جديد؟

فاطمة حمدي-الجزائر

شكلت المادة 102 من الدستور التي تنص على إعلان الشغور في منصب الرئيس نواة المرحلة الحالية التي تمر بها الجزائر، حيث انطلقت بها شعارات الشارع في 22 فبراير/شباط الماضي، ليعلن اليوم رئيس أركان الجيش، الفريق قايد صالح، أنها الحل الوحيد للخروج من الأزمة التي تمر بها البلاد.

لكن ما يبدو أنه مقترح للحل دفعت به المؤسسة العسكرية يخفي تفاصيل قد تفتح على الجزائر أبواب المجهول بدل معالجة الأزمة من جذورها، خاصة ما يتعلق بالتجاوب المأمول من المجلس الدستوري مع مقترح الجيش، وإشكالية الجنسية المكتسبة لرئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، التي قد تطفو إلى السطح وتزيد المشهد تعقيدا.

وتنص المادة 102 من الدستور الجزائري المعدل عام 2016 على أنه “إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة، يقترح بالإجماع على البرلمان التّصريح بثبوت المانع”.

ويعلن البرلمان -المنعقد بغرفتيه- ثبوت المانع لرئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضائه، ويكلف بتولي رئاسة الدولة بالنيابة مدة أقصاها 45 يوما رئيس مجلس الأمة.

وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء 45 يوما، يُعلَن الشغور بالاستقالة وجوبا، ويتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها 90 يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية.

قايد صالح: يجب تبني حل يكفل الخروج من الأزمة وهو الحل المنصوص عليه في المادة 102 من الدستور (رويترز)

أزمة حقيقية
ويرى المتخصص في الشأن الدستوري ناصر بوغزالة، أنه لا يوجد حاليا أمام المجلس الدستوري في الجزائر إلا الاجتماع الطارئ للتأكد من أن الحالة الصحية لبوتفليقة مزمنة، مما يتوجب عليه تطبيق المادة 102 من الدستور.

وأضاف “في الأصل المجلس الدستوري هو المخول قانونا بالتصريح بالمادة 102 وليس الجيش، ولا يحق لأي مؤسسة كانت أن تتكلم عن هذا الموضوع إلا المجلس الدستوري”.

ويجب -بحسب بوغزالة- أن “يتثبّت المجلس الدستوري، من حقيقة المانع، بأن رئيس الجمهورية يمر بمرض مزمن وخطير، عن طريق الشهادات الطبية التي بين يديه وفي هذه الحالة يقرر ويقترح على البرلمان التصريح بثبوت المانع”.

ويتخوف بوغزالة من احتمالية عدم استجابة المجلس الدستوري وتفاهمه مع مخرجات الجيش التي جاءت على لسان قيادة الأركان، مشيرا إلى أن الخلاف سيوصل البلاد إلى تجميد الدستور، وبالتالي أزمة أشد خطورة على الجزائر مما حصل عام 1992.

أما في حال وجود خلاف بين المجلس الدستوري وقيادة الأركان، فهذا يعني -بحسب بوغزالة- “أن الجزائر وصلت لطريق مسدود، وفي هذه الحالة لا يوجد حل قانوني، وستذهب البلاد للخيار السياسي والأمر غاية في الخطورة في ظل عدم وجود حكومة، ودستور شبه مجمد”.

ويرى بوغزالة أن أخطر تحد تواجهه الجزائر هو الوصول إلى ما يعرف بـ”الحالة الواقعية، أي لا اعتراف لا بالبرلمان ولا بالحكومة ولا بأي من مؤسسات الدولة وهذا يجعل الدولة تهتز وتدخل البلاد في الفوضى العارمة”.

ويضيف أن الجزائر “أمام أزمة حقيقية، حيث إنه لا يمكن إعلان الحصار ولا الطوارئ، لأن هذين الأمرين يعلن عنهما الرئيس”، مناشدا من أسماهم “الوطنيين في البلاد” إنقاذ الجزائر من “إعدام القانون” لأن الجزائر تحتاج وقفة رجالها أكثر من أي وقت مضى، بحسب تعبيره.

 وفق المادة 102 وبعد ثبوت المانع يكلف رئيس مجلس الأمة بتولي رئاسة الدولة بالنيابة (رويترز)

إشكالية الجنسية
وبشأن كيفية التعامل مع الجنسية المكتسبة لرئيس مجلس الأمة (ولد بالمغرب وجنس بعد الاستقلال)، في حال إعلان شغور منصب الرئيس وتوليه الرئاسة في المرحلة الانتقالية، يستغرب المتخصص في القانون الدستوري فوزي أوصديق من إثارة هذا السؤال في هذا التوقيت بالذات.

ويؤكد أن مسألة الجنسية لن تكون عائقا “على اعتبار أن رئيس مجلس الأمة الحالي مارس مهامه كثاني رجل في البلاد لأزيد من عقد دون أي عائق قانوني”.

وأضاف أن “الممارسة تثبت أن جنسيته الأصلية هي الجزائرية، بحكم تبوئه المنصب، وفي حالة التشكيك رغم أنه مستبعد، يوجد خيار آخر، في فقرة من المادة 102، التي تنص على حالة اقتران شغور منصب الرئيس باستقالة رئيس مجلس الأمة، حيث يتولى رئيس المجلس الدستوري المهام”.

المصدر : الجزيرة