ناصر صادق
يواجه النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي اتهاما دائما بالفشل مع منتخب بلاده، يتجدد مع كل إخفاق أو هزيمة جديدة لراقصي التانغو، مما دفعنا إلى محاولة رصد أسباب التباين الصارخ بين إخفاقه في تحقيق أي بطولة للمنتخب الأول في ظل حصده عشرات البطولات الأوروبية والمحلية مع فريقه الإسباني برشلونة.
وبلغ الهجوم على ميسي (31 عاما) ذروته وخاصة من الصحافة الأرجنتينية في أعقاب إهداره لركلة جزاء بمباراة آيسلندا بمونديال روسيا الأخير ثم الهزيمة القاسية أمام كرواتيا، والخروج المبكر على يد المنتخب الفرنسي بالدور ثمن النهائي، مما دفعه لاعتزال اللعب دوليا.
وتجددت الانتقادات مع أول ظهور لميسي مع منتخب بلاده بعد غياب دام تسعة أشهر، على خلفية الهزيمة الودية للأرجنتين أمام فنزويلا السبت الماضي 1-3.
ودائما ما يوضع ميسي في مقارنة ليست في صالحه (للتقليل من شأنه) مع مارادونا الذي قاد الأرجنتين للفوز بكأس العالم 1986 بالمكسيك ولقب بطولة كوبا أميركا في عامي 1991 و1993.
ويثير الوجه المشرق لميسي مع برشلونة العديد من التساؤلات عن سر فشله الدولي في حصد الألقاب على مستوى المنتخبات، حيث نجح في قيادة برشلونة للفوز بـ33 لقبا، وهي أكثر من عدد سنوات عمره.
ومن أبرز ألقابه مع البلوغرانا، فوزه بأربعة ألقاب لدوري أبطال أوروبا، وثلاثة ألقاب لكأس السوبر الأوروبي، ومثلها لكأس العالم للأندية.
ميسي إسباني كتالوني
ويفسر معلق كرة القدم بشبكة قنوات “بي أن سبورتس” حفيظ دراجي معضلة ميسي للجزيرة نت قائلا “لدي تفسير عام وآخر خاص، فالعام هو أن مشكلة ميسي مع منتخب بلاده ذهنية ونفسية في المقام الأول، حيث أثر عليه تكرار جملة أنه لم يقدم شيئا لمنتخب بلاده مثل مارادونا بشكل سلبي جدا، كما أن الأرجنتين ليست كبرشلونة”.
وأضاف دراجي “والخاص أن ميسي من وجهة نظري إسباني كتالوني أكثر منه أرجنتيني، وكأنك تأخذ أي لاعب وتضعه مع منتخب آخر فلن يقدم شيئا يذكر حتى لو كان كريستيانو رونالدو”.
ويدعم وجهة نظر دراجي أن ميسي يعيش في مدينة برشلونة منذ أن كان طفلا في الثانية عشرة من عمره، كما تعرض لضغوط شديدة لتمثيل المنتخب الإسباني لكنه فضل ارتداء قميص الأرجنتين.
وكثيرا ما تنبش الصحافة الإسبانية في الماضي لتشعر ميسي بأنه أساء الاختيار عندما فضل الأرجنتين التي لم يحقق معها أي بطولة على المنتخب الإسباني، الذي فاز خلال العقد الأخير بلقب كأس العالم 2010 وبطولة الأمم الأوروبية في مناسبتين.
حظ عاثر
في حين يرى نجم المنتخب التونسي السابق حاتم الطرابلسي الذي احترف بمانشستر سيتي الإنجليزي وأياكس أمستردام الهولندي، أنه لولا كبر حجم نجومية ميسي لما هوجم بهذا الشكل المبالغ فيه بشكل كبير، مشيرا إلى أنه ليس محظوظا مع المنتخب بالشكل الكافي.
ودلل الطرابلسي للجزيرة نت على صحة تحليله قائلا “يلعب مع ميسي في برشلونة مجموعة من اللاعبين المميزين الذي يساعدونه على إبراز مواهبه وصناعة الفارق الكبير وبالتالي إحراز البطولات، أما في الأرجنتين فهو يفعل ما عليه ويؤدي بشكل ممتاز لكن تجد بجواره من يهدر الفرص السهلة مثل هيغوايين وأغويرو”.
وأضاف الطرابلسي “كما يرافق ميسي حظ عاثر في النهائيات مثلما حدث معه بنهائي مونديال البرازيل، ونهائي بطولة كوبا أميركا مرتين، وهذا لا يقلل من كونه أفضل لاعب في العالم”.
الأرجنتين تفتقد الأدوات
وفي تحليل أكاديمي لإخفاق ميسي دوليا ونجاحه مع برشلونة يوضح محاضر المدربين بالاتحاد الأفريقي لكرة القدم حمدان حمد للجزيرة نت، أن العاملين الفني والنفسي هما السبب الرئيسي للتباين الصارخ في الحالتين.
ويقول حمد إن “اللاعب يجب أن يكون في منظومة أداء متكاملة من حيث الإمكانيات والأدوات لكي يبدع ويحسم الألقاب بإمكانياته الفردية الكبيرة، وهو ما يفتقده ميسي مع منتخب بلاده ويجده في فريق برشلونة الذي يضم الكثير من النجوم على مر العصور ويوفر الحلول والبدائل لتخفيف الضغط عن ميسي ليبدع أكثر، فبعد رحيل تشافي وأنييستا جاء سواريز ثم ديمبلي وغيرهم من النجوم الذين يساعدون على حصد الألقاب”.
ويضيف حمد “أما مع الأرجنتين فلا تتوفر الأدوات التي تساعد ميسي على حصد البطولات رغم أنه يؤدي ما عليه، ومع مرور الوقت أصبح الضغط النفسي الكبير عليه عاملا سلبيا إضافيا لفشله في البطولات الكبرى مثل خسارة نهائي مونديال البرازيل 2014 أمام ألمانيا، ونهائي كوبا أميركا أمام تشيلي”.
وأعرب حمد عن شعوره بأن ميسي ليس مرتاحا مع منتخب بلاده نتيجة لهذه الضغوط التي تتزايد مع اقترابه من سن الاعتزال وهو لم يحقق أي بطولة مثل الأسطورة مارادونا.