أسيل جندي-القدس المحتلة
طُويت بشكل رسمي صفحة القنصلية الأميركية العامة في القدس التي تأسست عام 1844 كأول تمثيل دبلوماسي أميركي في المدينة، ودُمجت القنصلية أمس الاثنين تحت مظلة السفارة الأميركية وتحولت لدائرة يطلق عليها اسم “وحدة الشؤون الفلسطينية”، ويديرها مايك هانكي نائب القنصل العام.
وتولت القنصلية الأميركية العامة في القدس على مدار عقود مسؤولية العلاقات مع الفلسطينيين كبعثة دبلوماسية لها كيان مستقل عن السفارة الأميركية المسؤولة عن العلاقات مع إسرائيل، التي كان مقرها في تل أبيب قبل نقلها للمدينة المحتلة قبل شهور.
الوضع الجديد سيُحتّم على المقدسيين التوجه للسفارة الأميركية في حي أرنونا غربي القدس لمتابعة معاملاتهم واستصدار التأشيرات، بعد إغلاق القنصلية التي كانت عنوانهم في إتمام معاملاتهم كافة.
ورغم رفض الفلسطينيين لخطوة نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، بعد شهور من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب المدينة عاصمة لإسرائيل ونيته نقل سفارة بلاده إليها، فإنه يصعب على المقدسيين مقاطعتها.
السفارة الأميركية في تل أبيب قبل نقلها إلى القدس (الأوروبية) |
آراء السكان
الجزيرة نت تجولت في شوارع القدس واستطلعت آراء المقدسيين في قرار دمج القنصلية بالسفارة وإمكانية مقاطعتها، وقال عمر الشلبي إنه من المستحيل مقاطعة المؤسسة التي يُسير المقدسيون من خلالها أمورا حياتية أساسية، فالكثير من العائلات تعيش مشتتة بين القدس وأميركا وهي بحاجة دائمة لإصدار تأشيرات زيارة.
لكن الشلبي يرى أنه من الأولى مقاطعة كافة المنتوجات الأميركية وألا يقتصر ذلك على المقدسيين بل على كافة الفلسطينيين والعرب، وذلك لإلحاق الأضرار الاقتصادية بأميركا وبكل شركة ومؤسسة تدعم الاحتلال الإسرائيلي.
المقدسي محمد زحايكة يميل لقرار مقاطعة المؤسسات الأميركية، مع ضرورة مراعاة فئات المجتمع المقدسي التي تحمل الإقامة أو الجنسية الأميركية وتحتاج لمتابعة أمور حياتها ومصالحها في السفارة وغيرها.
أما المقدسي حامل الجنسية الأميركية زهدي عليان -الذي عاد ليعيش في القدس عام 2000 بعد سنوات طويلة من الاغتراب- فيعتقد أن مقاطعة السفارة الأميركية إجراء غير مُجد لأنه سينطلق بمبادرات فردية فرص نجاحها ضئيلة.
وحول الخطوات التي من شأنها إحداث تأثير وضغط على المستويين الشعبي والحكومي في أميركا، قال إنه لا بد من الانطلاق بحملة مقاطعة جماعية شاملة تُوجع أميركا.
وأردف “الدول العربية والإسلامية شريكة بما أقدم عليه ترامب، ولو حدث العكس لكانت أولى خطواتها الاحتجاجية طرد القناصل والسفراء والدبلوماسيين من بلادها بُعيد الإعلان.. السوق العربية غارقة بالمنتجات الأميركية وعلى رأسها الأسلحة، فلو أقدمت الدول على مقاطعة شرائها والشعوب على مقاطعة مطاعم الوجبات السريعة والسيارات الأميركية سيطيح ذلك بترامب”.
زياد الحموري يدعو لمقاطعة البضائع الأميركية واستبدالها بالبضائع المحلية والتركية والأوروبية (الجزيرة) |
المقاطعة
من جهة أخرى، رأى مدير مركز القدس للحقوق الاقتصادية والاجتماعية زياد الحموري أن مقاطعة السفارة ليست أمرا سهلا، خاصة لأولئك الذين يعيشون في المدينة المحتلة ويحملون الجنسية الأميركية، لكنه يرى ضرورة ملحة في مقاطعة البضائع.
وأضاف الحموري أنه يُبرر للمقدسيين عدم تمكنهم من مقاطعة كافة المنتوجات الإسرائيلية لأنهم يعيشون في مدينة محتلة، لكنهم حتما يستطيعون مقاطعة البضائع الأميركية واستبدالها بالبضائع المحلية والتركية والأوروبية.
أما الكاتب السياسي المقدسي راسم عبيدات فيرى أن الخطوة الأميركية الأخيرة بدمج القنصلية بالسفارة هي مجرد استكمال لإعلان ترامب، الذي يتناقض مع القانون الدولي باعتبار القدس منطقة محتلة.
وأشار إلى أن خيارات المقدسيين صعبة إذ يرفضون التعامل مع السفارة ككيان في مدينتهم المحتلة من جهة، وهم مضطرون للتردد عليها لتسيير معاملاتهم من جهة أخرى، كما تمنى أن تُطرح بدائل بالتوافق بين الأردن والسلطة الفلسطينية للتوجه للسفارة الأميركية في عمان على غرار ما جرى إقراره لأهالي الضفة الغربية.
بدوره اعتبر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات أن دمج القنصلية بالسفارة يمثل المسمار الأخير في نعش دور الإدارة الأميركية في صناعة السلام.
يذكر أن “وحدة الشؤون الفلسطينية” ستعمل في مقرها الحالي، لكن أزيلت اللافتة النحاسية التي كُتب عليها “القنصلية الأميركية العامة في القدس” واستبدلت بلافتة السفارة الأميركية، وستخصص مكاتب للسفير الأميركي ديفد فريدمان وموظفيه في المقر بعيدا عما نُشر في وسائل الإعلام حول نية انتقاله للإقامة في المبنى.
المصدر : الجزيرة