المشهد في المملكة المتحدة يبدو بالغ التعقيد، حيث يفصل بريطانيا أقل من ثلاثة أشهر عن موعد الخروج من الاتحاد الأوروبي في ظل صراع حزبي وانقسام برلماني، في حين يشعر المواطن العادي بالقلق من المجهول الذي ستنتهي له البلاد في 29 مارس/آذار المقبل إذا حل هذا التاريخ دون التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي.
بين فرح معارضي البريكست الذين احتفلوا أمام ساحة مجلس العموم فور إعلان رفض مشروع ماي، وأحزان وكوابيس رئيسة الوزراء وحكومتها التي ستواجه غدا مذكرة لسحب الثقة يحبس البريطانيون أنفاسهم بانتظار نهاية لهذا المسلسل الذي أدخل البلاد في دوامة من الأزمات.
ماي تواجه اليوم جلسة للتصويت على سحب الثقة (رويترز) |
السيناريوهات المطروحة:
يمكن حصر السيناريوهات المطروحة الآن عقب فشل مشروع رئيسة الوزراء في التالي:
• خسارة رئيسة الوزراء الثقة مساء اليوم الأربعاء في اقتراع سحب الثقة الذي قدمه زعيم المعارضة جيرمي كوربن، وفي هذه الحالة يمنح البرلمان المعارضة فرصة 14 يوما لتشكيل حكومة جديدة، وفي حال تعثر تشكيل حكومة جديدة تتم الدعوة إلى انتخابات عامة.
• أن تكسب ماي الثقة، وهو المرجح حتى اللحظة، وفي هذه الحالة فإن لديها ثلاثة أيام للعودة إلى البرلمان بحلول أخرى أو تعديل على الاتفاق الذي قدمته أمس، وفي حال رفضه خطتها الجديدة تكون بريطانيا أمام واحد من الخيارات التالية:
– الخروج دون اتفاق.
– أن يجبرها البرلمان على تأجيل الخروج حتى يتم إنجاز اتفاق جديد.
– إجراء استفتاء جديد إذا تمكنت الحكومة البريطانية من تأجيل المهلة الممنوحة لها للخروج.
– أن تغير ماي رأيها وتوقف البريكست بسحب المادة 50.
ويرى الخبير القانوني علي القدومي أنه بعد فشل مشروع ماي فإن الباب سيفتح أمام سيناريوهات عدة تتراوح بين الخروج دون اتفاق، أو تأجيل تاريخ الخروج والدعوة لانتخابات مبكرة، أو حشد دعم كاف لتنظيم استفتاء شعبي جديد.
ومن بين كل هذه الاحتمالات يرجح القدومي خيار تأجيل موعد الخروج المحدد، لأن المهلة المتبقية لبريكست قد لا تكون كافية لإعادة التفاوض بشأن اتفاق جديد أو تنظيم انتخابات.
خريطة طريق
ولقراءة أعمق للمشهد السياسي لا بد من استحضار التصويت الذي تم بالبرلمان في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي والذي قضى بمنحه قوة ومشاركة أكبر في اتخاذ القرار بشأن بريكست.
يضاف إلى ذلك التصويت الذي أجري في التاسع من الشهر الجاري والذي قضى كذلك بأن تعود رئيسة الوزراء إلى البرلمان بخطة بديلة في حال فشل مشروعها، ليتبين من هذين التحركين البرلمانيين أن مجلس العموم يسعى لسحب ملف بريكست تدريجيا من يد رئيسة الوزراء.
وفي هذا السياق، يعبر المحلل السياسي بصحيفة تايمز ماثيو باريس عن رأيه بأن الحل للأزمة القائمة يكمن في سحب البرلمان ملف البريكست من رئيسة الوزراء التي وصفها بـ”أنها في غيبوبة”، كما اعتبر أيضا “أن زعيم المعارضة جيرمي كوربن يلعب هو الآخر على الوقت ولا يريد اتخاذ موقف محدد”.
ويعبر الكاتب البريطاني عن رأيه بقوله إن من يريد الخروج دون اتفاق هم أقلية صغيرة، وإن خريطة الطريق لإنقاذ بريطانيا تكمن برأيه في السعي للتوصل إلى اتفاق أفضل في مايو/أيار بعد تأجيل موعد الخروج، أو الدعوة لاستفتاء شعبي جديد على العلاقة مع الاتحاد الأوروبي، أو كلا الأمرين.
يشار إلى أن تمديد فترة البقاء داخل الاتحاد الأوروبي يحتاج موافقة الدول الأعضاء الـ28 في الاتحاد، أما إلغاء الخروج فتستطيع بريطانيا أن تقرره في أي لحظة قبل الموعد المحدد في مارس/آذار المقبل دون الحاجة لموافقة الأعضاء.
وبعد ظهور النتيجة احتفل مؤيدو البقاء في الاتحاد الأوروبي أمام مجلس العموم البريطاني، وذلك في سياق رفض متصاعد للخروج منه وبروز تيار شعبي عريض يطالب بتنظيم استفتاء جديد لتحديد مستقبل العلاقة معه.
المصدر : الجزيرة